مقالات

سعاد فهد المعجل تكتب: حكمة تشرشل وستالين

حالة من التصعيد العسكري تشهدها مناطق التوتر، خصوصاً في العراق وسوريا واليمن، جعلت من كل مؤتمرات السلام حالة متناقضة مع روح التصعيد المتزامنة مع عقد مؤتمر المصالحة اليمني في الكويت، ومؤتمر جنيف، ومساعي السلام في الأمم المتحدة وغيرها من المحاولات الجانبية لوقف نزيف الدماء وهدير السلاح!

المجاز والقصف في حلب يتزايدان، وفوضى سياسية محفوفة بصراع عرقي – طائفي فجّرتها حادثة البرلمان العراقي، ولم تنجح معها زيارة بايدن نائب الرئيس الأميركي للعراق التي تهدف إلى إجراء محادثات مع القيادة العراقية للتشجيع على الوحدة الوطنية!

وفي لبنان ينزلق مخيم عين الحلوة نحو الانفجار، وأصوات في بيروت ترفض المناصفة بين المسلمين والمسيحيين! بمعنى آخر أصبحت هناك علاقة طردية بين «مباحثات السلام» وبين تزايد حدة التصعيد العسكري!

يقول التاريخ إن الحروب لا تنتهي أبداً إلا باتفاق الأطراف الخارجية، والتي غالباً ما تكون هي المحرك الأساسي في الحرب! فالحرب لا ينهيها الحسم العسكري على أرض المعركة، بل هو قد يشكّل عامل ضغط لا أكثر في «مشاورات» تلك الأطراف الخارجية!

تفاوتت الأرقام بشأن ضحايا الحرب العالمية الثانية، ولكن أقربها أن تلك الحرب الدموية قد خلّفت أكثر من 60 مليون قتيل، هذا بخلاف الدمار والخسائر الأخرى، واستمرت لأكثر من ستة أعوام، ولم يكن لهذه الحرب أن تنتهي إلا بجلوس «الأعداء» على طاولة واحدة في مؤتمر يالطا الشهير، حيث اجتمع الاتحاد السوفيتي بزعامة ستالين مع «عدوه» البريطاني تشرشل، بالإضافة إلى الأميركي روزفلت، ووقّعوا اتفاقية يالطا الشهيرة التي وضعوا فيها رؤوس الأقلام لإحلال السلام! هؤلاء كانوا هم اللاعبين الأساسيين في الحرب.. الذين جرت لعبتهم العسكرية فوق كل بقعة في القارة الأوروبية!

اليوم يواجه الشرق الأوسط حالة مشابهة، حيث تتشكل حروب هنا، وصراعات هناك، ومعارك تنذر نيرانها بمستقبل مظلم للمنطقة بأسرها، وسط حالة من اليأس التام من كل محاولات ومحادثات السلام الدائرة منذ تفجر الوضع الإقليمي في المنطقة!

حالة الحرب هذه مرشحة لأن تتصاعد وتتعقد أكثر.. لأن لاعبيها الأساسيين لا يزالون يرفضون مواجهة حكيمة تحقن الدماء، كما فعل تشرشل مع ستالين!

لا يمكن للحرب ولا للمعارك ولا للقنابل أن تحقق سلاماً واستقراراً.. وحدها حكمة الحوار والمفاوضات والتنازلات تحسم الصراع بخسائر قليلة نسبياً من استمراره!

جريدة القبس

سعاد فهد المعجل

.Suad.almojel@gmail.co

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.