مقالات

شراسة!

صالح الغنام

هناك من يؤكد أن من يقتني كلباً شرساً, إنما يداري جُبنا مخبوءاً بداخله, ويستر خوفاً يسكن أضلاعه. إذ لا رحمة ولا شفقة ولا معنى لاقتناء كلب شرس, إلا إن كان الغرض إرهاب الناس وتحذيرهم بأن التعامل سيكون مع الكلب لا مع صاحبه. وقد يكون الذي استشف هذا الرأي, لاحظ ضعفا في شخصية بعض مقتني هذه الحيوانات الشرسة, وانتبه لحرصهم على اقتناء أشرس فصائل الكلاب المهجنة, التي يتم استيرادها بمبالغ طائلة من أوروبا الشرقية. أو أنه رصد السعادة الغامرة التي تعلو وجوه أصحاب الكلاب الشرسة, وهم يمازحون أصدقاءهم بإطلاق الكلاب عليهم, لكونهم وجدوا أخيراً من يهابهم ويحسب لهم حسابا, وهو شعور لم يألفوه من قبل, لولا فضل الكلب عليهم.
وهناك من يقول, وهو قول مرسل من دون دليل: إن تجار المخدرات ومتعاطيها, هم أشد حرصا على اقتناء الكلاب الشرسة, لاعتمادهم عليها في مواجهة رجال المباحث, ومشاغلتهم أثناء المداهمة, لحين التمكن من الهروب, أو لحين التخلص من المخدرات… الشاهد, أن الأمر لم يقف عند حد اقتناء الكلاب الشرسة, بل صرنا نشهد شيوع ظاهرة اقتناء حيوانات ضارية, مثل الفهد والنمر والأسد, وهي حيوانات خطرة لا أمان لها, ولا يمكن لسفيه أو جاهل إيواؤها في منزله, بزعم أنه قادر على التحكم بها. فهذه الوحوش الكاسرة, انقلبت على أمهر المروضين وأشطر المدربين وقطعت أجسادهم أوصالاً, فـ”إيش” تكون أنت يا صعلوك, حتى تدعي قدرة لا تمتلكها?!
قبل يومين, نشرت الصحف خبر إطلاق رجال شرطة تيماء النار على لبؤة افترست راعي أغنام, ولولا أن الصحف ذكرت منطقة تيماء, لظننا أن الحادثة وقعت في أدغال كينيا. لذلك, وإزاء شيوع هذه الظاهرة, أضحت وزارة الداخلية تتحمل مسؤولية التعامل بحزم مع كل من استسهل بغباء اقتناء هذه الحيوانات المفترسة, فحياة الناس ليست لعبة. والمسؤولية تقع كذلك على الجمارك, إذ حتى وإن قيل, إن موظفي الجمارك يجهلون نوعية الحيوان لكونه يدخل صغيرا وشكله يشبه القطة, فيمكن الاتفاق مع مراكز بيطرية متخصصة خارج البلاد وداخلها, وإرسال صورة الحيوان لهم عبر “الواتساب”, وسؤالهم: “هذي قطوة وإلا أسد, هذا تيس وإلا حصان, هذا بعير وإلا نملة… وفكونا, أجلكم الله”!

salehpen@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.