إبراهيم المليفي يكتب: الأغلبية الصامتة: آسيا يا سمو الرئيس
بمناسبة زيارة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك لفيتنام فإني أتمنى على سموه أمرين لا ثالث لهما، الأول هو التركيز على النموذج الفيتنامي وفتح المزيد من آفاق الاستثمار في تلك المنطقة، الأمر الثاني هو معاينة سلامة الطرق في تلك الدولة الآسيوية التي «تهرسها» يوميا 3 ملايين دراجة نارية وملايين السيارات دون أن تتطاير منها صخرة واحدة.
الانفتاح على آسيا وتجاربها الناجحة في مختلف المجالات رؤية مستقبلية تحتاج إلى المزيد من التفعيل والاستمرار بدلا من الدوران في حلقة النماذج الأوروبية التي ثبت فشل استنساخها لاختلاف البيئة الثقافية واستحالة تحقيق الثورة الفكرية نفسها التي سبقت الثورة الصناعية في أوروبا.
آسيا هي الأقرب دوما إلينا، وهي وكما قلت عام 2011م في ندوة فكرية أقامتها مجلة العربي مائدة باذخة «فيها كل ما نحتاج وأكثر»، كل ما علينا عمله هو اختيار ما يناسبنا والانطلاق فورا، لدينا النموذج الصيني (مركزية السلطة وسياسة اقتصادية منفتحة)، النموذجان الياباني والكوري الجنوبي (الأصالة والإغراق في الموروث الشعبي مع سرعة ضوئية في التكنولوجيا والنمو الاقتصادي)، ما يهمني حقا من بين النماذج الآسيوية هو النموذج الفيتنامي ليس لأنه الأفضل ولكن لأن دولة الكويت قطعت شوطا باهرا وبعيداً عن الأضواء في مجال الاستثمار في تلك الدولة المطلية بالشيوعية من الخارج، وهي على الحقيقة ماكينة رأسمالية لا يستهان بها.
أثناء زيارتي لفيتنام عام 2009 لتنفيذ تغطية صحافية شاملة، اكتشفت أن دولة الكويت، في حينها، هي الدولة العربية الوحيدة التي افتتحت قنصلية لها في مدينة «هو تشي منه» جنوب فيتنام لأنها تلمست قبل غيرها المستقبل الاقتصادي الواعد لتلك المنطقة وضخامة المشاريع والاستثمارات الاقتصادية فيها، ففي قطاع الاستثمار، كانت الكويت ولا تزال من المستثمرين الأوائل من منطقة الشرق الأوسط في فيتنام، فقد ساهمت الكويت بنسبة 35.1% من رأس المال (3 مليارات دولار أميركي) في مشروع نغي سون للتصفية والبتروكيماويات الذي تقدر قيمته بمبلغ 9 مليارات دولار أميركي. وقد وُقع اتفاق المشروع في عام 2008 بين بيتروفيتنام وشركة بترول الكويت العالمية (كيه بي آي) وشريكين يابانيين (ايديمتسو كوسان كورب (آي كيه سي) وميتسوي كيميكالز إنك (إم سي آي) بحيث تملك كيه بي آي 35.1% من الأسهم وتعهدت بتوريد 100% من النفط الخام للمصنع على المدى الطويل. ومن المتوقع إنجاز الإنشاء خلال الربع الرابع من عام 2016، على أن تبدأ العمليات التجارية في منتصف عام 2017 بطاقة تصفية تبلغ 200.000 برميل يومياً (ما يعادل 10 ملايين طن سنوياً) يتم استيرادها من منطقة الشرق الأوسط وإنتاج المنتجات البتروكيماوية مثل الجازولين وزيت الديزل والكيروسين ووقود الطائرات والبولي بروبيلين.
وتعتبر مصفاة النفط نغي سون هي المصنع الدولي الكويتي الثالث بعد يوروبورت في هولندا وميلازو في إيطاليا. وعلاوة على ذلك أصبح المشروع المشترك ايديمتسو– كيو 8 أول مورد دولي للبترول للأسواق الفيتنامية من خلال نظام محطات الوقود للبيع بالتجزئة الذي سيتم إنشاؤه الشهر الحالي، وتعمل مؤسسة البترول الكويتية وشركتها الفرعية شركة بترول الكويت العالمية مع بتروفيتنام على بناء أكبر مجمع نفط للشرق الأوسط في جنوب شرق آسيا، مما يوفر أساساً صلباً لتوسيع السوق الاستراتيجي في فيتنام وفي الدول الآسيوية الأخرى.
في الختام وبمناسبة زيارة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك لفيتنام فإني أتمنى على سموه أمرين لا ثالث لهما، الأول هو التركيز على النموذج الفيتنامي وفتح المزيد من آفاق الاستثمار في تلك المنطقة، الأمر الثاني هو معاينة سلامة الطرق في تلك الدولة الآسيوية التي «تهرسها» يوميا 3 ملايين دراجة نارية وملايين السيارات دون أن تتطاير منها صخرة واحدة باتجاه نافذة سيارات موكبكم العامر «طال عمرك».
إبراهيم المليفي
جريدة الجريدة
@KuwaitDaily