حدود الشرق الأوسط تغرق بالدماء
وجد الصحافي دان ويليامز أنه بعد مرور قرن على رسم بريطانيا وفرنسا حدود الشرق الأوسط سرّاً للسيطرة عليه، طمسَت إراقةُ الدماء الطائفية حدوده، مشيراً في نفس الوقت إلى أن هنالك في المنطقة، من يرى فرصة في هذه الفوضى.
من بين هؤلاء، الإسرائيليون أو الأكراد الذين يسعون إلى إقامة أرضهم الخاصة، والقوميون العرب أو الإسلاميّون الذين يروّجون للحقد على الإمبريالية الغربية. وهذه القوى تسبب صداعاً لمديري الأزمة العالمية اليوم.
إسرائيل وضم الجولان
ويقول الصحافي في تقرير نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية إنه لا يمكن للمرء أن يشعر بذلك الصداع في أيّ مكان أكثر من سوريا والعراق، حيث تتمزّق أراضيهما بتقدم مقاتلي داعش والصراع السنّي الشيعي. وقد أنتجت الذكرى المئوية الأولى لاتفاقية سايكس – بيكو مؤتمرات وأبحاثاً سياسية في إسرائيل. ويجادل رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو، بأنّ ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية التي سيطرت عليها في حرب 1967، يجب أن يُعترف به دوليّاً – ويعود جزء من السبب إلى أنّ دمشق قد لا تتمتّع بعد اليوم بالسلطة المركزية الكافية للتفاوض حول إعادة الهضبة الاستراتيجية.
وسيضع التنازل عن هضبة الجولان الداخل الإسرائيلي ضمن نطاق أسلحة داعش، بحسب ما قاله الديبلوماسي الإسرائيلي الرفيع المستوى دور غولد لرويترز. وأضاف: “الحركات الوحدوية آخذة بالظهور ممّا يهدّد الحدود التي أنشئت منذ فترة طويلة”.
سايكس-بيكو القرن الحادي والعشرين
وتوافق روسيا، القوة الكبيرة التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة الثوّار والمجموعات المقاتلة، على وجوب بقاء الجولان المحتل كجزء من سوريا.
ويقول غولد: “هذا يُظهر، في رأيي، صورة اجتماع سرّي في الطابق السفلي لأحد المستشارين في أوروبا، حيث يجلس سايكس وبيكو من القرن الواحد والعشرين مع خرائط ورسّامي خرائط ويحاولان إعادة تكوين حدود الشرق الأوسط.”
خطط الأكراد
ويعد الأكراد، وهم شعب بدون دولة، عشرات الملايين، توسّعوا بشكل فوضوي للسيطرة على الأراضي الغنية بالنفط تحت الحكم الذاتي في شمال العراق – ذلك الحكم الذي تنعمّوا به منذ سقوط صدّام حسين سنة 2003.
وفي شمال سوريا، يهدف الأكراد الذين يسيطرون على ثلاث محافظات، لاحقاً هذا العام، إلى إنهاء خطط لإقامة فديرالية سياسية مستقلة. ولأنّهم يأخذون في الحسبان دعوات أمريكا لعدم المس بالحدود الحالية للعراق وسوريا، تفادى الأكراد إعلان الاستقلال. لكنّ بعض السلطات الكردية تبدو أكثر جزماً.
“الوقت المناسب لإزالة الظلم”
تحت وسم (هاشتاق) “سايكس بيكو”، غرّد منصور برزاني، مستشار مجلس أمن منطقة كردستان كاتباً: “مئة سنة من الفشل وإراقة الدماء هي سبب كافٍ لتجربة طريق جديد. بالنسبة إلى #كردستان هذا هو الوقت لإزالة الظلم”. وتابع: “يقول البعض إنّ الآن ليس الوقت المناسب لكردستان مستقلة. أعتقد أنه حان الوقت لشعبنا كي يحدّد أخيراً مصيره الخاص”.
هذه مشاعر غير مرحّب بها في بغداد أو في عواصم عربية أخرى تصارع لاحتواء التمزّقات الإقليمية.
احتفال بنهاية الحدود؟
لكن هنالك دعم شعبي بين عرب كثر لاعتبار سايكس بيكو ميتاً. القوميون العلمانيون يريدون الاحتفال بنهاية الحدود المفروضة، في الغالب تعسفاً، من قبل الغرب. ويأمل الإسلاميّون في توحيد شركائهم في الدين في خلافة مسلمة.
القلق الفلسطيني
ويقلق الفلسطينيون من أنّ الحروب الطائفية بين الدول العربية قد تصرف الانتباه عن هدفهم في إقامة دولة ضمن الأراضي التي تحتلّها إسرائيل.
وتنتقد حنان عشراوي، العضو القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية، “الغدر والخيانة” في الصفقات الاستعمارية مثل سايكس – بيكو، لكنها قالت إنّ الدول العربية الناتجة عنها يجب أن تكون محفوظة خشية من التقسيم الذي يجلب مزيداً من المعاناة.
وفي إشارة إلى الجولان، قالت إنّ إسرائيل كانت “تستغل الوضع من أجل محاولةٍ لتكريس ولجعل احتلال غير شرعي لأرض عربية، ثابتاً – بما في ذلك في الضفة الغربية”.