الإرهاب.. والعشر الأواخر
بغض النظر عن “تبني” داعش لكل العمليات الإرهابية حول العالم، وسواء كان ذلك صحيحا أم لا، فهناك حقيقة لا يمكن غض الطرف عنها وهي أن من يقوم بتلك العمليات في أغلب الأحوال شباب غرر بهم في بلدانهم وتعرضوا لغسيل أدمغة من واعظي الفتن والعنف.
منذ سنوات، تزيد وتيرة العمليات الإرهابية، الانتحارية منها على وجه الخصوص، في شهر رمضان الكريم، وخاصة في العشر الأواخر منه.
شهر رمضان الذي تُسلسل فيه شياطين الجن، فيبدو أن شياطين الإنس تعوض دورها في نشر الفساد والدمار على الأرض.
من الشهر الفضيل، التي يستكين فيها عباد الله لذكر ربهم وطلب مغفرته والتراحم فيما بينهم، يستغلها الإرهابيون في تفجير أنفسهم منتحرين وقاتلين للأبرياء ومدمرين لما عمّره الإنسان على الأرض.
من الأردن إلى دكا ومن لبنان إلى إسطنبول وبقية دول المسلمين، يقتل هؤلاء الانتحاريون من المسلمين الصائمين والأبرياء من البشر أكثر مما يفعل أعداؤه، فيما يتكثف التصعيد في العراق وسوريا وليبيا واليمن يتكثف في أيضا.
وفي العشر الأواخر، تُستهدف دول الخليج من البحرين إلى الكويت إلى السعودية في عمليات تمكنت السلطات من إجهاضها قبل أن تقتل وتدمر.
لدى واعظي الفتنة ومحللي الإرهاب والعنف والتشدد ما يغرون به الشباب المضلل من أن انتحارهم في رمضان يجعل ثوابهم في السماء مضاعفا، وحبذا لو في العشر الأواخر.
ولا يمكن إغفال أن تلك الدعوات أخطر كثيرا من التمويل والتسليح الذي يحظى به الإرهابيون، خاصة أن هؤلاء الذين يقتلون أنفسهم مدمرين غيرهم ليسوا إلا أداة لغرض سياسي انتهازي نفعي يثري هؤلاء الذين يفتون لهم ويقودونهم إلى الجحيم.
فتصعيد الإرهاب في الشهر الفضيل يستهدف، سواء وعى من يفعلون أو لا، ربط الإرهاب والتشدد أكثر بديننا الحنيف.
ومن يقودون ويفتون ويعظون بذلك غنما، يستهدفون ابتزاز دول المنطقة والعالم للقبول بجناحهم السياسي (الإخوان وجماعاتهم) كبديل لجماعات الإرهاب ـ التي خرجت كلها من عباءتهم.
وإذا كان البعض في الغرب يستمع لتلك الحجج فذلك لأنهم يحسبونها بمصالحهم ويقدرون بعدهم عن كل هذا العنف والدم (وإن كان يطولهم أحيانا من باريس إلى بروكسل)، فنحن في بلادنا معنيون أكثر بتوضيح ذلك وفضحه.
ولينظر البعض بروية وتعقل إلى أن أغلب العمليات الإرهابية تلك تستهدف بلادا تحاول تفادي خلط الدين بالسياسة، أو جربت ذلك وأدركت خطره فبدأت تتراجع عنه (تركيا مثالا).
إذا كان وعاظ الفتنة والتطرف يروجون لمضاعفة أجر الانتحار والدمار في رمضان، فيتعين علينا مضاعفة العقاب لهم لينالوا جزاءهم في الدنيا جراء ما يفسدون فيها.