المحافظون يسعون إلى التجديد للمستشارة الألمانية لولاية رابعة
يسعى التيار المحافظ في ألمانيا بحزبيه المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي البافاري الى الفوز في الانتخابات المقررة يوم ال24 من سبتمبر الجاري تمهيدا للتجديد للمستشارة الألمانية انجيلا ميركل لولاية رابعة.
وإذا بقيت جميع نتائج استطلاعات الرأي على حالها فإن الاتحاد المسيحي الديمقراطي المكون من الحزبين سيتمكن من احتلال المركز الاول يليه منافسه التقليدي الحزب الاشتراكي الديمقراطي الامر الذي سيعني تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة التي ستسير امور ألمانيا في الاعوام الاربعة المقبلة.
وتشير نتائج اخر استطلاع للرأي اشرفت عليه القناة التلفزيونية الألمانية الاولى (ايه ار دي) الى ان الاتحاد المسيحي الديمقراطي سيحصل على 37 في المئة من مجمل اصوات الناخبين مقابل 26 في المئة للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وبحسب نتائج الاستطلاع فإن الاحزاب الاربعة الاخرى وهي اليسار والخضر والليبرالي واليميني المتطرف (البديل) ستحصل على نسب تتراوح بين 9 و12 في المئة ما يعني وجود منافسة شديدة على المركز الثالث وتأثيرا مباشرا على التشكيلة المحتملة للحكومة الجديدة.
ويتمتع جناح المحافظين الألمان بخصوصية تتلخص في تألفه من حزبين هما المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي البافاري لكن الحزبين يشكلان كتلة نيابية واحدة في البرلمان (بوندستاغ) ويرشحان شخصية واحدة لتمثلهما في الانتخابات وهي في دورة هذا العام المستشارة ميركل.
ويعرف الناخبون التقليديون للحزب الديمقراطي المسيحي بأنهم من الطبقة الوسطى ومن ذوي الاتجاهات المحافظة والمتدينة اضافة الى اصحاب المهن الحرة والمزارعين وذوي الدخل المتوسط.
ويرجع تاريخ تأسيس هذا الحزب الى نهاية الحرب العالمية الثانية عندما ترأسه المستشار الألماني الاسبق كونراد ادناور الذي تمكن من ترؤس الحكومة الألمانية في الفترة الممتدة بين عام 1949 وهو العام الذي شهد تأسيس ألمانيا الحديثة وعام 1963.
ويرجع الفضل لأول مستشار في ألمانيا المحافظ ادناور في ما يعرف ب”المعجزة الاقتصادية الألمانية” في اشارة الى تمكن البلاد من النهوض بسرعة من دمار الحرب العالمية الثانية وبناء دولة حديثة ذات اقتصاد مؤثر.
ومن اشهر الشخصيات التي ترأست الحزب كان المستشار الألماني الاسبق هيلموت كول الذي ترأس الحكومة الألمانية بين عامي 1982 و1998 ويعود له الفضل في اعادة الوحدة الألمانية بين ألمانيا الاتحادية وألمانيا الشرقية (الشيوعية سابقا).
ويركز الاتحاد في حملاته الانتخابية على القيم المحافظة والمتدينة وذلك رغم جميع التغييرات التي اضفتها عليه رئيسته المستشارة الألمانية ميركل منذ وصولها الى السلطة في عام 2005.
ومن ابرز التغييرات التي حاولت انجيلا ميركل القيام بها هي التخلي عن المفاعلات الذرية كمصدر للطاقة وفتح ابواب بلادها في صيف عام 2015 لمئات الاف اللاجئين الامر الذي سبب صدمة للناخبين التقليديين للحزب المعروف بتوجهاتهم المحافظة.
وعلى صعيد الملف الابرز في الحملة الانتخابية الألمانية وهو ملف الهجرة واللجوء وما يرتبط به من دوافع امنية خاض الحزب حملته على اساس تبني سياسة تهدف الى الخفض المستمر في اعداد اللاجئين وذلك من خلال تقليل اعداد الوافدين منهم وفي الوقت ذاته ترحيل المخالفين. وفي وقت نجحت فيه رئيسة الحزب في توقيع (اتفاق اللجوء) في ال20 من مارس العام الماضي مع تركيا ووقف تدفق اللاجئين عبر طريق البلقان يسعى الحزب الى تشجيع العمالة الاجنبية المؤهلة الى الالتحاق بأسواق العمل في ألمانيا.
وعلى صعيد الامن فإن الحزب يدعو الى ضرورة تشديد الاجراءات الامنية وذلك من خلال تعزيز سبل المراقبة وزيادة اعداد افراد الشرطة والامن لاسيما بعد سلسلة الهجمات الارهابية التي شهدتها ألمانيا في صيف عام 2016 واثبات تنفيذ لاجئين بعضها.
وعلى صعيد الملف الذي فرض نفسه في هذه الانتخابات وهو ملف العلاقات مع تركيا فإن رئيسة الحزب ميركل اعلنت انها ستتشاور مع الشركاء الاوروبيين حول امكانية وقف مباحثات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي في حين اعرب الاشتراكيون الديمقراطيون عن تأييدهم لوقف فوري لهذه المباحثات.
وبشأن اسواق العمل فإن الحزب يسعى الى هدف طموح وهو ما يعرف ب “التشغيل الكامل” اي الا تتعدى نسبة البطالة اكثر من 3 في المئة علما ان الحكومة الألمانية نجحت منذ وصول انجيلا ميركل الى السلطة في عام 2005 الى خفض نسبة البطالة الى 7ر5 في المئة وهي نسبة متدنية مقارنة بدول اوروبية اخرى.
وعلى صعيد اهم الملفات الخلافية مع الادارة الامريكية الجديدة وهو ملف النفقات الدفاعية فإن الاتحاد المسيحي الديمقراطي يؤيد زيادة هذه النفقات ولكن بموجب قمة حلف شمال الاطلسي في (ويلز) التي اتفقت الدول الاعضاء من خلالها على زيادة النفقات الدفاعية لتشكل 2 بالمئة من الناتج القومي المحلي وذلك في موعد اقصاه عام 2024.
واذا تمكن الاتحاد المسيحي الديمقراطي الاحد المقبل من حسم هذه الانتخابات لصالحه فإن هذا يعني ان المستشارة الحالية ميركل ستحطم الرقم القياسي لنظيرها المحافظ هيلموت كول وهو بقاؤها في السلطة 16 عاما.
وكانت ميركل قد تفوقت في عام 2005 على الاشتراكي الديمقراطي غيرهارد شرودر وترأست الحكومة الألمانية مع الاشتراكيين الديمقراطيين بين 2005 و2009 وبعدها مع الليبراليين لغاية 2013 ثم مع الاشتراكيين الديمقراطيين حتى اليوم.