الملك سلمان… قصة تُروى!
صالح الغنام
لو سئلت عن الأسلوب الذي تتبعه معظم حكومات الخليج في إدارة المشكلات والتعاطي مع الأحداث, لأجبت بجملتين, الأولى: “الرهان على الوقت”, والثانية: “الخوف من التجديد”. وفي يقيني, أن العبارة الأولى ليس فيها من الحكمة شيئا يذكر, فطبيعي جدا, أن الأحوال تتغير ولا تستقر على حال, وبديهي جدا, أن مرور الزمن كفيل بتضاؤل أكبر القضايا وأخطرها. إذاً, الفضل هنا يعود للصبر والقدرة على الاحتمال, وليس الرهان على الوقت. وهذا ما جعل فرصة محاسبة الفاسد معدومة, بحجة منحه فسحة من الوقت, عله يتوب ويرتدع. وكذلك عند التورط بتعيين شخص غير كفء, لا يُصحح الوضع بعزله, بل تصدر الأوامر بالتريث, لاحتمال ارتكابه حماقة فيبتعد من تلقاء نفسه.
ما يعني أن “الرهان على الوقت”, هو في حقيقته إرجاء للحسم, وتردد في اتخاذ القرار, وتأجيل للمواجهة. أما الجملة الثانية: “الخوف من التجديد”, فهي تعني أيضا, الركون للسكون, والتعامل مع المألوف, والخشية من تغيير ما هو قائم. ويكفي كدليل, أن ثلاثة أرباع المناصب العليا في بلداننا, محصورة بمجموعة ضيقة من الأسماء, يتم اجترارها وتكرارها مع كل منصب شاغر أو مستحدث, بصرف النظر عن نجاحها أو فشلها في المناصب التي تولتها سابقا. وهذا بحد ذاته, يكشف عن حجم الارتعاب من فكرة تجديد الدماء, أو التعامل مع أشخاص جدد. وهو بالضبط ما جعل طبيعة عمل معظم حكومات الخليج تتسم بالجمود والمراوحة في المكان وعدم التطور.
إلا أن هذه الصورة النمطية السائدة عن معظم حكومات الخليج, هبت عليها رياح الاستثناء من أكبر دول المنطقة. فمنذ ارتقى الملك سلمان بن عبدالعزيز عرش الحكم في المملكة العربية السعودية, لم يكتف بتحريك المياه الراكدة فقط, بل جعلها تتحول إلى ما يشبه الطوفان بفضل ما اتخذه من إجراءات وقرارات غير مسبوقة خلال فترة وجيزة, وعلى المستويات كافة. عسكرياً “عاصفة الحزم”. حكومياً “إقالة وزيرين خلال شهرين”. إدارياً “إعادة هيكلة شركة “أرامكو” وفصلها عن وزارة النفط”. تنظيمياً “ترتيب مستقبل الحكم” و”ضم ديوان ولي العهد إلى الديوان الملكي”. وهذه كلها قرارات مصيرية حاسمة, اتخذها جلالته خلال ثلاثة أشهر فقط منذ توليه الحكم.
ما فعله الملك سلمان, أمر أكبر من أن يمر مرور الكرام, بل لا أشك مطلقا في أن حزمه وحسمه وطريقته في اتخاذ القرارات الجريئة, وأسلوب عمله المتفرد, سيؤثر إيجابا في حكومات دول الخليج, وسيجعلها تحذو حذوه. فالعاهل السعودي, أضحى حديث شعوب الخليج, وقائدا عربياً ملهما يُنظر إليه بإعجاب واحترام وتقدير, كيف لا, وهو قد كسر الدارج والمألوف, وأحال السكون حراكاً, وجعل مملكته تنبض بالحياة وتتجدد بالحيوية وتنهض بالشباب… أشهد أن ما فعله الملك سلمان في 90 يوما, يرقى ليكون قصة تُروى.
* صالح الغنام
salehpen@hotmail.com