لؤي الخرافي: اعاهدك يا والدي بأن أكشف “النفوس المريضة”.. لأهل الكويت حق وللوطن واجب
مر عام على ذكرى رحيلك وأنت لا تكاد تفارق بالي لحظة، سواء في صحوتي أو منامي. لقد وافتك المنية بأمر الباري العالي واللهم لا اعتراض على أمر الحي الباقي.
نستذكر، اليوم وكل يوم وساعة وحين، تاريخ مسيرتك الحافل بالعطاء، فعهدناك ناصحا بطيبتك وابتسامتك المعهودة التي لا تغيب عنك حتى في احلك الظروف وأصعبها، لم تعرف أطباعك الكراهية، ولم تحمل نفسك الطاهرة الضغينة لأحد حتى مع خصومك، فقد كنت حقاً فارساً في تعاملك مع من تختلف معهم، وأنت صاحب المقولة الشهيرة «يجب أن نعرف كيف نختلف»، وهذه حقائق رصدها التاريخ ووثقها ولا يمكن مسحها من الذاكرة.
وثّقت ودوّنت مسيرتك التاريخية في حياتك، وأوصيت بعدم النشر الا بعد وفاتك، وكان الحق رائدك في كل لحظة من حياتك، واذا كنت تتسامح بخطأ يسير بحقك، فإنك لا تتنازل عن اوجه الظلم بتشويه فاجر متعسف افاك أثيم، ومازلت اتذكر اصرارك وتمسكك أثناء تحقيقات النيابة العامة ببلاغك الاول حول أحداث شريط الفتنة، ودعوتك للنيابة لاماطة اللثام عن المزورين ومن يقف وراءهم، وأوصيت بإظهار الحق حتى بعد وفاتك، ولكن ارادة الله شاءت ان تعاصر ظهور الحق بطهارة ثوبك وتاريخك الذي أراد رهط من سفلة القوم تشويهه، فأنى لهم ذلك وبعدا، واني أعاهدك يا أبي أن اكمل كشف حقائق نفوسهم المريضة التي حاولت ان تمسك، لكي يعرف أهل الكويت جميعهم مآرب دنائتهم وأسبابها وخفاياها، فنم قرير العين، فمن ملك الحق.. نال رضا الله.
أبا عبدالمحسن، لقد شاهدنا منك أنبل الصفات الكريمة، فطيبتك لم تلغ حزمك، وتسامحك يطمس شدتك، فكم كنت حريصاً على تطبيق هذه المعاني على أولادك قبل الناس، فتطبيق العدالة واحترام القانون كانا رائدك في حياتك.
فأنت من حرص على دخولي مجال القانون واستكمال الدراسة في الخارج في مجال التجارة، فكم كانت نصيحة خالدة ونافعة استفدت منها في عالم الأعمال والاستثمار. وكلما تذكرت هذا التوجيه وذاك النصح، دعوت لك وترحمت عليك وأيقنت أنك لست مخضرماً بالسياسة فقط، بل مخضرم ولديك الحس وفراسة المؤمن، خصوصاً أنك دائماً ما تعتبر أن أفضل أنواع الاستثمار هو بالأولاد والبشر، وتعتبره أهم كنوز الدنيا، ولم تبخل على جميع أفراد أسرتنا الصغيرة وعائلتنا الكبيرة بالنصح والتوجيه، فأعطيت الكل قدره، والكل يعتقد بأنه الأقرب.
لقد أتعبت من بعدك أبا عبدالمحسن بأعمالك الجليلة ومواقفك، وكان حقاً علينا ان نعمل على بِرِّك وأنت البارُّ بوالديك وبوطنك، ومهما حاولنا وجاهدنا وفعلنا لك فنحن مقصرون بحقك. فبِرُّ الوالدين أقصى درجات الإحسان، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعادلها منزلة، فجعل برّهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرضاً عظيماً، بكل وسيلة ممكنة بالجهد والمال والدعاء.
استميح الأسرة الكريمة عذراً بنشر ما خفي، فقد آن الأوان لكشف المستور وفتح الدفاتر القديمة، فلأهل الكويت حق، وللوطن واجب، وللدستور عبرة، ولمن يشوه التاريخ رادع.
رحمك الله يا أبا عبدالمحسن رحمة واسعة مع أموات المسلمين، وأسكنك فسيح جناته، ولن ننساك أبداً ما دمنا أحياء.
لؤي جاسم الخرافي
جريدة القبس