الحوثي وصالح يتحملان دماء الأطفال
باسل الجاسر
عاصفة الحزم جاءت كنتيجة حتمية للتسلط والطغيان الذي مارسه الحوثي بدعم وتحريض من المخلوع علي عبدالله صالح، بسبب ما امتلكاه من قوة السلاح الذي يفتقده أو لا يملك مثله باقي مكونات الشعب اليمني.. فذهبا بعيدا في الاستخفاف بشركائهما في الوطن وراحا يفرضان عليهم إرادتهما بقوة السلاح.. بل انهما انقلبا على ما وقعا عليه بمحض إرادتهما من اتفاقات شهدت عليها هيئة الأمم المتحدة ومجلس التعاون وكانا ضامنين لهذه الاتفاقات.. لدرجة انهما (الحوثي وصالح) قاما بحبس الرئيس الشرعي ورئيس الحكومة وبعض الوزراء لأنهم لم يذعنوا لإرادتهما ولم يطلقاهم إلا بعد ان أجبرا الرئيس على تقديم استقالته.. أي إنهما نسفا طاولة الحوار وقالا بالفم الملآن وبكل الوضوح والصراحة لشركائهما بالوطن ومحيطهما الخليجي والمجتمع الدولي رعاة الحوار اليمني وضامنيه: سنأخذ ما نريد بما نمتلكه من قوة السلاح دون مراعاة للجميع.
فما المتوقع من شركائهما بالوطن ممن لا يملكون القوة الكافية، وما المتوقع من شركائهما بالإقليم وهو مجلس التعاون الخليجي وهم يرون تغول إيران على اليمن؟ والحوثي يقول «الحج السنة القادمة بدون فيزا..» والإيراني يقول «سقطت العاصمة العربية الرابعة بيدنا» هل يتوقع أحد أن تقف السعودية ومجلس التعاون الخليجي مكتوفي الأيدي أمام هذا الطغيان والانقلاب على الاتفاقات والشرعية ونسف طاولة الحوار والخطر الذي بات يتهددهم ويتهدد دولهم؟
إنني والله لأعجب ممن يتباكى اليوم على شن مجلس التعاون عاصفة الحزم التي اجبرهم عليها الحوثي وصالح جبرا.. وكانوا صامتين بل والبعض منهم كانوا فرحين باجتياحات الحوثي وصالح للمحافظات اليمنية عبر القصف المدفعي المركز الذي أوقع الكثير من القتلى في صفوف الأطفال والنساء والأبرياء إلى أن وصلوا إلى عدن، وهم حتى الآن يقصفون المناطق التي ترفضهم دون رحمة.. وهم لا يتباكون إلا على ضحايا عاصفة الحزم ويصمتون لسقوط الضحايا على يد الحوثي وصالح، والحقيقة ان عاصفة الحزم انطلقت كنتيجة للطغيان والإقصاء الذي مارسه الحوثي وصالح بحق شركائهما بالوطن وشركائهما بالدين والعروبة والإقليم.. ومحاربة الطغيان والإقصاء باركها معظم اليمنيين ومعظم الإقليم الخليجي، عندما قام الحوثي باجتياح صنعاء لطرد الطغيان الذي مارسه الإخوان المسلمون بحق الشعب اليمني.. وباركته شخصيا في مقال نشر هنا تحت عنوان «الصلف الإخواني وقبول الحوثي» بتاريخ 25 سبتمبر 2014 وكان المتوقع ان يطهر الحوثيون صنعاء من صلف جماعة الإخوان المسلمين ويعودوا لصعدة حيث قواعدهم، إلا انه تمادى وقضى على الصلف الإخواني ليمارس هو وصالح ذات الصلف بل وبشكل أوسع وأظلم على كل أرجاء الوطن اليمني وتعداه لدول الجوار.
والواقع ان الحرب شر مطلق وعمل تكرهه النفس البشرية وله ضحايا من الأبرياء، ولكنه شر لا بد منه أحيانا، فوطني الكويت لم يتحرر من الغزو الصدامي وصلفه الا عبر عاصفة الصحراء المجيدة.. بل العالم دخل الحرب العالمية الثانية لصد صلف هتلر وطغيانه.. فهل نحمل العالم المتحضر مسؤولية ضحايا الحرب العالمية الثانية التي سقط فيها ملايين القتلى والمعاقين من الأبرياء؟ ام نكون عادلين ونحمل مسؤولية هذا الكم الهائل من الضحايا لصلف وطمع هتلر؟ وكذلك حرب تحرير وطني الكويت بالعام 90 التي سقط فيها الكثير من الضحايا الأبرياء، فهل يعقل ان نحمل المسؤولية للكويت وطنا وشعبا ومن ورائهم التحالف العربي والدولي؟ ام نكون منصفين ونحمل المسؤولية للمسؤول وهو هنا المقبور صدام وصلفه وطمعه؟ واليوم في اليمن وبعد الصلف والطغيان الذي مارسه الحوثي والمخلوع صالح وانقلابهما على ما وقعا عليه، فهل يعقل ان يحمل عاقل ومنصف المسؤولية لعاصفة الحزم جراء سقوط الضحايا الأبرياء وتدمير بعض البنى التحتية التي استخدمها الحوثي وصالح كملاذات آمنة لجنوده وعتاده العسكري، ونبرئ المتسبب الحقيقي في هذه الحرب؟ ان من يحمل اليوم المسؤولية لعاصفة الحزم يجب ان يكون منصفا ويحمل ضحايا الحرب العالمية الثانية لمن دافع عن نفسه في مواجهة الغزو النازي.. وكذلك عليه ان يحمل مسؤولية ضحايا عاصفة الصحراء التي حررت الكويت والكويتيين.. لكي يتسق مع منطقه المتغير بحسب ما يرى ولا أقول بحسب ما يشتهي.. فهل من مدكر؟
baselaljaser@hotmail.com
baselaljaser @