المعتوق: اجتماع كبار المانحين يهدف إلى بحث الأوضاع الإنسانية في سوريا
قال رئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية المستشار في الديوان الأميري الدكتور عبدالله المعتوق إن اجتماع كبار المانحين لدعم الشعب السوري يهدف الى بحث الأوضاع الإنسانية في سوريا والعمل على تفعيل خطط الاستجابة الانسانية وحشد الطاقات.
جاء ذلك في كلمة ألقاها المعتوق خلال افتتاح الاجتماع التنسيقي لمجموعة كبار المانحين لدعم الشعب السوري المقام اليوم الاثنين برعاية النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح وبحضور نائب وزير الخارجية خالد سليمان الجارالله والمفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيلبو غراندي ومساعد الامين العام للشراكات الانسانية مع الشرق الأوسط وآسيا رشيد كاليكوف.
وأوضح المعتوق أن الاجتماع يهدف أيضا الى متابعة آخر مستجدات تعهدات الدول والجهات المانحة خلال المؤتمر الدولي الرابع الذي عقد في لندن بفبراير الماضي وبلغت تعهداته أكثر من 10 مليارات دولار “ما يعد نقطة تحول مهمة في العمل الاغاثي من أجل الشعب السوري”.
وأضاف أن الازمة السورية التي تدخل عامها السادس في ظل اعمال القتل والفتك والتهجير والتدمير “تزداد حدة ووطأة رغم الهدنة التي أعلنت لوقف الأعمال القتالية وغيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين”.
وأفاد بأن الواقع يقول إنه “لا صدى كبير لهذه التحركات على الأرض فالأزمة السورية تتفاقم تعقيدا بفعل تضارب المصالح وعجز المجتمع الدولي وغياب الإرادة الدولية عن مواجهة تداعيات الأزمة و اخطارها المحدقة بالعالم”.
وأشار المعتوق إلى ما شهدناه خلال الأيام القليلة الماضية من انتقال المعركة إلى مدينة حلب حيث “حول القصف المجنون بالبراميل المتفجرة بياض التربة إلى مشاهد دامية فيما استهدفت آلة القتل والتخريب الأسواق والمستشفيات”.
ولفت إلى عملية قصف مستشفى (القدس) الذي دمر على رؤوس الاطباء والمرضى حيث “تابعنا استغاثة الضحايا وحشرجات المكلومين تحت الأنقاض في مشهد من مشاهد الخزي والعار والخجل الذي يفوق قدرة البشر على الاحتمال”.
وشدد على “اننا لن نكف عن المطالبة بضرورة وضع نهاية لأعمال القتل والتشريد والتفجير التي ترعاها بعض الدول للأسف الشديد” مؤكدا “اننا بصدد أكبر جريمة إنسانية في التاريخ راح ضحيتها أكثر من 300 ألف قتيل”.
وأكد أن “العمل الانساني ليس بديلا عن العمل السياسي” داعيا المجتمع الدولي لأن “يدفع باتجاه الحلول السياسية الحقيقية للأزمة وتفعيل جميع الأوراق القانونية لحقن الدماء”.
وأشار إلى ضرورة “طي صفحة الحصار الجائر للمدنيين وتأمين وصول عمال الأغاثة إلى مئات آلالاف من المحاصرين من دون قيود أو عوائق” مبينا أن “استمرار محاصرتهم يعد انتهاكا صارخا لقرارات الأمم المتحدة واعتداء آثما على القانون الانساني الدولي وكل الاعراف الانسانية والشرائع السماوية”.
وذكر المعتوق أن “الوضع الإنساني في سوريا يزداد سوءا فهناك 5ر13 مليون شخص من المشردين وهؤلاء نصف الشعب السوري وعلى صعيد الأمن الغذائي فهناك 8ر9 مليون شخص يعانون نقصا حادا في الغذاء وحوالي نصف سكان سوريا لديهم الحد الأدنى المقبول من الاستهلاك الغذائي فيما ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 40 في المئة”.
وأضاف أن نحو 60 في المئة من المستشفيات العامة والعيادات الطبية لا تعمل بكامل كفاءتها في وقت يحتاج فيه نحو 11 مليون شخص إلى مساعدات صحية تزامنا مع ارتفاع وتيرة الأمراض المعدية كالتهاب الكبد الفيروسي وغيره.
وأوضح أن “ما يقارب من ربع مدارس سوريا خارج الخدمة التعليمية حيث تم تدمير حوالي 5000 مدرسة أو تم استخدامها كملاجئ جماعية لأغراض غير تعليمية” مبينا أن “ملف الخدمات الأساسية يمثل تحديا كبيرا بفعل الهجوم المتعمد على المرافق العامة والبنى التحتية”.
وأشار إلى أن “هناك مليوني شخص لا يجدون ماء صالحا للشرب في مدينة حلب في حين تم قطع الامدادات عنهم منتصف يناير الماضي”.
ودعا الدول والجهات المانحة إلى “سرعة الوفاء بتعهداتها خلال المؤتمر الدولي الرابع للمانحين وسرعة تحويل التعهدات إلى مدفوعات فعلية لضمان انسياب العمليات الانسانية لاسيما أن الدول المستضيفة تتحمل عبئا كبيرا يفوق قدراتها الاقتصادية”.
بدوره قال نائب وزير الخارجية خالد سليمان الجارالله في كلمة مماثلة إن “الاجتماع يعقد في ظل ظروف دقيقة وتطورات متسارعة شهدت اشتعال أزمات وكوارث إنسانية غير مسبوقة على مستوى العدد والامتداد الزمني وأرقام الضحايا ضاعفت من وتيرة التحديات وأكدت أهمية وحتمية التعاون الدولي للتصدي لإنهائها ووضع الحلول المناسبة للوقاية في المستقبل من مثيلاتها”.
وأوضح الجارالله أن “العالم شهد خلال السنوات الخمس الماضية كارثة إنسانية تلو الاخرى ألقت بملايين البشر خارج مساكنهم وأوطانهم حيث تجاوزت أعدادهم ال60 مليون لاجئ ومشرد نتيجة انتشار النزاعات والحروب الأهلية”.
ولفت إلى “بروز مظاهر التطرف والإرهاب التي كان لمنطقة الشرق الأوسط بكل أسف النصيب الأكبر منها مبينا أن “أبناء الشعب السوري الشقيق هم الأكثر تضررا من استمرارها في وقت دخلت فيه أزمتهم الإنسانية عامها السادس”.
وأضاف أن “لهيب الكارثة وصراعها الدامي مازال مستعرا حاصدا مايفوق عن 260 ألف قتيل ومايقارب ال 5 ملايين لاجئ ومايزيد عن 5ر13 مليون شخص هم في حاجة أمس الحاجة للمساعدات الإنسانية داخل سوريا في وقت امتدت فيه آثار هذا الصراع الإنسانية والأمنية إلى دول القارة الأوروبية وباتت تداعياته تقوض الأمن والاستقرار الدولي”.
ولفت الجار الله إلى متابعته “بقلق شديد” الآثار المفزعة والمشاهد المروعة التي خلفتها الهجمات الوحشية المدمرة لقوات النظام السوري على مدينة حلب مستهدفة المدارس والمراكز الصحية والمستشفيات تاركة ورائها مئات القتلى والمصابين من الاطفال والنساء والمدنيين الأبرياء.
وأكد أن “هذا المشهد ضاعف من حجم المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية الواقعة على كاهل المجتمع الدولي لإنهاء هذا الصراع الدامي الذي دمر كل مظاهر الحياة ولم يتوانى كافة أطرافه من استخدام كل الاسلحة بما فيها المحرمة دوليا تجاه المدنيين العزل”.
وبين أن “تداعيات هذا المشهد أسهمت بضياع مستقبل الأجيال في سوريا حيث دمرت المدارس وتخلف قطاع التعليم الأمر الذي بات يهدد مستقبل النشء و يتطلب وضع برامج تعليمية عاجلة ومكثفة بالتعاون مع المؤسسات الدولية المختصة لتدارك القصور البين في هذا القطاع”.
وأضاف أنه ادراكا لحجم هذه الكارثة الإنسانية ولضرورة حشد الجهود الدولية لمواجهتها والتخفيف من آثارها ومن شعور نابع بمسؤولياتها الانسانية تجاه معاناة أبناء الشعب السوري الشقيق وبتوجيه سامي من سمو أمير البلاد (قائد العمل الانساني) فقد استجابت دولة الكويت لطلب الأمين العام للأمم المتحدة لاستضافة الثلاث مؤتمرات الأولى الدولية للمانحين.
وذكر أن قيمة التبرعات المعلنة خلال المؤاتمرات بلغ ما يفوق 7 مليارات دولار أسهمت بوضع أسسا بعيدة المدى للدعم الدولي الإنساني لهذه الأزمة ممهدة الطريق نحو انعقاد مؤتمر (دعم سوريا والإقليم المجاورة) في العاصمة البريطانية بفبراير الماضي والذي قامت الكويت بالمشاركة في ترأسه وتنظيمه.
وبين أن اجمالي مساهمات دولة الكويت في المؤتمرات الاربعة الداعمة للشعب السوري بلغت 600ر1 مليار دولار.
وأوضح أن “الكويت اصدرت القرارات المتعلقة بتنفيذ التزاماتها في مؤتمر لندن الأخير والبالغة 300 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات حيث سيباشر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية هذه السنة بالتنسيق مع دول الجوار في كل من لبنان والأردن ومصر وتركيا لتحديد المشاريع وأوجه صرف التزامات الصندوق للسنة الأولى”.
وأشار إلى تحويل إلتزام جديد لصندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا بما يعادل 8 ملايين دولار يمثل القسط الأول لهذا العام لافتا إلى تخصيص قرار مجلس ادارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بتخصيص مبلغ 50 مليون دولار لتغطية التزامات قطاع التعليم في دول الجوار السوري.
وأضاف “ونحن على أبواب إنعقاد أول قمة عالمية للعمل الإنساني في مدينة أسطنبول التركية خلال الشهر الجاري فإن المسؤولية الإنسانية أمامنا تتعاظم وعلينا التوصل لحلول مبتكرة وأفكار خلاقة لدعم وتعزيز النظام العالمي الإنساني وتمكين أدواته من الوصول إلى المتضررين والمنكوبين بأقصى سرعة و كفاءة”.
وأكد أن مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة لعقد قمة للعمل الإنساني تبرز الإهتمام الدقيق والتفهم العميق للمنظمة وأمينها العام للمؤشرات الخطيرة التي باتت تؤكد على اقتراب النظام العالمي الإنساني من حالة عجز مستعصية ستحول دون قدرته على تقديم الاستجابة اللازمة للنداءات الإنسانية المتعددة ما لم يتدارك المجتمع الدولي وضع الحلول الجذرية للاسباب المؤدية إلى ازدياد وتفاقم للكوارث الانسانية.