مقالات

هناك من يقطع الأرزاق

بعد هذا العمر الذي قضيته في هذه الحياة الفانية، وبعد كل ما قرأت وسمعت ورأيت وخبرت، تيقنت ان ابن آدم بالفعل ﻻ يملأ عينيه اﻻ التراب، فهذا اﻹنسان الذي قال عنه المولى جل شأنه اذا مسه الخير منوعا واذا مسه الشر جزوعا جشع طماع، وطمعه وجشعه ﻻ حدود له يقف عندها خاصة ذلك المتعلق بالمال، وليس غريبا على من يملك جبلا من ذهب ان يحلم بجبل آخر معه، وﻻ مانع من ثالث ورابع وخامس، وكلما زاد الرصيد زاد الطمع، وكلما زاد الطمع تصرف اﻹنسان بكل ما من شأنه اشباع تلك الغريزة السيئة ومن ضمنها سحق غيره من البشر.منذ حوالي الشهرين كتبت مقالة اعجاب باﻹجراءات الشديدة التي اتخذتها وزارة التجارة في المملكة العربية السعودية حيال بعض الشركات التي ارتكبت جريمة الغش التجاري، ولم تتعامل مع الزبائن حسب القوانين واﻻشتراطات الموضوعة فغرمتها وأغلقتها، واﻻن هناك مشكلة أخرى آخذة في التوسع، وهي مشكلة تتسبب بقطع أرزاق الناس وهو أمر لا يمكن ان ترضى عنه اﻹدارة في المملكة دع عنك ان تسمح فيه، وأقصد هنا قضية ايجارات المحلات التجارية التي تكاد تصبح فلكية.ملاك المحلات في الرياض رفعوا الايجارات عدة مرات، ووصلوا الى مستويات ﻻ تكاد تغطيها المبيعات، دع عنك ان يحقق المؤجرون من التجار الصغار ربحا يسيرون فيه أمور حياتهم ما اضطرهم الى تلك المحلات، وتركها للآسيويين القادرين على دفع ايجاراتها المرتفعة، وأعرف صاحب محل طولب بدفع 200 ألف ريال سنويا ايجارا لمحل صغير يبيع فيه اﻷجهزة الكهربائية واﻻ فالباب يفوت جملا، ففات الجمل من الباب ونوخ في البيت، والشكوى لله.تاجر بسيط آخر من أهل الدمام سيترك دكانه الصغير الذي يبيع فيه بعض المستلزمات النسائية واكسسوارات الشعر لنفس السبب، فمن البلاهة ان يدفع ايجارا يفوق مبيعاته وأرباحه معا، وفي النهاية يبقى الرزق على الله.أكتب عن هذا الموضوع ﻷهميته فقطع اﻷعناق يعادل قطع اﻷرزاق، ومع ناس جشعين ﻻ يريدون ان يكتفوا من الفلوس، ويضيقون على الناس في لقمة عيشهم، ﻻبد من تدخل الدولة فهؤلاء المواطنون مسؤوليتها، وخلفهم أمهات وزوجات وأبناء وأخوات يريدون ان يعيشوا، وهم ليسوا من أصحاب الشهادات لكي يعملوا بها، وعمرهم كله قضوه في محل بسيط يكسبون منه رزقهم، فماذا سيفعلون بعد ان أجبروا على ترك دكاكينهم بسبب ايجارات مرتفعة ﻻ يقدرون على دفعها.هذه المشكلة أضعها بين أيدي المسؤولين في المملكة لفرط أهميتها فما أبشع ان يفقد المواطن مصدر رزقه بسبب شخص ﻻ يخاف الله.

عزيزة المفرج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.