أهم الأخباررياضة عالمية

الرياضة الأولمبية تمر بأسوأ حقبة تاريخية في 2016

قد يوصف عام 2016 بأي صفة إلا أن يكون عاماً سهلاً بالنسبة للجنة الأولمبية الدولية، وإذا كان تنظيم الدورات الأولمبية يمثل مسؤولية كبيرة، فدورة ريو دي جانيرو اتسمت بالتعقيد على نحو خاص، وإذا أضيف إلى هذا كله فضائح المنشطات في الرياضة الروسية وأزمات ألعاب القوى، تكون المحصلة النهائية لعام اللجنة الأولمبية مفجعة.

وكان على رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، الألماني توماس باخ، التعامل مع كل تلك المشكلات، والقيام بأمور مستحيلة من أجل الحفاظ على مصداقية وجاذبية الرياضة الأولمبية.

ولا يزال المسؤول الألماني يصنع الأعاجيب في هذا الشأن، كون فصل النهاية في قضية الرياضة الروسية لن تكتب في القريب العاجل.

وعلى أقل تقدير نجح باخ في طي صفحة ريو 2016، التي لم تكن دورة أولمبية رائعة، كما لم تكن أيضاً كارثية كما أوحت بإمكانية حدوث هذا المشاكل، التي ثارت قبل انطلاقها.

“يمكن الاحتذاء بها”، جملة تحمل الكثير من المعاني، ووفق باخ في اختيارها عندما أراد وصف الدورة الأولمبية، التي أقيمت للمرة الأولى في التاريخ في مدينة بقارة أمريكا الجنوبية.

ومن المستحيل إخفاء المشكلات اليومية، التي وقعت في ريو دي جانيرو، المدينة، التي تعرض صوراً تصلح لكي تكون على واجهة طابع بريدي، ولكنها كانت في الوقت نفسه تتعايش يومياً مع توترات اجتماعية وإخفاقات في استكمال منشآت الدورة الأولمبية.

وقال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية: “لم تكن دورة أولمبية منظمة داخل فقاعة هواء، كان من الجيد التواجد بالقرب من الحقيقة وعدم الانخراط في الاحتفال بدورة أولمبية منعزلة عن الدولة طوال 16 يوماً”.

وبعد التنظيم المثالي لدورة بكين 2008 ثم لندن 2012، اتجهت اللجنة الأولمبية الدولية ببوصلتها إلى الناحية المعاكسة باتجاه بلد مختلف للغاية، كان قد فاز بشرف تنظيم الدورة الأولمبية عام 2009، في ظل انتعاش اقتصادي ملحوظ في ظل سعيه إلى مزاحمة القامات الاقتصادية الكبرى في العالم.

وتسببت الضائقة المالية في تقليص الميزانية الخاصة بتنظيم أولمبياد ريو 2016، وبات يرى النقص المادي في كل ركن، فعلى سبيل المثال تم الانتهاء من تشغيل خط المترو في اللحظات الأخيرة وتم تسليم القرية الأولمبية وهي تعاني من مشكلات خطيرة، كما لم يتخلص نهائياً من مشكلة التلوث بمنطقة باهيا دي غوانابارا، مقر استضافة مسابقات المراكب الشراعية خلال الدورة الأولمبية.

كانت هناك مشاكل في أنظمة المواصلات العامة وغاب التنسيق عن عملية الدخول إلى المتنزه الأولمبي، مما أدى إلى تزاحم الوافدين في صفوف طويلة ممتدة.

هذا بالإضافة إلى الحالة المتردية لمياه حوض السباحة الخاص بمنافسات الغطس، والتي اكتست صفحتها بلون أخضر مثير للانزعاج، بالإضافة إلى المدرجات الخاوية من الجماهير خلال المنافسات.

كما كان الهاجس الأمني يمثل أيضاً مشكلة مقلقة، إذ تعرض العديد من الرياضين لهجمات ووقعت بعض حوادث السرقة داخل القرية الأولمبية، وتم الهجوم على حافلة تقل صحافيين، بالإضافة إلى مقتل أحد أفراد الشرطة في تبادل لإطلاق النار داخل أحد الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو.

ورغم ذلك لم تشهد الأولمبياد الأخيرة حوادث خطيرة داخل المدينة، التي تعد الجريمة فيها أمراً معتاداً.

وتعد الرواية المختلقة للسباح الأمريكي ريان لوكتي، الذي ادعى كذباً تعرضه للاعتداء برفقة زملائه في الفريق الأمريكي للسباحة، أكثر القضايا، التي تناقلتها وتحدثت عنها وسائل الإعلام المختلفة، قبل أن يعتذر الرياضيون الأمريكيون عما بدر منهم، وتسبب في إثارة حنق شعب ريو دي جانيرو.

كانت هناك مشكلات في الحقيقة ولكن الدورة الأولمبية أقيمت بنجاح، ورغم المخاوف الكبيرة من فيروس زيكا، الذي لم تسجل أي حالة للإصابة به خلال الدورة الأولمبية، ورغم التهديدات الإرهابية والأزمات السياسية والاقتصادية، تنافس ما يربو على 10 آلاف رياضي من أجل تحقيق المجد الأولمبي.

يوسين بولت ومايكل فيلبس عادا مرة أخرى ليؤكدا قيمتهما الكبيرة وتصدرا المشهد في ريو 2016، كما فعلا في بكين ولندن.

ووضع الرياضيان الكبيران نهاية لمشوارهما وقصة عشقهما للألعاب الأولمبية مع ختام منافسات ريو 2016، فحقق العداء الجامايكي وعداً قطعه على نفسه وفاز بثلاثة سباقات ليزيد حصيلته من الميداليات الذهبية الأولمبية، في الوقت، الذي نجح فيه السباح الأمريكي في حصد 5 ميداليات ذهبية جديدة ليرفع رقمه القياسي من هذه الميداليات إلى 23.

وانتقدت الجماهير البرازيلية بشدة بسبب إطلاقها لصافرات الاستهجان الشهيرة بملاعب كرة القدم أثناء منافسات رياضات أخرى لم تعتد على مثل هذه الصافرات.

ويبرز في هذا الصدد قامت به هذه الجماهير مع البطل الفرنسي رينو لافيينيه، الذي شوهد يبكي، جراء ذلك، أثناء صعوده على منصة التتويج لتسلم الميدالية الفضية بعد سقوطه أمام رياضي برازيلي في نهائي منافسات القفز بالزانة.

وعلى جانب آخر، استمتعت الجماهير بشكل أكبر داخل ملعب ماراكانا الأسطوري، معبد كرة القدم الأكثر شهرة في العالم، عندما شاهدوا المنتخب البرازيلي بقيادة النجم نيمار وهو يتوج بذهبيته الأولمبية الأولى أمام المنتخب الألماني، وهو ما اعتبره البعض نوعاً من الثأر للهزيمة المذلة 1-7 لنجوم السامبا في مونديال 2014.

وجمعت البرازيل في ريو 2016 حصيلة كبيرة من الميداليات، ولكن كانت تلك الذهبية، التي فازت بها لاعبة الجودو رافايلا سيلفا، المولودة بحي الرب، أحد الأحياء الفقيرة الشهيرة في ريو دي جانيرو، الأكثر إثارة وتأثيراً بالنسبة للبرازيليين.

وكشفت اللجنة الأولمبية الدولية أن دورة ألعاب ريو دي جانيرو هي صاحبة أعلى نسبة مشاهدة عبر التاريخ بفضل الدعاية، التي قام بها مشروع التليفزيون الأولمبي الجديد.

ورغم ذلك، ليست قليلة هي المشكلات التي تواجه الرياضة الأولمبية، فقد بدأت أولمبياد طوكيو 2020 في التفكير في تقليص النفقات أيضاً، بينما تواجه أولمبياد 2024 ندرة في عدد المرشحين بعد انسحاب روما وهامبورغ، لتبقى باريس ولوس أنجليس وبودابست.

وتشكل فضيحة الرياضة الروسية مصدر إزعاج إضافياً للجنة الأولمبية الدولية، بعد أن اتهمت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات “وادا” الحكومة الروسية بتبني نظام ممنهج لتشجيع الرياضيين على تناول المنشطات، مما أثار نزاعات سياسية قبيل انطلاق ريو 2016.

وواجه باخ، الذي وصل إلى منصب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية بمساندة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نفسه أمام موقف مشتعل، الأمر، الذي دفعه للاعتراف بغضبه من “وادا”.

وطالب البعض المسؤول الألماني باستبعاد الرياضة الروسية بأكملها من المشاركة في الأولمبياد الأخيرة، إلا أن باخ آثر السلامة، وقرر ترك تحديد هذا الأمر لكل اتحاد دولي فيما يخص اللعبة، التي يشرف على شؤونها، الأمر الذي أفضى في النهاية إلى استبعاد 280 رياضياً روسياً من منافسات ريو 2016.

وكان الاتحاد الدولي لألعاب القوى هو الوحيد من بين الاتحادات الدولية للرياضات الأخرى، الذي قرر استبعاد جميع اللاعبين الروس من الدورة الأولمبية.

وعادت القضية للاشتعال مجدداً في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري مع تقديم “وادا” تقريرها الثاني عن فضيحة المنشطات في الرياضة الروسية المعروف باسم “تقرير مكلارين”، الذي أشار إلى ضلوع أكثر من ألف رياضي روسي في ممارسات تتعلق بتناول المنشطات، كما اتهم الدولة الروسية بالتلاعب في نتائج بعض العينات خلال أولمبياد سوتشي الشتوية في 2014.

وتصر موسكو على أن التقرير المذكور يأتي ضمن حملة عدائية مناهضة لروسيا، لتزداد الضغوط بشكل أكبر على اللجنة الأولمبية الدولية.

ويعتبر عام 2017 عام الحسم بالنسبة للرياضة الأولمبية، التي تحتاج إلى تفعيل الإصلاحات، التي تسمح لها باستعادة مصداقية نواياها في مكافحة المنشطات، ومن ثم إثارة اهتمام المدن الكبرى لاستضافة الدورات الأولمبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.