ابوالغيط: المتغيرات التي تواجهها المجتمعات العربية تستدعي حشد جهود جبارة لاستيعاب تبعاتها الخطيرة
أكد الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابوالغيط ان المتغيرات التي تواجهها المجتمعات العربية على الصعيد الديموغرافي والبيئي والاقتصادي والاجتماعي تستدعي حشد جهود جبارة من أجل مواكبتها واستيعاب تبعاتها الخطيرة على حياة الناس.
وقال ابوالغيط في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة (37) لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب ان الاثار الاجتماعية والانسانية الهائلة التي تصاحب لحظات التغيير هي أخطر ما يواجه مجتمع من المجتمعات موضحا ان لحظة التغيير التي تمر بها المنطقة العربية هي “لحظة تغيير عميق ومتسارع”.
وأوضح ان التحولات التي تشهدها المنطقة لا تخفى على أحد فهي ليست تحولات هامشية أو سطحية بل هيكلية وذات آثار ممتدة مؤكدا إنها تحولات تضرب المجتمعات العربية في العمق وبعضها يشكل تحديات خطيرة لأمنها واستقرارها ورفاهها.
وتطرق الى ما حملته عواصف الاضطراب للمنطقة من آثار مزلزلة خلال الأعوام السابقة ومنها “مجتمعات تتفسخ وحواضر تخرب وسكانا يشردون بالملايين ودولا تنحدر إلى هوة الاحتراب الأهلي الدامي”.
وأكد صعوبة هذه التحديات اذ كثير منها “غير مسبوق في طبيعته أو مداه” مستدركا بالقول “إلا أن الشك لم يداخلني لحظة واحدة في قدرة مجتمعاتنا على تجاوزها والعبور إلى أفق أفضل”.
واضاف ان الأمة العربية ليست نبتا ضعيفا تعصف به ريح مهما اشتدت ولا هي بيتا هشا يتداعى بنيانه لأقل هزة فالكبوات والانكسارات واردة في حياة الشعوب والأمم حيث يتعلم الناس منها وتشخذ المجتمعات في مواجهتها طاقة الصمود والتحدي.
واكد تلمس بوادر هذا الصمود وإشارات إلى ذلك التحدي اذ احتشدت المجتمعات العربية في مواجهة الهجمة الداعشية البربرية بعد سقوط الضحايا وخراب المدن معربا عن تفاؤله بقدرة المجتمعات العربية على الخروج من هذه الكبوة أكثر تماسكا وأشد تلاحما وأمضى عزما على انتشال العالم العربي من هوة الحروب الدينية الدامية والصراعات الطائفية المقيتة.
وأوضح ابوالغيط ان إرادة التغيير “نراها ونلمسها ونستشعر زخمها لدى أهل الحكم وممثلي المجتمع المدني على حد سواء” فالكل باتت يدرك أن الاصلاح فرض عين ينخرط الجميع كل بطريقته وإيقاعه ووفقا لقناعته في جهود إصلاحية وتنموية تهدف إلى تغيير المجتمعات العربية.
وأكد السعي إلى بناء الإنسان العربي القادر على التعاطى مع هذا العصر تعليما وثقافة واقتصادا وصحة بعد ان أدرك الجميع أن الحفاظ على الاستقرار يتطلب الانخراط في التغير وان الاستقرار ليس ولا ينبغي أن يكون مرادفا للركود والتكلس حيث الاستقرار هو “فعل حركة..فعل تكيف دائم مع المتغيرات”.
وأشار الى أن المجلس الوزاري يتعامل مع أخطر الجوانب المتعلقة بظاهرة الإرهاب أي الجانب المجتمعي الذي لا يعنى فقط بالإجابة على سؤال “كيف نواجه الإرهاب وإنما أيضا وربما بدرجة أكبر بسؤال لماذا يظهر الإرهاب من الأصل وكيف ترعرعت بذوره الشيطانية في مجتمعاتنا”.
وذكر أن الفقر المتعدد الابعاد يمثل أحد الأهداف الرئيسية لتحقيق التنمية الشاملة في الدول العربية وأحد المحاور الرئيسة لخطة التنمية المستدامة 2030 وعليه فان الأمانة العامة الجامعة الدول العربية بما لديها من شراكات فاعلة مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية والتجمعات الاقليمية والجهوية سوف تسعى لدعم جهود المجلس لتنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 الذي اقرته القمة العربية في نواكشوط.
ودعا الى التركيز على دعم الكوادر العربية في مجالات التخطيط والسياسات وإعداد المؤشرات العربية التي تتواءم والمعايير الدولية.
وقال ابوالغيط ان مقياس التقدم الحقيقي للأمم لا يقتصر على ما حققته لفئاتها الأكثر قدرة وتمكينا وإنما بحال فئاتها الضعيفة والمهمشة والهشة وهذه الفئات كما هو معروف تكون الأكثر معاناة جراء برامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي وهو ما يتطلب عملا متواصلا من أجل اسناد هذه الفئات ورعايتها.
وذكر ان التعامل مع الفئات الضعيفة لا بوصفها عبء بل طاقة إيجابية كامنة يمثل المحك الحقيقي لنجاح الدول العربية في عبور الأزمات الحالية من دون اضطرابات اجتماعية تعصف بجهود التنمية والإصلاح والعمران.
وشدد على أهمية تنفيذ مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب لخطته الخمسية وتحقيق المهام الجسام الملقاة على عاتقه داعيا الدول الأعضاء الى الاستمرار في دعم الصندوق العربي للعمل الاجتماعي التابع للمجلس بما ينعكس ايجابا على المواطن العربي ويعزز الكوادر للقيام بمهامها على أكمل وجه.
وشهدت الجلسة الافتتاحية للدورة (37) لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب التي تستضيفها دولة الكويت على مدى يومين تسلم وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية الكويتية هند الصبيح رئاسة الدورة الحالية من تونس رئيس الدورة (36).
ومن المقرر ان يستعرض المجلس الوزاري ما تم إنجازه من أنشطة خلال الدورة السابقة وخاصة ما يتعلق بمتابعة نتائج المؤتمر الوزاري حول الإرهاب والتنمية الاجتماعية وإطلاق التقرير العربي حول الفقر متعدد الأبعاد في الدول العربية ومختلف الأنشطة التي تم إنجازها في إطار الرئاسة التونسية للدورة 36.
ويتضمن جدول أعمال الدورة (37) جملة موضوعات ذات العلاقة بمجالات الإعاقة والفقر والطفولة والمسنين ومن أهمها الإعداد للدورة (29) لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المقرر عقدها خلال شهر مارس 2018 بالرياض والإعداد للقمة العربية التنموية الاقتصادية والإجتماعية الرابعة (2019) الى جانب بند خاص بمتابعة تنفيذ الأبعاد الاجتماعية لأهداف التنمية المستدامة 2030.