مقالات

غموض!

صالح الغنام

أن يتم استصغار المواطنين, بالتعتيم الإعلامي, وبعدم مصارحتهم ومكاشفتهم بحجة عدم إثارة المخاوف في نفوسهم, وبذريعة أن الحكومة هي الوصي عليهم, وبأنها “الأبخص” في إدارة شؤونهم. فهذا قد يبدو مفهوما ويمكن تجرعه على مضض, ولكن في بعض القضايا تحديدا, وليس على إطلاقها. ففي القضية المثارة بشأن عزم شركة “شيفرون” إغلاق حقل الوفرة المشترك بين السعودية والكويت, بتاريخ 9 مايو 2015 جراء مشكلات إدارية وفنية, تسبب بها الطرف الكويتي ممثلا بوزارة “الشؤون” التي أغلقت ملف الشركة لديها, وتوقفت عن منح وتجديد تراخيص عمل موظفيها!
فهذا العذر لا يمكن أن ينطلي على أحد, أو يمر مرور الكرام, فالحقل الذي تزمع شركة “شيفرون” إغلاقه بعد أيام, يمثل أهمية قصوى للكويت, فهو وبمعدل إنتاجه الذي يتراوح ما بين 200 إلى 250 ألف برميل يوميا. والذي قد تراجع بنسبة 20 في المئة, فوصل معدل إنتاجه إلى 180 ألف برميل يوميا, وذلك, بعد القرار المفاجئ بوقف إنتاج حقل الخفجي في أكتوبر الماضي, لأسباب بيئية, وهو القرار الذي كبد الكويت خسائر تقدر بنحو 15 مليون دولار يوميا. فهنا, لا مبرر للصمت الحكومي, ولا مسوغ لتجاهل هذه القضية المصيرية التي تمس مصدر رزقنا الوحيد, وغير جائز التعامل مع هذا الموضوع ببرود وبلا مبالاة, وتركه عرضة للشائعات والتأويلات الشخصية!
ندرك تماما ما يشوب الموضوع من حساسية. ولكن مثل هذه الاعتبارات تتلاشى, متى علمنا أن وقف العمل في حقل الوفرة سيشكل مع ما سبقه من وقف لحقل الخفجي, خسارة الكويت لما يزيد عن ثلث إنتاجها من النفط يوميا. لذلك, مطلوب من الحكومة, أن تتصرف بمسؤولية حيال هذا الموقف الجلل, وتصارح الشعب بإصدار بيان تكشف فيه جميع الحقائق, بدلا من تركه يعيش حالة مد وجزر جراء ما تنشره وكالات الأنباء العالمية من أخبار تخص الموضوع. فما بالك, وقد راجت شائعات مجهولة المصدر أشارت لتعمد شخصيات نافذة الضغط على جهات بعينها لعرقلة العمل في الحقل, لأطماع خاصة ومصالح ضيقة, وهو أمر لو صح, لاستوجب رجم تلك الشخصيات بساحة الصفاة.
انظروا إلى أين جرنا الصمت الحكومي, انظروا كيف تدحرجت الشائعات حتى كبرت ووصلت إلى حدود اللامنطق وغير المعقول? أريحونا بالمكاشفة والمصارحة والشفافية, أريحونا وأزيلوا ما اكتنف هذه القضية من غموض, فالمسألة تتعلق بالدخل القومي للبلاد, وهي أكبر من حسابات الحساسية ومراعاة الخواطر. ثم إن شركة “شيفرون” لها مصالح كبيرة في القطاع النفطي, فتعلموا من خطيئتكم الكبرى مع شركة “داو”, والعبوها صح هذه المرة, ولا تكرروا الخطأ مرتين!
صالح الغنام
salehpen@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.