الإرهاب الأسود يحول مدينة الموصل العراقية لمدينة أشباح
رغم الانتصار الكبير الذي حققه العراقيون بتحرير مدينة الموصل من سيطرة ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) فان بصمة الارهاب بدت واضحة المعالم على جدرانها ومعالهما التاريخية لتظل شاهدا على الارهاب الذي مارسه التنظيم.
فالموصل التي كان تسمى ب “ام الربيعين” باتت اليوم عبارة عن اكوام من الانقاض بعد تسعة أشهر من القتال العنيف لطرد الدواعش واصبحت منازلها واحياؤها حطاما فيما تحولت هياكل السيارات المحترقة إلى قطع صغيرة.
وقال عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة الموصل طالب المعماري لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان سيطرة (داعش) على الموصل لمدة ثلاث سنوات تسببت في جعلها مدينة مهجورة ومدمرة.
واضاف ان اكثر من 300 مدرسة بحاجة لاعادة الاعمار موضحا ان نسبة الدمار بمدينة الموصل “المنكوبة” وصل الى 80 في المئة داعيا المجتمع الدولي الى مساعدة العراق على اعادة اعمارها.
وكانت وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي أطلقت خطة الحكومة الاتحادية لاعادة اعمار مدينة الموصل بعد تحريرها بشكل كامل من تنظيم داعش التي اجتاحها في منتصف عام 2014.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في بيان ان تحرير مدينة الموصل يعني بدء مرحلة جديدة وهي مرحلة اعادة اعمار المناطق المحررة مضيفة ان وزارة التخطيط وضعت خطة على مدى عشر سنوات لاعادة الاعمار والتنمية في المناطق المحررة بتكلفة تقدر بنحو 100 مليار دولار.
وفي الكويت اعلن سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح استعداد الكويت لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار المناطق المحررة في العراق قبل نهاية 2017 تماشيا مع مبادئ دعم الاشقاء وترجمة حقيقية لرسالتها الانسانية السامية باعتبارها (مركزا للعمل الانساني).
وحظيت مبادرة دولة الكويت بترحيب عراقي ودولي واسع من اجل اعادة الاعمار في المناطق المحررة من سيطرة تنظيم (داعش) الارهابي.
والزائر لمدينة الموصل يرى ان جانبها الغربي المسرح الأكبر للقتال بات مدمرا فيما خسرت المدينة معظم معالمها التاريخية ومبانيها الحكومية والخدمية وأسواقها التجارية ومدارسها وجامعاتها.
ووفق تقديرات أولية فإن أكثر من 90 في المئة من مشاريع الماء والكهرباء والشوارع دمرت ويحتاج رفع أنقاض المنازل إلى أسابيع وهو ما يفسر صعوبة عودة السكان إلى منازلهم قياسا إلى الجانب الشرقي من المدينة.
كما عمد مسلحو (داعش) الى تفجير منارة الحدباء وجامع النوري التاريخي الذي ذاع صيته كثيرا بعدما ظهر فيه زعيم (داعش) أبو بكر البغدادي لأول مرة.
ووفقا لتقرير الأمم المتحدة هناك ما بين 54 منطقة سكنية في غرب الموصل 15 منها سحقت بالكامل مع تدمير ما يقرب من 32 ألف منزل في تلك المناطق كما تعرضت 23 مقاطعة أخرى لأضرار متوسطة مع تدمير ما يقرب من نصف مبانيها وتعرض قرابة 16 حيا آخر لأضرار خفيفة كما دمر 16 ألف منزل آخر.
من جانبه قال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق توماس لوثر فايس في بيان له إن حجم الدمار في غرب الموصل هائل والتحدي المتمثل في إعادة الإعمار ليس بالأمر اليسير لضمان عودة مئات الآلاف من النازحين العراقيين إلى مجتمعاتهم وسبل كسب عيشهم.
وكانت المنظمة الدولية للهجرة موجودة على أرض الحدث منذ البداية لتقديم المساعدات الإنسانية والمأوى ودعم سبل كسب العيش وهي ملتزمة بمواصلة المساعدات من خلال التمويل اللازم من شركائها المانحين.
وقبل شن الهجوم لاستعادة المدينة كان يقطنها أكثر من مليوني نسمة نزح منهم خلال الحملة العسكرية 920 ألفا على الأقل وفق أرقام أعلنتها وزارة الهجرة العراقية.
ووفقا لوزارة الهجرة والمهجرين فإن النسبة الأكبر من النازحين في الموصل هي من سكان الساحل الغربي إذ يفضل النازحون مخيمات النزوح على رغم ظروفها الإنسانية الصعبة على العودة إلى مساكنهم فيما تحول الساحل الشرقي إلى ملاذ للنازحين ممن يمتلكون أموالا أو لهم أقارب هناك وسرعان ما ارتفعت أسعار المنازل وبدلات الإيجار أضعاف قيمتها.