“أفا… آخرتها مسح”؟!
صالح الغنام
المسألة لا تحتاج إلى نباهة أو عبقرية ونبوغ, إذ يمكن حتى لمحدودي الذكاء, التفريق بين الصادق الذي يشتغل بجد ويعمل بإخلاص, وبين “الكلمنجي” الذي لا تأخذ منه سوى الهذرة الفارغة. وفي السنوات الأخيرة – منذ 15 سنة تقريبا – لاحظت أن معظم وزرائنا الأفاضل, استنسخوا بالكربون طريقة وأسلوب عمل نظرائهم في إحدى الدول العربية الكبيرة, المشهود لوزرائها بدغدغة مشاعر مواطنيهم الغلابة, بتقديمهم وعودا تجعل من البحر طحينة, لفرط ما فيها من خيال… اللذيذ في الأمر, أن مواطني تلك الدولة الشقيقة, تعودوا على “هياط” وزرائهم ولم تعد تؤثر فيهم وعودهم, بفضل ما صار لديهم من مناعة!
طبعا, نحن بعد عام أو عامين, سنكتسب – بإذن الله تعالى – تلك المناعة, وسنحيي السادة الوزراء على إنجازاتهم, حتى قبل تأديتهم اليمين الدستورية… “تقصُّون علينا, نقص عليكم”. عموما, ليس موضوعي اليوم عن وعود الوزراء, وإنما عن شيء آخر, فيوم أمس, قرأت خبرا عن استعداد وزارة الشباب لإجراء مسح ميداني شامل, للتعرف على أفكار الشباب ومتطلباتهم وطموحاتهم, وسبب ذلك, أن وزارة الشباب, التي أنشئت من أجل الشباب, والتي يقودها طاقم من الشباب, لا تتوفر لديهم معلومات تخص الشباب, ولا يعرفون رغبات الشباب, لذلك, سيسألون الشباب: ماذا تريدون يا شباب؟
بيني وبينكم, بعد أن قرأت الخبر أعلاه, فكرت بثلاثة اختيارات, إما أن أشد شعري, أو ألطم على خدودي, أو أركض حافيا بالشارع, ولكني تراجعت, فلا الجو الحار يسمح, ولا الصحة تساعد, ولا الدين يجيز تعذيب النفس. والذي زاد تراجعي تراجعا, إنني تذكرت سوابق مشابهة للمسح الذي ستجريه وزارة الشباب, فمجلس الأمة عملها من قبل في استفتاء الأولويات, ويومها كانت المفاجأة الكبرى التي صعقت النواب وأذهلت الحكومة وأدهشت المجتمع, حين اختار الناس القضية الإسكانية كأولوية, وبالفعل, فلم يكن هناك جنس مخلوق يعلم بأهمية تلك القضية, لولا أن فتح الله على نواب المجلس بفكرة الاستفتاء!
على فكرة, أنا أداري غضبي بالسخرية, فلو رضينا بهذا, فستجري وزارة الصحة مسحا تسأل فيه المواطنين عما يريدونه من خدمات طبية, وتتبعها وزارة الداخلية باستفتاء أمني, وكذلك ستفعل “الشؤون” و”التربية” و”البلدية” وسائر الوزارات, يعني “نقزرها” مسح واستفتاء واستطلاع آراء… باختصار, من يريد أن يعمل, يعرف طريق ذلك من دون بهرجة وتكسب إعلامي ومماطلة وتسويف, فوثيقة الشباب موجودة, وسبق لقياديي الوزارة, أن وصفوا الوثيقة بخارطة الطريق التي حصرت أولويات الشباب كافة, فضلا عن أن المسح يكون ذا جدوى, بعد الإنجاز وتقديم الخدمات وإنشاء المرافق, عندها يمكن استطلاع آراء الشباب, ومعرفة ما إذا كانت تلك المرافق والخدمات تلبي طموحاتهم أو تحتاج إلى تطوير!
salehpen@hotmail.com