صندوق النقد: 35 مليار دينار عجز الكويت المتراكم حتى السنة المالية 2020-2021
قال بنك الكويت المركزي ان بعثة صندوق النقد الدولي الى الكويت توقعت انتعاشا تدريجيا للنمو الحقيقي في الناتج المحلي الكويتي للقطاعات غير النفطية يصل الى 5ر3 في المئة العام المقبل و4 في المئة في السنوات اللاحقة.
جاء ذلك في بيان صحافي صادر عن «المركزي» اليوم الثلاثاء بمناسبة انتهاء زيارة بعثة الصندوق الدولي للبلاد التي بدأت يوم السادس من نوفمبر الجاري وانتهت في ال14 منه في إطار المشاورات الدورية لعام 2016 بموجب المادة الرابعة لاتفاقية إنشاء الصندوق.
وأوضح «المركزي» انه تولى بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والجهات المحلية المعنية إنجاز الترتيبات الخاصة بتلك الزيارة بما في ذلك تجميع المعلومات والبيانات وترتيب الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الجهات الحكومية وغير الحكومية.
وذكر ان في مقدمة تلك الاجتماعات الاجتماع مع نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ووزير النفط بالوكالة انس الصالح ووكيل وزارة المالية خليفة حمادة وكبار المسؤولين في الوزارة.
وأشار الى اجتماع بعثة الصندوق مع محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل وكبار المسؤولين في البنك حيث تمت مناقشة اهتمامات «المركزي» في مجالي السياسة النقدية والرقابة والإشراف على وحدات القطاع المصرفي والمالي.
ونقل البيان عن الدكتور الهاشل ايجازا لأبرز مضامين البيان الختامي الذي أعدته البعثة حيث أشار الى طبيعة التحديات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الكويتي في هذه المرحلة في ظل انخفاض أسعار النفط والتراجع الملموس في كل من الموازين الداخلية للمالية العامة والميزان الخارجي وسبل مواجهتها.
وذكر الهاشل ان البيان الختامي رحب بجهود السلطات الكويتية في إطار مضامين وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي وجهود بنك الكويت المركزي لتعزيز متانة القطاع المصرفي والمالي وزيادة تحصينه.
وأوضح ان البيان الختامي للبعثة تضمن ثلاثة محاور رئيسية شملت التطورات المالية الكلية في الكويت وتوقعات المالية الكلية والمخاطر التي تواجه تلك التوقعات ومناقشة السياسات.
وقال الهاشل إن بيان البعثة أشار في مجال التطورات المالية الكلية إلى استمرار توسع النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية وإن كان بوتيرة أبطأ مما يعكس تأثير انخفاض أسعار النفط ليصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاعات غير النفطية إلى نحو 5ر3 في المئة في عام 2015 مقابل 5 في المئة في 2014.
واضاف ان البعثة تتوقع أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى نحو 5ر3 في المئة في عام 2016 وأن يبلغ معدل التضخم السنوي نحو 5ر3 في المئة ليعكس الارتفاع الأخير في أسعار البنزين.
وتابع ان البعثة اشارت في بيانها الختامي إلى استمرار قوة القطاع المصرفي والمالي ومواءمة ظروف الائتمان حيث سجلت رسملة البنوك معدلات مرتفعة وصلت إلى نحو 9ر17 في المئة ومعدلات ربحية قوية.
ولفت الى أن نسبة القروض غير المنتظمة شهدت انخفاضا لتصل إلى نحو 4ر2 في المئة في حين ارتفعت نسبة تغطية المخصصات للقروض غير المنتظمة إلى نحو 206 في المئة بينما تحسنت السيولة المصرفية مدعومة بزيادة الودائع الحكومية.
وذكر أن التسهيلات الائتمانية المقدمة إلى القطاع الخاص شهدت نموا بوتيرة ملموسة.
وأفاد الهاشل ان البعثة قالت في بيانها ان “تراجع الإيرادات النفطية أدى إلى ظهور عجز مالي كبير في الموازنة العامة للسنة المالية 2015-2016 «باستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية وبحساب مخصصات صندوق الأجيال القادمة» تفوق نسبته نحو 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في حين تحسن تركيب مكونات الإنفاق العام لصالح الإنفاق الرأسمالي المعزز للنمو الاقتصادي”.
وأضاف ان بيان البعثة “اظهر ايضا ان فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات انخفض بشكل كبير ليصل إلى نحو 25ر5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 متوقعا ان يشهد المزيد من الانخفاض ليصل الى نحو 5ر4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016”.
واشار الى أن البيان الختامي للبعثة اوضح ان الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة تم الوفاء بها من خلال السحب من صندوق الاحتياطي العام وزيادة إصدار السندات الحكومية المحلية هذا العام بنحو 43ر1 مليار دينار.
ولفت الى اعلان الحكومة نيتها التوجه إلى الأسواق العالمية بإصدار أدوات دين سيادية خارجية بقيمة 9ر2 مليار دينار.
وعن توقعات أوضاع المالية الكلية والمخاطر قال الهاشل ان البعثة توقعت ان يكتسب النمو الاقتصادي زخما على المدى المتوسط مدفوعا بالاستثمار في البنية التحتية.
وتابع أن بيان البعثة اشار الى ان التحسن المستمر في تنفيذ المشاريع في إطار الخطة الإنمائية سيدعم الانتعاش التدريجي للنمو الحقيقي في الناتج المحلي للقطاعات غير النفطية ليصل إلى نحو 5ر3 في المئة في عام 2017 ونحو 4 في المئة بعد ذلك.
واضاف ان الناتج المحلي الإجمالي سيحقق نموا حقيقيا يصل إلى نحو 3 في المئة على المدى المتوسط في حين تتوقع البعثة أن يزيد معدل التضخم السنوي بشكل مؤقت ليصل إلى نحو5ر4 في المئة في عام 2017 ليعكس ارتفاع أسعار الطاقة خلال 2016 و2017 قبل أن يتراجع تدريجيا في السنوات اللاحقة.
وذكر ان البعثة توقعت ان ارتفاع صادرات النفط سيزيد فائض الحساب الجاري إلى أكثر من نحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2021.
وقال الهاشل ان البعثة توقعت في بيانها الختامي تحسن وضع الموازنة العامة لدولة الكويت بشكل متواضع إذ يفترض السيناريو الاساسي للبعثة تعافيا تدريجيا لاسعار النفط لتبلغ 60 دولارا للبرميل الواحد في 2021 اخذا بالاعتبار الاثر المالي للتدابير التي تم اقرارها مؤخرا لاسيما زيادة اسعار البنزين وصدور قانون بشأن تحديد تعرفة اسعار الكهرباء والماء.
واضاف انه بموجب ذلك السيناريو الاساسي فإن عجز الموازنة العامة بعد حساب مخصصات صندوق احتياطي الاجيال القادمة “سينخفض من نحو 5ر17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2016-2017 الى نحو 13 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي على المدى المتوسط”.
واوضح انه “سينجم عن ذلك احتياجات تمويلية تراكمية اجمالية بنحو 35 مليار دينار كويتي على مدى السنوات المالية الست حتى السنة المالية 2020-2021”.
وذكر المحافظ انه في إطار السيناريو الاساسي للبعثة فإن البيان الختامي اشار الى ان “دولة الكويت لا تزال معرضة لعدد من المخاطر الداخلية والخارجية المحتملة حيث يتمثل الخطر الرئيس بالمزيد من الانخفاض المستمر في اسعار النفط الذي من شأنه ان يؤدي الى عجز واحتياجات تمويلية اكبر”.
واضاف انه الى جانب ذلك وعلى الرغم من ان التصنيف الائتماني القوي للدولة عند «ايه.ايه» سيمكنها من الاستفادة من اسواق رأس المال العالمية “الا ان اقبال المستثمرين على سندات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد ينخفض في ظل الاحتياجات التمويلية الاقليمية الكبيرة”.
وافاد الهاشل ان الكويت حسب البيان الختامي تواجه تحديا يتمثل في الاختيار بين اصدار المزيد من الديون المحلية التي تؤدي الى الضغط على السيولة المحلية ومزاحمة الائتمان المقدم للقطاع الخاص او السحب من الاحتياطيات وتعريض المصدات المالية للتراجع.
وبين ان المخاطر الاخرى تشمل تعثر الاصلاحات او بطء تنفيذ الخطة الانمائية وما قد يترتب عليهما من عجز مالي أكبر ونمو اقتصادي ابطئ كما ان الظروف المالية العالمية الاكثر تقلبا يمكن ان تزيد من تكاليف الاقتراض.
ولفت الى ان البعثة اشارت الى نتائج اختبارات الضغط المصرفية التي اظهرت مرونة النظام المصرفي وقدرته على امتصاص الصدمات الاكثر شدة للملاءة والسيولة “الا ان انخفاض اسعار النفط لفترة طويلة سيزيد مخاطر السيولة والائتمان ويفاقم تقلبات سوق الاسهم ويؤثر سلبا على اسعار قطاع العقار”.
وعن مناقشة السياسات قال الهاشل ان البيان الختامي للبعثة تناول دعامات الاستقرار الاقتصادي الكلي مؤكدا الحاجة الى جهد متدرج ومستمر لاصلاح المالية العامة ولزيادة الادخار الحكومي الى مستويات تتوافق مع اعتبارات الانصاف بين الاجيال.
واضاف ان ذلك يستلزم تقليص عجز الموازنة العامة «بعد استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الاجيال القادمة» من نحو 5ر17 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في السنة المالية 2015/2016 الى نحو 7 في المئة بحلول عام 2021 وانهاء العجز تقريبا بحلول عام 2025.
وقال ان البيان الختامي اكد ان هذا المسار المقترح الذي يوازن بين تحقيق وفورات مالية ضرورية والتخفيف من تأثير الاصلاحات على النمو الاقتصادي يمكن ان يتحقق من خلال مزيج من الاصلاحات في الانفاق العام والايرادات العامة المدرجة ضمن المحاور الستة لوثيقة الاصلاح المالي والاقتصادي الحكومية.
وذكر ان البيان اشار الى اهمية المزيد من الاصلاحات في برامج الدعم الحكومية موضحا ان الحكومة اتخذت في هذا الصدد خطوات هامة هذا العام حيث قامت برفع اسعار البنزين ورسوم بعض الخدمات الحكومية.
ولفت الى ان بعثة صندوق النقد شجعت السلطات على مواصلة خططها لمزيد من ترشيد دعم الطاقة مبينا ان التنفيذ المتدرج للاصلاحات سيساعد على التقليل من آثارها التضخمية واتاحة الوقت لقطاع الاعمال للتكيف معها.
واشار الى ضرورة تصميم آليات للتخفيف على الفئات المجتمعية الاكثر عرضة للتأثر سلبا بالاصلاحات ولتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة.
واوضح الهاشل ان بيان صندوق النقد الدولي شجع ايضا على وضع استراتيجية توعوية مصممة بشكل جيد بما يساعد على بناء توافق وطني بشأن هذه الاصلاحات بحيث يتم في تلك الاستراتيجية تسليط الضوء على التكاليف الناجمة عن دعم الطاقة وتوضيح تأثير آليات تخفيف الآثار السلبية للاصلاحات المخطط لها.
وقال ان البعثة رحبت بنية الحكومة الكويتية احتواء فاتورة المرتبات والاجور كجزء من جهود اصلاح المالية العامة على المدى المتوسط موضحا ان مقترح الحكومة يهدف بإصلاح المرتبات والاجور الى تبسيط واتساق هيكل المرتبات والاجور الحكومية ومركزية قرارات سياسة تلك المرتبات والاجور.
وذكر ان البعثة اشارت الى انه بالنظر الى ارتفاع فاتورة المرتبات والاجور الحكومية فإن تصميم الاصلاحات ينبغي ان يتم بطريقة تضمن عدم زيادة فاتورة الاجور الشاملة وان يتم تغطية تكاليف الانتقال الى النظام الجديد بالتوفير في البدلات والمكافآت.
واوضح الهاشل ان الصندوق اشار الى انه ينبغي ان يسمح النظام الجديد بالسيطرة بشكل افضل على نمو المرتبات والاجور في المستقبل ومع مرور الوقت فإن هذا من شأنه تقليص الفجوة في المرتبات والاجور بين القطاعين العام والخاص وتعزيز تنافسية القطاع الخاص وتسهيل تنويع الاقتصاد كما تشجع البعثة السلطات على الحد من نمو التوظيف.
وبشأن سياسة «سعر الصرف» قال محافظ البنك المركزي الدكتور محمد الهاشل ان البيان الختامي للبعثة اشار الى ان سياسة ربط سعر صرف الدينار الكويتي بسلة «غير معلنة» من العملات تعتبر سياسة ملائمة للاقتصاد الكويتي لافتا الى ان تقييم البعثة للقطاع الخارجي يشير الى وجود فجوة معتدلة في الحساب الجاري يمكن تغطية جزء كبير منها عن طريق زيادة مدخرات المالية العامة على النحو الذي توصي به البعثة على المدى المتوسط.
واضاف ان البيان الختامي اشاد ب«المركزي» اذ “كان سباقا في تعزيز الاشراف والرقابة التنظيمية وتخفيف المخاطر على الاستقرار المالي” حيث تعمل البنوك وفق تعليمات بازل «3» لرأس المال والسيولة والرفع المالي موضحة ان استخدام التدابير التحوطية الكلية ساهم في الحد من المخاطر النظامية.
واوضح ان البعثة اشادت ايضا بقيام «المركزي» بتعزيز برامج الرقابة من اجل الكشف المبكر عن المخاطر على الاستقرار المالي لافتا الى ترحيبها بالمبادرات المستمرة لتعزيز تقنيات اختبارات الضغط وتطوير مؤشرات الانذار المبكر وتكثيف الجهود لرصد الاتجاهات العامة لنمو الودائع وتحديد الضغوط الناشئة في ميزانيات الشركات والعملاء الافراد.
وفيما يخص النمو بقيادة القطاع الخاص والتنويع الاقتصادي اوضح محافظ بنك الكويت المركزي ان بعثة صندوق النقد الدولي اشارت الى ان خلق فرص عمل لعدد متزايد من المواطنين الشباب يتطلب معالجة عدم كفاءة سوق العمل وتشجيع نمو القطاع الخاص والتنوع الاقتصادي.
ولفت الى البعثة اكدت ضرورة ان يكون هدف اصلاحات سوق العمل والخدمة المدنية موجها نحو تحسين الحوافز للمواطنين لتولي وظائف في القطاع الخاص لافتة في الوقت ذاته الى استدامة جهود احتواء الاجور والمزايا في القطاع العام ما يسهم في جعل القطاع الخاص اكثر جاذبية للعمالة الوطنية وتشجيع توظيف المواطنين في هذا القطاع.
واضاف ان تعزيز الطلب على العمالة الوطنية في القطاع الخاص يتطلب تطوير نظام التعليم بما يقلل من عدم التوافق بين المهارات والاحتياجات.
وقال المحافظ ان البعثة اكدت ان تحسين بيئة الاعمال من الامور المهمة في تعزيز التنوع الاقتصادي لافتة الى اهمية الدور المحوري الذي تلعبه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في التنويع الاقتصادي وخلق فرص العمل.
واوضح ان البعثة شددت ايضا على ضرورة مواصلة الاصلاحات لتسهيل الحصول على الاراضي والتمويل والحد من اعباء الاجراءات الادارية والتعليمات المعقدة وتشجيع المنافسة الى جانب ترحيبها بعزم السلطات على تحسين عمل الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتوفير الموارد المالية للشركات الصغيرة.
واكد محافظ بنك الكويت المركزي ان البيان الختامي لبعثة صندوق النقد الدولي يشكل أساسا لتقرير يعده لاحقا خبراء الصندوق للعرض على المجلس التنفيذي للصندوق.