الأكراد ماضون في طريق الانفصال رغم التحذيرات الاقليمية والدولية
تشبث الأكراد بموقفهم بالمضي قدما نحو إجراء استفتاء للانفصال في إقليم كردستان العراق رغم التحذيرات الإقليمية والدولية والقاء بغداد باللوم عليهم بالفشل في إدارة منطقتهم التي تتمتع بحكم ذاتي.
ورغم أجواء الترقب للاستفتاء المقرر غدا الاثنين وما ستسفر عنه النتيجة إلا أنه لا شك بأنه سيفتح الباب على مصراعيه لإثارة قضية مدينة كركوك الغنية بالنفط التي توصف بأنها الاكثر حساسية في خلاف بين بغداد واربيل لاسيما وأنها ليست جزءا من ثلاث محافظات تشكل منطقة الحكم الذاتي في كردستان العراق.
كما أن ايران وتركيا وهما البلدان الجاران ويملكان حدودا مشتركة اتفقا على رفض أي تحرك لتقسيم العراق أي انشاء كيان جديد.
وبينما وصف رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني استفتاء الإقليم للانفصال عن بغداد بأنه خطوة أولى نحو تقرير المصير في مسعى لتحقيق التطلعات لإقامة دولة مستقلة للأكراد الذين يتوزعون على اربع دول من بينها العراق أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ان بغداد ستكون لها “خطوات لاحقة لحفظ وحدة البلاد”.
وشدد بارزاني في مؤتمر صحفي بأربيل على أن الاستفتاء لا يهدف إلى رسم حدود جديدة لكنه اضاف ان “بغداد هي التي أرغمتنا على إجراء الاستفتاء والشراكة معها انتهت”.
واضاف بارزاني “الاستفتاء هو الخطوة الاولى لتقرير المصير ويأتي بعدها مرحلة طويلة تبدأ ونتحاور مع بغداد لكي نكون جارين متفاهمين معا”.
واستبعد حدوث نزاع مسلح مع بغداد مؤكدا وجوب التعاون مع الجيش العراقي والتحالف لمحاربة الارهاب لافتا إلى “ان سياستنا هي ان نبني افضل العلاقات مع الدول”.
وأضاف “أننا مستعدون لإجراء مفاوضات مع بغداد بعد الاستفتاء قد تدوم لعام أو عامين أو فترة أطول” داعيا المواطنين في كردستان العراق إلى التوجه الى صناديق الاستفتاء “بقلب طيب وشفافية”.
واضاف أن “الهدف من الاستقلال هو من اجل تشكيل دولة مدنية تحترم مبادئ حقوق الانسان “.
وحول المخاوف التركية والايرانية من الاستفتاء قال بارزاني “لا اتفق مع تصور تركيا باننا سنكون مصدر تهديد لهم بل بالعكس سنكون مصدر استقرار لهم” لافتا الى سنوات طويلة لم يكن فيها الاقليم مصدر تهديد لأي من الجيران “ليست لنا اية نية للتصعيد مع اي احد “.
واشار بارزاني إلى ان رد فعل المجتمع الدولي كان “مفاجئا” بالنسبة للأكراد “مع انه لم يقل احدهم بانه ضد مبدا تقرير المصير او ضد الاستفتاء وموقف بغداد اشتد بالتزامن مع الموقف الدولي”.
واكد بارزاني انه “في الاخير فان المجتمع الدولي سوف يتعامل مع الامر الواقع” مشيرا إلى أنه “لولا شعب كردستان لما تم إقرار الدستور الحالي الذي رفضته أربع محافظات عراقية”.
كما لفت رئيس إقليم كردستان العراق إلى ملف النازحين بالقول “نطمئن النازحين بأنهم سيبقون أهل الدار في كردستان لحين استعادة مناطقهم”.
وبدوره شدد رئيس الوزراء العراقي العبادي على رفض بغداد للاستفتاء المقرر اجراؤه في إقليم كردستان العراق اتخاذ خطوات لاحقة لمواجهته.
وقال العبادي في كلمة متلفزة إن قرار الاستفتاء مخالف للدستور والتعايش السلمي مضيفا “لن يتم التعامل معه ولا مع نتائجه.. وستكون لنا خطوات لاحقة لحفظ وحدة البلاد”.
وأضاف “لن نتخلى عن مواطنينا الأكراد وسيبقى العراق لكل العراقيين” مشيرا إلى أن “معظم مشكلات إقليم كردستان العراق داخلية وليست مع بغداد وبالتالي فإنها ستتفاقم مع دعوات الانفصال والصعوبات الاقتصادية والمالية في الاقليم من انتاج الفساد وسوء الإدارة”.
واكد ان حكومته لن تسمح بتقسيم البلاد وقال انه “مع اشتداد الحرب على الارهاب ومع اقتراب تحقيق النصر النهائي تتعرض خريطة العراق لمحاولة تقسيم من شانها تمزيق وحدة العراق والتفريق بين ابناء الوطن الواحد على اساس قومي وعرقي”.
وقال ” في الوقت الذي توحدنا شعبا ومقاتلين لصد عصابة ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المجرمة نفاجأ بدعوات التفرقة والعودة الى عهد الظلام والتسلط والدكتاتورية” مضيفا ان العراق سيبقى لكل العراقيين ولن يكون دولة طائفية او عرقية.
واعتبر ان من واجب القادة هو رعاية شؤون المواطنين وحمايتهم من الاخطار التي تحيط بهم “وليس تعريضهم للخطر وادخالهم في صراعات لا طائل منها”.
وطالب العبادي الاكراد بمساءلة المسؤولين في الاقليم على ما وصفه بالاستيلاء على ما يقارب 900 الف برميل نفط يوميا اي ما يعادل ربع انتاج النفط الخام في العراق وعدم دفع رواتب الموظفين في الاقليم.
واضاف ان الايرادات النفطية في الاقليم لا توضع في حساب واضح معلن يطلع عليه المواطنون ولا يسمح بالرقابة المالية عليها موضحا ان ادارة الاقليم كانت ترفض عمل اجهزة الرقابة والنزاهة بهدف التغطية على “الفساد وسوء الإدارة”.
واكد انه لا يجوز ان تكون الاموال العامة ملكا للاشخاص والاحزاب وان تدفع الرواتب والهبات للانصار ويترك باقي المواطنين.
وحذر من تفاقم مشكلات الاقليم داخليا بسبب خطوة الاستفتاء معتبرا ان الاستفتاء لا يحظى بدعم من المجتمع الدولي او من الجيران “بسبب المواقف العدائية لمسؤولي الاقليم ضد كل جيرانهم وضد المجتمع الدولي وهي سياسات تقف بالضد من مصالح مواطنينا في الاقليم”.
واكد ان التفرد بقرار يمس وحدة العراق وامنه هو قرار مخالف للدستور وللتعايش السلمي “ولن يتم التعامل معه ولا مع نتائجه وستكون لنا خطوات لاحقة لحفظ وحدة البلاد ومصالح كل المواطنين”.
وكان رئيس اقليم كردستان العراق بارزاني أكد أيضا في وقت سابق اليوم الاحد المضي قدما في اجراء استفتاء على الانفصال عن بغداد قائلا “الاستفتاء من ابسط الحقوق الديمقراطية”.
وأكد بارزاني في لقاء مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش ان “الاستفتاء من ابسط الحقوق الديمقراطية” مبينا ان “شعبنا قد اعطى قراره ولن يتراجع عنه وغدا سيجري الاستفتاء وبعد ذلك فان أبواب الحوار مع بغداد مفتوحة بشأن الحدود وجميع المواضيع الأخرى بشكل سلمي من اجل ان نكون جارين جيدين”.
وأعرب بارزاني عن قلقه من موقف منظمة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي “والتي تصرفات على العكس من مبادئها التي نصت عليها الاتفاقات والمواثيق المثبتة لدى المجتمع الدولي وهو حق طبيعي للشعوب”.
كما أشار إلى أن “كردستان ستبقى على موقفها السابق بشأن دورها في التحالف ضد ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وكذلك التنسيق بين قوات بيشمركة كردستان والجيش العراقي ضد الإرهاب سيستمر” مؤكدا ان “سياسة كردستان بشأن احتواء النازحين ستستمر على ما هي عليه والنازحون اخوتنا”.
واكد كذلك ان العلاقات الاجتماعية بين المكونات القومية والدينية والمذهبية ستبقى على ما هي عليه أيضا في إقليم كردستان.
وكان رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني أكد في وقت سابق أنه تسلم مشروعا مقترحا من ممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة كبديل للاستفتاء لكنه قال “حتى هذه اللحظة لم يقدم البديل الذي أردنا أن يحل محل الاستفتاء” وأن البدائل لا ترتقي الى الطموحات.
وعلى صعيد ملف الاستفتاء أعلنت ايران اليوم الاحد أنها أغلقت مجالها الجوي مع اقليم كردستان العراق على خلفية عزم الاقليم اجراء الاستفتاء على الانفصال عن بغداد.
ونقلت وسائل اعلام رسمية ايرانية عن المتحدث باسم المجلس الاعلى للامن القومي الايراني كيوان خسروي قوله ان المجلس قرر اغلاق الحدود الجوية الايرانية مع اقليم كردستان العراق.
واضاف خسروي أنه سيتم إيقاف جميع الرحلات الجوية من إيران باتجاه مطاري السليمانية واربيل وكذلك الرحلات العابرة للأجواء الايرانية انطلاقا من اقليم كردستان “بطلب من الحكومة المركزية العراقية”.
وخرج العديد من مسؤولي ايران ليؤكدوا رفض بلادهن لأي تحرك يهدف الى تقسيم العراق معتبرين ان نزعة الانقسام “لو انطلقت لن يكون لها نهاية في المنطقة”.
وقال رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في مجمع تشخيص مصلحة النظام الايراني علي ولايتي ان ايران “حليف استراتيجي للعراق وتوافق مع أي قرار تتخذه الحكومة المركزية في بغداد”.
واعتبر ان نزعة الانقسام لو انطلقت لن يكون لها نهاية في المنطقة وانها تصب لصالح القوى “الاستعمارية والمتغطرسة سيما امريكا واسرائيل”.
واشار المسؤول الايراني الى “معارضة” حكومات المنطقة وجامعة الدول العربية وكذلك الدول الاسلامية الاخرى لأي نزعة تهدف الى تقسيم المنطقة والتي من شأنها ان تؤدي الى زعزعة الامن في المنطقة “وهي مرفوضة تماما”.
وبدورها حذرت السفارة الامريكية في بغداد اليوم الاحد رعاياها في العراق من اضطرابات محتملة في حال قامت حكومة اقليم كردستان باجراء استفتاء استقلالها عن بغداد يوم غد الاثنين.
وذكرت السفارة في بيان ان بعثة الولايات المتحدة في العراق ستقلص مؤقتا حركات الافراد كاجراء وقائي مطالبة المواطنين الامريكيين بتجنب السفر الى المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد واربيل.
ودعت مواطنيها كذلك الى الحفاظ على شعور متزايد بالوعي الامني واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز امنهم الشخصي في جميع الاوقات عند العيش والعمل في العراق.
وفي انقرة جدد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم اليوم الأحد موقف بلاده بأنها لن ترحب أبدا بأي كيان جديد على حدودها الجنوبية واصفا استفتاء انفصال اقليم كردستان العراق عن بغداد بأنه “غير شرعي وباطل”.
واعتبر يلدريم في كلمة باجتماع فروع حزب العدالة والتنمية ان ادارة الاقليم مسؤولة عن عواقب اجراء الاستفتاء المقرر غدا الاثنين. وأضاف ان الاستفتاء لن يكون حلا لأي مشكلة لدى حكومة اقليم كردستان العراق بل سيؤدي الى تفاقم الفوضى وعدم الاستقرار وغياب السلطة مشيرا الى ان “سكان المنطقة هم من سيدفعون ثمن ذلك”.
وأكد ان بلاده ستستمر في مساعدة من عانوا من التنظيمات “الارهابية” مثل ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وحزب العمال الكردستاني متوعدا بمحاسبة من يصر على اجراء هذا الاستفتاء بغض النظر عن نتائجه.
وقال ان “بعض القياديين والأشخاص الذين يعتقدون بأن شعوب المنطقة واخوتنا الأكراد يستحقون الظلم سوف يحاسبون من قبل شعوبهم أولا وجميع الجهات الرافضة للاستفتاء ثانيا”.
في سياق متصل دعا نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ في كلمة بمناسبة مماثلة بمدينة (يوزغات) وسط تركيا الى إلغاء الاستفتاء وليس تأجيله محذرا من أنه سيتسبب بكارثة في المنطقة.
وكان وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون جدد أمس السبت موقف بلاده الرافض للاستفتاء حول انفصال اقليم كردستان ودعمه لاجراءات الحكومة العراقية في حفظ وحدة العراق.
وذكر بيان حكومي أن تيلرسون أكد خلال اتصال مع العبادي دعم بلاده الكامل للحكومة العراقية ولجميع خطواتها الرامية لحفظ وحدة العراق.
يذكر أن استفتاء الاستقلال لن يشمل محافظات إقليم كردستان فقط بل سيشمل أيضا المناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي بين الإقليم والحكومة العراقية كمحافظة كركوك وعدد من مدن محافظات الموصل وديالى وصلاح الدين.