اختتام أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بتساؤلات أكثر من الاجابات
اختتمت الدورة ال47 للمنتدى الاقتصادي العالمي اعمالها بتساؤلات اكثر من تلك التي حضر بها ثلاثة آلاف مشارك حاولوا عبر ندواته ال400 العثور على اجوبة ولكن دون جدوى.
وأجمع مشاركون في المنتدى التقت بهم وكالة الانباء الكويتية (كونا) اثر انتهاء فعالياته بمنتجع (دافوس) شرق سويسرا امس الجمعة على ضرورة ايجاد حلول للحد من انتشار النعرات القومية في اكثر الدول الغربية ليبرالية ما يقوض المعايير التي قام عليها الغرب واستقر عليها منذ زهاء سبعين عاما.
وأضافوا ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مثل صدمة لأنصار الفكرة الاوروبية ككيان متكامل اقتصاديا وسياسيا مع غموض يشوب ما سيؤدي اليه هذا الانفصال على الجانبين الاوروبي والبريطاني وانعكاسها ايضا على الدول التي ابرمت اتفاقيات مع الاتحاد الاوروبي وفيه بريطانيا اذ ستتغير مكتسبات تلك الاتفاقيات بعد الطلاق بين لندن وبروكسل.
وأكدوا أنهم أصبحوا في حيرة من أمرهم في كيفية التعامل مع الازمات الانسانية المتفاقمة والتي تسجل يوما بعد آخر ارقاما قياسية سواء في عدد اللاجئين الذي اصبح الاعلى في تاريخ العالم الحديث او ايضا الباحثين عن فرصة هجرة وكلاهما يتعرضون لصعوبات جمة خلال رحلات البحث عن مستقبل افضل.
في الوقت ذاته اطلت مشكلتا الارهاب والتطرف المصحوب بالعنف برأسهما على المنتدى اذ اصبحت الظاهرتان كالسرطان يتسلل الى المجتمعات ويضرب في اي وقت وأي مكان.
وفي السياق ذاته بدا الشرق الاوسط في المنتدى منهكا من تأثير الصراعات في ليبيا واليمن والعراق وسوريا وانعكاسات تلك الازمات على استقرار المنطقة بتشعباتها المختلفة لاسيما ان ابعاد الصراعات في تلك الدول تأخذ ايضا بعدا اقليميا.
كما كشفت ندوات المنتدى ان الفجوة بين الشمال والجنوب ليست اقتصادية فقط بل ايضا معرفية ورقمية اذ تتقدم التقنيات الرقمية في الشمال بوتيرة سريعة جدا لن تتمكن دول الجنوب من اللحاق بها.
ووصف المشاركون الذين تحدثت اليهم (كونا) هذا المشهد بأنه ضبابي مشوب بحالة من عدم اليقين وربما هي التي ادت الى التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وصعود اليمين الشعوبي المتشدد في كل من المانيا وفرنسا وهولندا وسويسرا ما قد يمكن فهمه على انه فقدان ثقة المواطنين لاسيما من الشريحة المتوسطة في الاحزاب المصنفة على انها معتدلة سياسيا.
ولوضع حلول تلك المشكلات كان المفترض ان توضع مسبباتها على الطاولة لتسهيل الحصول على حلول ولكن هنا ايضا كشفت ندوات المنتدى عن عدم توافق في الآراء في المسببات ومن ثم كان من الصعب صياغة حلول او على الاقل وضع تصور لكيفية العثور على المسببات ثم الحلول.
وفي خضم هذا السجال توقف المنتدى امام كلمتين يمكن وصفهما بالتاريخيتين اولاهما من الرئيس الصيني الذي قدم نفسه على انه “يمثل بلدا يتبع النظام الشيوعي في سياساته وليبرالي رأسمالي في اقتصاده” في خليط ربما لم يكن يتوقع منظرو المدرستين الشيوعية والليبرالية ظهوره.
فالصين وضعت نفسها امام المنتدى كأحد عناصر إعادة هيكلة النظام الدولي الجديد بقوة اقتصادية لا يستهان بها وثقل سياسي قوي سواء على الساحة الاقليمية او الدولية ما يجعلها عنصرا لا يمكن اغفاله على الاطلاق.
وفي الوقت ذاته حاولت بريطانيا عبر كلمة رئيسة وزرائها اعطاء الانطباع بأنها بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي سوف تكون رأس حربة الليبرالية الاقتصادية ولعب دور رئيسي في المنظمات الاممية والدولية على حد سواء استنادا الى خبراتها في التعامل مع مختلف الثقافات والاعراق منذ كانت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس.
وبين هذين القطبين غاب من يتحدث باسم الادارة الامريكية الجديدة والاجابة عن الكثير من التساؤلات التي تطرح نفسها كما اخفق الاوروبيون في تقديم تصور لما يعتزمون القيام به لاستعادة ثقة المواطنين بهويتهم الاوروبية والفكر الليبرالي الذي يمثل العمود الفقري للفكرة الاوروبية.
وربما تكون احدى اهم ايجابيات المنتدى تأسيس شراكة فريدة من نوعها بين شركات كبرى ومنظمات اممية ودولية انسانية لتسهيل آليات التعامل مع الازمات الانسانية التي تجتاح العالم ولا تلوح في الافق بوادر لنهايتها.
وتشير خلاصة النقاشات التي دارت في هذه الدورة مع الحوارات التي اجرتها (كونا) مع لفيف من المشاركين فيها إلى ان العالم الآن يشهد “نقطة تحول تاريخية تدخل فيها العولمة مرحلة جديدة وتعاد فيه صياغة الكتل السياسية والاقتصادية في كيانات متعددة الاقطاب”.
وأعرب المتحدثون الى (كونا) عن اعتقادهم ان هذا الوضع الشديد الحساسية والملتهب يتطلب عقلانية شديدة من القوى الجديدة والتقليدية في هذا العالم لان اي موقف خطأ قد يحدث في الوقت الخطأ لن يكون محمود العواقب.