صلاح الساير يكتب: طائفة إبليس

قبل نحو عشرة قرون في مدينة البصرة تأثر بعض المفكرين العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية وبالأفكار الفارسية والهندية وتمكنوا من تشكيل جماعة سرية تعنى بشؤون الفكر والفلسفة والتأمل في ظواهر الطبيعة بعقول ناقدة فاحصة، وقد حملت تلك الجماعة اسم «إخوان الصفا وخلان الوفا» في وقت كان التحدث بالفلسفة كفرا بواحا فرض على أفراد المجموعة التخفي وعدم الإعلان عن انفسهم خشية تعرضهم للأذى والاضطهاد أو القتل.

****

تعود الحياة العقلية عند العرب إلى ما قبل الإسلام. ففي العديد من الأشعار والروايات القديمة نجد أمثلة كثيرة، مثل خطبة «قس بن ساعدة الأيادي» وأشعار «أمية بن الصلت» وقد استمر التيار العقلاني بعد الإسلام، وتجلى علانية في المعتزلة الذين أعلوا من شأن العقل قبل أن يتعرضوا للاضطهاد. وقد اختلفت الآراء الحديثة حول فكر المعتزلة، فالمفكر زكي نجيب محمود يرى انه «جزء من التراث يجب أن نحييه»، أما شيخ الأزهر الأسبق عبدالحليم محمود فيرى أن المعتزلة «طائفة من طوائف إبليس»!

****

في كتابه الموسوم بـ «إخوان الصفا المفترى عليهم» يشير الباحث العراقي رشيد خيون إلى أن في رسائل إخوان الصفا وعددها 52 رسالة ما نحتاج إليه هذه الأيام من انفتاح نسميه «ليبرالية» ونظرة في الطبيعة والمجتمع لنا أن نسميها «علم»، ويضيف الباحث «أن الأذهان حارت في رسائل إخوان الصفا، واختلفت الروايات في وجودهم. شتموا كثيرا ولم يشتموا أحدا. إنهم فكروا وكتبوا بالبصرة، لكن قبل ألف عام. فتأمل خزي الحاضر»!

www.salahsayer.com

جريدة الأنباء

@salah_sayer