مسلم يترأس عاصمة الضباب
بفوز “صديق خان” بمنصب عمدة لندن، تخطى البريطانيون حاجز ما يعرف بـ”الإسلاموفوبيا”، وهو أيضا “صفعة سياسية” لبعض من حاولوا عرقلة وصوله إلى منصب عمدة عاصمة المليارات لمجرد أنه مسلم.
لأول مرة في تاريخ المملكة المتحدة، يتبوأ المسلم البريطاني من أصل باكستاني”صديق خان” منصب عمدة لندن بعد تغلبه على منافسه المحافظ المليونير”زاك غولد سميث” في انتخابات كانت جزءا من انتخابات بلدية في بريطانيا واسكتلندا وويلز، ليكون بذلك أول مسلم في أوروبا يتقلد مثل هذا المنصب.
عمدة لكل اللندنيين
بعد فوز ساحق، في انتخابات رئاسة البلدية، وعد عمدة لندن الجديد الذي ينتمي إلى حزب العمال بأن يكون رئيس بلدية لجميع اللندنيين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية، وذلك في أول خطاب بعد اعلان نتائج الانتخابات، معربا عن فخره باختيار سكان لندن الأمل بدلا من الخوف، والوحدة بدلا من الانقسام، في إشارة إلى ظاهرة الإسلاموفوبيا التي باتت تهيمن على أغلب الدول الغربية.
فصديق منذ ترشحه تعهد بأن يكون رئيس البلدية الذي يوحد المدينة مجددا، ويوحد المجموعات المختلفة، على حد قوله.
وقد فاز صديق خان على مرشح حزب المحافظين “زاك غولد سميث” الذي كان ينافسه في السباق على الفوز بالمنصب.
أنا لندني، وبالطبع فخور بإسلامي
منذ ترشح صديق خان(45 عاما) عن حزب العمال لرئاسة بلدية لندن، واجه خان حملة شرسة ومشككة ضده، لا سيما من قبل السياسيين من جبهة المحافظين، الذين اتهموه، بشكل غير مباشر، بالتطرف الاسلامي، وفي خضم هذه الحملة الدعائية وجد المسلمون البريطانيون أنفسهم وسط حملة تستهدفهم وتسعى لإقصاء المرشح خان لمجرد “عقيدته الدينية” المختلفة عن عقائد الآخرين.
خان الذي امتهن المحاماة ودافع عن قضايا تتعلق بحقوق الإنسان في بداية مشواره قبل أن يعين وزيرا، اضطر مرارا إلى الدفاع عن نفسه أمام الاتهامات الموجهة إليه بامتناعه عن إدانة “متشددين إسلاميين”، أكد خان أنه “لندني” بالأساس، وهو فخور بإسلامه، مشيرا إلى أن هذه المدينة تمنحك الفرصة بأن تكون لندنيا سواء كنت من أي معتقد، أو بلا أي معتقد أيضا.
ويرى البعض أن الحملة السلبية التي قادها اعضاء حزب “المحافظين” ضد خان ارتدت عليهم وكانت مؤشرا على بداية فشل المحافظين في الانتخابات، حيث احتدت النقاشات داخل حزب المحافظين وخارجه عن الضرر الذي تسببت به حملة الحزب الانتخابية، بتركيزها على اتهام خان بإقامة علاقة مع إرهابيين، وهو ما اعتبر استهدافا له لكونه مسلما.
هذه الحملة ضد خان، لم تكتف باستهدافه الشخصي فقط بل اخترقت نسيج المجتمع البريطاني ومست الجالية المسلمة بشكل مباشر، ما دفع بمنظمات إسلامية ونواب في حزب العمال البريطاني إلى التنديد بالهجمة ضد المسلمين، واعتبارها شكلا من أشكال الرهاب من الإسلام.
ابن سائق حافلة عمدة لعاصمة المليارديرات
على الرغم من أصول عائلته المتواضعة، نجح ابن سائق الحافلة “صديق” في الفوز على خصمه الأول نجل قطب المال الراحل جيمس غولد سميث، زاك غولد سميث، ليدير مصالح سكان لندن البالغ عددهم زهاء 8 ملايين نسمة، ويصبح من أبرز الشخصيات في العاصمة لندن التي تعد منصة مؤثرة للضغط على الحكومة.
وخان يمثل الجيل الثاني من المسلمين المهاجرين إلى بريطانيا، وينحدر من أسرة بسيطة كان والده يعمل سائق حافلة، ليتبوأ عمدة لندن، المدينة التي يعيش فيها أكبر عدد من أصحاب المليارات في العالم، وذلك بحسب آخر تقرير نشرته صحيفة “صاندي تايمز” البريطانية.
شكل فوز صديق خان الباكستاني الأصل، لحظة سياسية فارقة في بريطانيا، لينهي حقبة من الخوف والاضطهاد لبعض الجاليات المقيمة هناك، خصوصا المسلمين الذين أصبحوا يعانون من التمييز على خلفية عولمة الإرهاب.