مقالات

د. محمد بن إبراهيم الشيباني يكتب خيركم لأهله ..!

«خيركم خيركم لأهله» هذا تعليم نبوي قيل قبل أربعة عشر قرناً، تلي في أحسن المجالس وخيرها في الدنيا، وهي مجالس الصحابة رضي الله عنهم، وكان تعليماً كبيراً لهم؛ لأن المرأة وتحديداً الزوجة، لا قيمة لها في الجاهلية، إذ كانت تورّث بعد وفاة الأب للأبناء مثل المتاع الذي يتركه والمال، كانت القلوب جلفة قاسية مثل الصحراء الشديدة القسوة في صيفها وشتائها، إلى أن ألان الإسلام تلك القلوب القاسية، كما يلان الحديد ويطوع، حتى إذا قرئت آيات الله عليهم، والقارئ هو النبي الكريم، سمعت نشيجهم وأزيز صدورهم كالمرجل.

من لا خير فيه لأهله، فكيف سيكون خيره لغير أهله؟! والأهل هم الزوجة بوجه رئيس، ثم الأولاد فالأحفاد، أما الوالدان فشأنهما شأن آخر وأمرهما أمر كبير في الطاعة والمحبة وتقبيل أيديهما وأرجلهما في صحتهما ومرضهما ورعايتهما، كما ربيا أجيالهما صغاراً.

لقد ألان رسولنا بكلامه الجميل البليغ المعجز شدة أصحابه، ومسح ما في صدورهم من ربقة الجاهلية، وأزال أدران الماضي المؤلم، من قتل البنات والإساءة إلى الزوجات والأخوات والقسوة مع الأولاد، فعندما رأى أحد الصحابة تقبيله للصغار، عجب من ذلك، فقال: أتقبلون أولادكم ؟! فوالله عندي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم حياتي!

وإنك لتجد الرجل اليوم يحلق ويطير في كل مكان، شاليه، ديوانية، جاخور، سفر مع الأصحاب ويصرف المال والوقت، والبشاشة والضحك لا يفارقانه و(الغشمرة بأنواعها)، ويأكل كل ما طاب ولذ من المطعومات والمشروبات، فإذا جاء إلى بيته عبّس الوجه وقطبه، وصرخ في وجه الزوجة والأولاد، وضرب، وقتر في الصرف والوقت معهم؛ والسبب لأنه استهلك كل ذلك للربع والخلان، فلم يبق في بطاريته شحن؛ لأنها صرفت كلها في الخارج! وهؤلاء وطّنوا أنفسهم على هذا البرنامج، حتى يئست الزوجات والأولاد من العلاج، فضعفت العاطفة تجاههم فتجدهم يدخلون ويخرجون ولا من سائل عنهم، كأن البيت عندهم غرفة في فندق.

فهؤلاء حسبوا أنهم على خير دنيوي أو أخروي، لا بل هم لا خير فيهم؛ لأن خيرهم لغير أهلهم. والله المستعان.
* الرجوع
«اللي ما يجيبه حليبه يجيبه الزور».

جريدة القبس

د. محمد بن إبراهيم الشيباني

ajamal2@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.