العالم يحتفل باليوم العالمي لمناهضة العنف.. غدا
يحتفل العالم غدا الاحد باليوم العالمي لمناهضة العنف تزامنا مع يوم ميلاد المهاتما غاندي مؤسس الهند الحديثة وقائد الاستقلال ورائد فلسفة اللاعنف في العالم.
وكانت الامم المتحدة تبنت في 15 يونيو 2007 قرارا يعتبر يوم ميلاد غاندي يوما عالميا للتسامح ومناسبة لنشر رسالة اللاعنف تأكيدا للاهمية العالمية لمبدأ اللاعنف ورغبة في اشاعة ثقافة السلام والتسامح والتفاهم بين شعوب العالم.
وحظي القرار بتصويت 140 دولة ما يؤكد تنوع المشاركة الواسعة في دعمه تعبيرا عن الاحترام العالمي للزعيم الهندي غاندي من جهة وترسيخا لأهمية فلسفة اللاعنف من جهة ثانية.
وفي كلمة له بعد التصويت على القرار قال وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية أناند شارما ان هذا الاجماع العالمي النادر الحدوث يؤكد مكانة المهاتما غاندي وأهمية دعوته القائمة على مواجهة العنف باللاعنف.
وينقسم العمل اللاعنفي الى ثلاثة أقسام يبدأ الأول بالاحتجاج ومن ثم بالاقناع بعدالة المطالب وقانونية وشرعية الوسائل مثل المسيرات والاعتصامات.
أما القسم الثاني فهو رفض التعاون مع السلطات تمهيدا لنزع الشرعية عنها بالعصيان المدني أي شل أجهزة الدولة ومؤسساتها.
والقسم الثالث يتجه الى التدخل بغير عنف من خلال مواجهات بشرية لا عنفية ضد استخدامات العنف مثل الدروع البشرية والاقتحامات السلمية.
ولعل من أشهر أمثلة المقاومة اللاعنفية التي قادها غاندي بنفسه ما يسمى (مسيرة الملح) عام 1930 فبعدما حرمت بريطانيا العظمى على الهند استخراج الملح تحدى غاندي السلطات البريطانية وقام باستخراجه بنفسه من مياه البحر واقتدى الشعب به.
وبالرغم من تعرض غاندي للسجن أكثر من مرة فإن حركة العصيان المدني التي قادها استمرت.
وفي عام 1931 كرر هذه التجربة مع المنسوجات البريطانية حين كانت بريطانيا تأخذ القطن الهندي بأرخص الاثمان ثم تنسجه وتبيعه للهنود باثمان مرتفعة فخصص غاندي جزءا من وقته يوميا لنسج ملابسه على مغزل يدوي وتبعه الجميع من كل الأديان.
ومضى غاندي على هذا المنوال بمقاطعة كل ما يمت للمستعمر البريطاني من شركات وبنوك كما انقطع عن العمل والدراسة حتى تحرر الشعب الهندي من الاستعمار البريطاني.
ولم يتوقف نضال الشعوب وتمسكها بالسلم في مقابل العنف عند تجربة غاندي بل استمر متخذا أشكالا عدة وفي دول عديدة على مر التاريخ.
وكانت الكويت من تلك الدول التي واجهت العنف باللاعنف ضاربة في الثاني من أغسطس 1990 أروع الأمثلة في مواجهة المعتدي بالعصيان المدني والمظاهرات ورفض التعاون على جميع الصعد في موقف لفت أنظار العالم لهذه البقعة الصغيرة من الكرة الأرضية.
فالكويت منذ نشأتها حملت على عاتقها راية الدعوة الى السلام وإحلال لغة الحوار بين الفرقاء وترسيخ الحلول السلمية لفض النزاعات على اختلافها في محيطيها الخليجي والعربي فعرفت على مر تاريخها المعاصر بحمامة السلام التي توفق بين الفرقاء بدءا من اليمن وانتهاء بلبنان وفلسطين.
ولعل كلمة أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح رحمه الله في الامم المتحدة في 27 سبتمبر 1990 التي عرفت ب(خطاب السلام) خير دليل على رؤية دولة الكويت لدبلوماسية السلام ونبذ العنف حين قال سموه “جئت اليكم حاملا رسالة شعب أحب السلام وعمل من أجله”.
واضاف قائلا “جئتكم برسالة شعب كانت أرضه بالأمس القريب منارة للتعايش السلمي والاخاء بين الأمم وكانت داره ملتقى الشعوب الآمنة.. وها هو اليوم بين شريد هائم و سجين ومناضل يرفض بدمه وروحه أن يستسلم ويستكين للاحتلال مهما بلغ عنفوانه وبطشه”.
وفي قمة الأزمة وما تعرضت له الكويت من عنف وقهر وعدوان لم ينس سموه رحمه الله معاناة الشعوب الأخرى فأعلن من على منبر الأمم المتحدة مبادرة الكويت بالغاء كافة الفوائد على قروضها وأنها ستبحث ايضا أصول القروض مع الدول الأشد فقرا وذلك من أجل تخفيف عبء الديون التي ترهق كاهل تلك الدول فما كان من ممثلي دول العالم إلا أن وقفوا اجلالا وصفقت أكفهم طويلا في موقف قل ما شهدت المنظمة الدولية له نظيرا.
وبعدما تولى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله مقاليد الحكم عمل على ترسيخ سياسة نبذ العنف داخليا وخارجيا ونشر ثقافة السلام ودبلوماسية الانسانية التي أضفى عليها بعدا واقعيا مما حدا بالأمم المتحدة الى تكريمه في سبتمبر 2014 بلقب (قائد العمل الانساني).
وخلال خطاباته وكلماته في العديد من المناسبات والأحداث شدد سموه على ضرورة نبذ العنف والعمل على عدم انتشاره داخل المجتمع الكويتي فقال سموه في كلمة وجهها الى إخوانه وأبنائه المواطنين في 19 اكتوبر 2012 “لن نقبل بثقافة العنف والفوضى ان تنتشر بين صفوف شعبنا المسالم”.