الحجاج يؤدون صلاة الظهر والعصر جمعا وقصرا ويشهدون “خطبة عرفة”
أدى حجاج بيت الله الحرام صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا واستمعوا إلى خطبة عرفة اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم حيث امتلأت جنبات مسجد (نمرة) في مشعر عرفات بضيوف الرحمن.
وحث المستشار بالديوان الملكي السعودي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور سعد الشثري في خطبة يوم عرفة حجاج بيت الله على تقوى الله بالتزام شرائعه وترك نواهيه للفوز بمحبة الله ومعيته والفلاح في الدنيا والأخرة لافتا إلى أن من تقوى الله التزام أعظم ما أمر الله به وهو التوحيد بإفراد الله بالعباد حيث لا يصلى إلا لله ولا يدع إلا الله.
وذكر الشيخ الشثري أن التوحيد هو دين رسل الله جميعا صلوات الله عليهم وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله فلا يعبد بحق إلا الله مشيرا إلى أن الشهادة الأخرى التي يحصل بها مع شهادة التوحيد الفوز والنجاة والفوز الكبير هي شهادة أن محمد رسول الله الذي أرسله الله لهداية الخلق وأوحي إليه بحيث يصدق في خبره ويطاع في أمره ولا يعبد الله إلا بما جاء به.
وأكد أن سبيل النجاة وطريق الجنة هو الإيمان بالله وقال “إن رسول صلى الله عليه وسلم ذكر أركان الإسلام فقال الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت أن استطعت اليه سبيلا”.
ودعا الشيخ الشثري المسلمين إلى الاهتمام والعناية بالصلاة باعتبارها الصلة بين العبد وربه وكذلك بالزكاة كونها “قرينة الصلاة” في كتاب الله وتكون بإخراج جزء معلوم من المال وهي طهرة للنفوس ونماء للمال وتفقد لحاجة المحتاجين وبين أن الركن الرابع من أركان الاسلام هو صيام شهر رمضان أما الركن الخامس فهو حج بيت الله الحرام موضحا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج في السنة العاشرة ونزل عليه في يوم عرفة قوله تعالى “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا” إذ بالحج كمل دين الله وتمت شريعته المشتملة على الفضائل العالية والمحاسن الشريفة.
وأشار الشيخ الشثري إلى أن من محاسن الدين الإسلامي أنه حض على الاجتماع والتآلف والتعاون على الخير وكذلك حثه المؤمنين على الأخلاق الفاضلة والأقوال الطيبة مبينا أن الله سبحانه أمر المؤمنين بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعل مما يفرق المؤمن عن المنافق الصدق في الحديث والوفاء بالعهد والأمانة.
كما أشار إلى أن من محاسن الشريعة الإسلامية أنها خير ورحمة للخلق اجمعين وأمرها بالعدل والاحسان وإعطاء كل ذي حق حقه وتنظيم الحياة على أكمل الوجوه وأتمها وكذلك تنظيمها لأحوال الأسرة بما يؤدي إلى سعادة الزوجين ببعضهما وبما يؤدي إلى صلاح الذرية ليكونوا لبناة صالحة في مجتمعاتهم.
ولفت الشيخ الشثري إلى أن الشريعة الإسلامية اقتضت بر الوالدين وحسن تربية الأبناء وصلة الرحم ليتماسك المجتمع ويتآلف ونهت عن الفواحش والموبقات.
وأضاف “إن من محاسن الشريعة تنظيمها للمعاملات المالية لتقضى حوائج الناس ولتنمو التجارة ويزدهر الاقتصاد المبني على ثقة الناس بعضهم ببعض ومن هنا حرم الغش وأكل أموال الآخرين بالباطل وأكل الربا والجهالات في البيوع والقمار والميسر وأمر بالعدل والإنصاف وتوثيق الحقوق”.
وبين أن الدين الإسلامي شدد على مبادئ الأمن والاستقرار في المجتمع “لتزدهر به الحياة وتنمو به التجارات وتطمئن به القلوب وليتمكن الناس فيه من عبادة علام الغيوب”.
وأكد الشيخ الشثري أن المسلم مساهم في الأمن في كل مكان فهو لا يعتدي ولا يتجرأ على أمان غيره أو يسفك الدم متسائلا في الوقت نفسه “كيف يعتدي المسلم وهو يسمع قول الله تعالى (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين).
وقال “طريقة المسلم عدم تجاوز ما أمر الله به من الوفاء بالعهود والمواثيق وملتزم بما أمر الله به من طاعة ولاة الأمور بما يحفظ النظام العام وينتج عنه استقرار البلدان وأمنها”.
وأضاف “المسلم يمقت الاعتداء على الآمنين من المسلمين وغيرهم في مختلف البلدان ويدين الاعتداء والجماعات الإرهابية” مشيرا إلى أن الشريعة الإسلامية جاءت بما يحفظ الأمن والاستقرار في كل المجالات فحفظت الأمن العقدي والأمن الفكري والأمن السياسي والأمن الاخلاقي كما جاءت بحفظ الأمن في الدول والأوطان وزراعة محبة الخير في القلوب فيتمنى المرء لأخيه ما يتمناه لنفسه مؤكدا أن التحاسد مذموم والكراهية منبوذة في الإسلام.
وقال “لإن كان الشرع يأمر بنشر الأمن والسلام والاستقرار في جميع بقاع العالم فإن الشرع يؤكد ذلك في هذه البلاد المباركة” مضيفا “توعد الله من هم بالإحداث في الحرمين فقال تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم)”.
وأضاف “كما أمن الله الحرمين الشريفين بهذه الولاية الإسلامية نسأل الله سبحانه أن يعيد المسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يحفظ أهلنا في فلسطين وأن يمن عليهم بالأمن والعيش الرغيد واسترجاع حقوقهم”.
وبين الشيخ الشثري أن المسلمين نهوا عن الجاهلية العصبية المقيتة والتمييز بين الناس ورفع الشعارات والتفاخر بالأباء والأجداد.
وحذر من جعل موسم الحج من أوامر الجاهلية بأن يجعل موسما للمزايدات أو مكانا للشعارات أو المظاهرات أو الدعوة للأحزاب والتجمعات مؤكدا أن “لا مكان للشعارات الحزبية ولا للدعوات المذهبية ولا للحركات الطائفية التي نتج عنها تشريد الملايين”.
وحث الأمة الإسلامية قاطبة على التمسك بكتاب الله لنيل الهداية والفلاح.
وخاطب الشيخ الشثري قادة الأمة قائلا “هذا كتاب الله بين أيديكم سيروا على هدية وحكموه وانشروه في الأمة مستشهدا بقوله تعالى (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق).
ودعا علماء الأمة إلى الاستنباط من كتاب الله لحل المشاكل وقال “إن كتاب الله هو المصدر الكامل للهداية فاستنبطوا منه حلول مشاكل الأمة حاثا إياهم إلى التقرب إلى الله بنشر أحكامه وأخلاقه.
كما دعا الآباء والأمهات والمربين إلى تعليم أبنائهم القرآن الكريم “ففيه الهداية والفرقان والأخلاق الفاضلة وخيركم من تعلم القرآن وعلمه” وحث أيضا الإعلاميين على وجوب نشر ما دعا إليه القرآن العظيم من الخير والفضائل.
وأوصى أصحاب المال بالتقرب إلى الله بالبذل من ما أتاهم الله من المال في نشر كتاب الله وترغيب الخلق في تعلمه وتعليمه والعمل به والدعوة إليه.
واختتم الشيخ الشثري خطبة عرفة بذكر هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أداء مناسك الحج داعيا الحجاج إلى اغتنام خيرات هذه الأيام المباركة والإكثار من الدعاء لأنفسهم ولمن لهم حق وللمسلمين عامة بأن يصلح الله أحوالهم ويتولى شؤونهم.
ومن ناحية أخرى أكد مسؤول أمني سعودي اليوم الخميس جاهزية (منشأة الجمرات) لاستقبال حجاج بيت الله الحرام غدا الجمعة الموافق للعاشر من شهر ذي الحجة (يوم الحج الأكبر) عبر منظومة أمنية مكونة من قوات الطوارئ الخاصة الموكل إليها تنظيم المشاة والمنتشرة في مداخل ومخارج المنشأة.
وأوضح قائد قوات أمن الحج السعودية الفريق أول ركن خالد الحربي في تصريح بثته وكالة الأنباء السعودية أنه تم وضع العديد من الخطط لتسهيل حركة تفويج الحجاج التي تكفل الحفاظ على أمنهم وسلامتهم.
وأشار الحربي إلى أنه سيتم توزيع الحجاج القادمين إلى (منشاة الجمرات) من مختلف الجهات والطرق على مختلف الطوابق بالمنشأة وفق خطط وآليات أعدت ومنذ وقت مبكر بما يضمن نجاح وتسهيل عملية دخولهم إليها.
وذكر أنه ستتم مراقبة حركة الحجاج في (منشأة الجمرات) عبر مركز للقيادة والسيطرة توجد به أكثر من 500 كاميرا تعمل على مدار الساعة ومرتبطة مباشرة بمركز القيادة والسيطرة للأمن العام وتعمل على إدارته كوادر وطاقات بشرية مؤهلة أعلى درجات التأهيل في مجال مراقبة وإدارة الحشود.
من جانبه أوضح قائد قوات الطوارئ الخاصة في الحج اللواء محمد العصيمي أن عمل قوات الطوارئ في (منشأة الجمرات) سيكون مركزا في إدارة حركة الحشود وتنظيم رمي الجمرات في كل الطوابق بهدف تحقيق التوازن في سهولة الحركة.
وأكد العصيمي قدرة وجاهزية هذه القوات في تأدية أعمالها عبر الخبرات المتراكمة التي حققتها في مواسم الحج السابقة.
كما أكد جاهزية (منشأة الجمرات) لاستقبال الحجاج للقيام برمي الجمرات من خلال ستة طوابق تتوافر فيها الإمكانات كافة مشيرا إلى ما يتوافر في المنشأة من خدمات وإمكانات مادية متطورة من كاميرات مراقبة وغيرها من المكانات المادية إلى جانب العنصر البشري المدرب أفضل تدريب على التعامل مع الحشود وسبل تقديم الخدمات لضيوف الرحمن والسهر على راحتهم.