أهم الأخبارعربي و دولي

خلافات داخلية تمزق داعش

كتب الصحفي مات برادلي في ٢٥ مارس( آذار) الماضي، في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، تقريراً حول الصراع المتنامي بين مقاتلي داعش المحليين وزملائهم الأجانب في العراق وسوريا يرد فيه حد أسباب تلك التوترات إلى القتال الوحشي الذي يخوضه التنظيم، والخسائر المادية التي يعاني منها، سواء في الأرواح والأموال أو المناطق.
ويعزو أيضاً تلك التوترات، إلى معاملة المقاتلين الأجانب بشكل أفضل من نظرائهم المحليين، ومنحهم مراتب أرفع، ورواتب وامتيازات أفضل، إضافة الى النظر إليهم باحترام أكبر، باعتبارهم أداة نافعة في الترويج للتنظيم. وقد أدت تلك العوامل مجتمعة إلى شحن نفوس المقاتلين العرب، وكذلك السكان.
نقاط لافتة
لكن، حالة التوتر بين مقاتلي داعش تلفت لبعض النقاط الهامة برأي الدكتور براد نيلسون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سانت أكسافيير، ورئيس مركز السلام والصراع الدولي للأبحاث، ونائبه الدكتور يوهانس سليمان، المحاضر الجامعي اللذين عبرا عن رأيهما في العدد الأخير من مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية.
ويقول الكاتبان إن ظاهرة الانقسامات والعنف في صفوف مقاتلي داعش حقيقة، على رغم عدم تسليط الإعلام الضوء عليها، وعدم تحليلها في شكل وافٍ.
ولكن، وفق نيلسون وسليمان، ناقضت تقارير حديثة ما ورد في تقرير برادلي، قائلة إن المقاتلين الأجانب هم الذين غالباً من يعاملون بشكل أسوأ من نظرائهم المحليين.
الهند وباكستان
ويقول الكاتبان إنه، في بعض الحالات، يعتبر مقاتلون أجانب، وخاصة من جاؤوا من الهند وباكستان وأفريقيا، أقل اندفاعاً للقتال من المقاتلين العرب، ويعاملون كوقود للحرب، ويرسلون إلى الخطوط الأمامية بحيث يقتلون بسهولة، كما يتم “خداعهم” عبر تحميلهم عبوات انتحارية، خلافاً للمقاتلين الأرفع مستوى الذين لا يعاملون بتلك الوحشية. ولكن هناك شيء آخر، إذ إن الوعود بتحقيق ثروات والحصول على كماليات لا تتحقق أبداً، لا بل يجبر هؤلاء على القيام بأعمال وضيعة، مثل صنع الكباب، أو تنظيف الحمامات، والعمل كخدم لأعضاء حقيقيين في صفوف داعش. ويخضع هؤلاء، في حياتهم اليومية، لمراقبة ومتابعة من زعماء داعش. ويسود بين هؤلاء المقاتلين الأجانب اعتقاد بأن قيمتهم في نظر داعش لا تساوي شيئاً سوى في استغلال ولائهم للتنظيم كأداة للدعاية له. ولكن، وبشكل عام، يشعر معظم هؤلاء الأجانب بأن قيادة داعش تستغلهم وتسيء إليهم.
تضارب
وتطرح تساؤلات عن سبب ورود تقارير متضاربة حول كيفية معاملة داعش لمقاتليه الأجانب، وكيفية تفاعل المقاتلين المحليين معهم.
ويقول الكاتبان إن إحدى الوسائل المفيدة لشرح حقيقة ما يجري، هي قراءة التحليلات الاجتماعية والنفسية للأوضاع في المناطق الخاضعة لسلطة داعش، فضلاً عن استكشاف ديناميت العمل داخل التنظيم وخارجه.
وتشير التحليلات إلى أن اتساع التصدعات وسط داعش هو نتاج معتقدات وأفكار في شأن من يشكل المكون الرئيسي للتنظيم. وبمعنى آخر، من هم الأعضاء الفعليون لداعش، ومن هم المزيفون أو المتظاهرون بالولاء له؟.
دخلاء
ويلفت نيلسون وسليمان إلى أن سمات الأعضاء “الداخليين” هي العرق والدين، بالطبع. ويحظى السنة العرب بأرفع مكانة. كما تحتل عوامل أخرى أهمية كبيرة، كالتواصل القديم مع أعضاء في داعش( وخاصة كبار قادته)، والخبرة العسكرية والثروة. وتساهم تلك العوامل بتمكين المجندين الجدد من الحصول على قيمة إضافية، نظراً إلى مساهماتهم في دعم التنظيم، سواء بالخبرات والموارد، وخاصة عند الأخذ في الاعتبار تراجع موارد داعش، في الوقت الحالي، ومع استمرار هزائمه وخسارته لعدة مناطق، ومقتل عدد من كبار عناصره.
دور النساء
ويتناول كاتبا التحليل دور النساء الهام بالنسبة إلى داعش، بغض النظر عن عرقهن أو جنسياتهن. فهؤلاء يقمن بمهام الطهي وتنظيف البيوت والملابس، والأنجاب، والأهم إغراء مجندين جدد للمشاركة في القتال ضد الخصوم الكثيرين لداعش. ولكن كما أشارت ميا بلوم، وهي كاتبة كندية، وآخرون، تشعر المجندات بخيبة أملهن حيال دورهن ووظيفتهن ضمن صفوف داعش في العراق وسوريا، حيث لم تشاهدن الجنة التي وعدن بالعيش في ظلها.
تبخر وعود
وهناك عناصر آخرون لا يحظون بتقدير وافٍ، ويعتبرون دخلاء . وهؤلاء هم المجندون الآتون من جنوب آسيا وشرقها، والمجندون لأول مرة، والفقراء، ومن يفتقرون لخبرات قتالية. ويتلقى هؤلاء بإغراءات من أجل الانضمام إلى داعش، ويرحب بهم، ولكن ما إن يصلوا حتى يتغير كل شيء، فتتحول عبارات الود، وقائمة الوعود الطويلة إلى سراب. ويحل مكان كل ذلك القتال والعنف. ولأن تلك النوعية من المجندين غير موثوقة، فإن أفرادها لا يعتبرون متحمسين للقتال، وقليلاً ما يشاركون في معارك داعش، بل يرسلون غالباً لتنفيذ عمليات انتحارية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.