موسم الحرائق يلتهم سنويا مساحات شاسعة من الغطاء الاخضر في لبنان
تتكرر الحرائق في لبنان سنويا لتلتهم مساحات شاسعة من المناطق الحرجية والغابات الخضراء التي تعاني اساسا تقهقرا مستمرا امام اجتياح العمران والمباني الاسمنتية.
ويزداد خطر الحرائق في مختلف المناطق اللبنانية كل عام مع نهاية فصل الامطار في الربيع ويصل الى الذروة مع اشتداد درجات الحرارة في منتصف الصيف وانتشار الاعشاب والنباتات اليابسة وصولا الى فصل الخريف الذي ينتهي خلاله موسم الحرائق في البلاد.
وقال مدير برنامج الاراضي والموارد الطبيعية في جامعة البلمند اللبنانية جورج متري لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان ما اصطلح على تسميته بموسم الحرائق في لبنان يمتد بشكل عام بين شهري ابريل ونوفمبر الا ان تحديد بدايته ونهايته يختلف بين عام وآخر اذ سجلت بعض الاعوام بداية الموسم باكرا في شهر مارس بينما امتد في اعوام اخرى حتى شهر ديسمبر.
واضاف ان تحديد انطلاقة موسم الحرائق يعتمد على عدة امور ابرزها عوامل الطقس وهطول الامطار وكميتها وهو ما يؤثر ايضا على عدد الحرائق وخطورتها لافتا الى ان المساحات التي تلتهمها الحرائق سنويا تتراوح ما بين 1200 و1500 هكتار من المساحات الحرجية كمعدل وسطي.
واشار متري الى دراسة اشرف عليها وامتدت عدة سنوات اظهرت ان مدة موسم الحرائق تنحو للزيادة وترتفع معها اعداد الحرائق المندلعة وخطورتها والمساحات التي تلتهمها.
واوضح ان لهذه الزيادة اسبابا عدة ابرزها بيئية يرجح ارتباطها بتغير المناخ كامتداد فصل الجفاف في البلاد اضافة الى العوامل الاقتصادية والاجتماعية مثل النزوح المتزايد من الارياف نحو المدن ما ادى الى اهمال مساحات شاسعة من الاراضي وانتشار النباتات والاعشاب فيها.
وشدد متري على حاجة الاحراج والغابات والاراضي الى صيانة مستمرة لا سيما اشجار الصنوبر التي تنتشر في معظم المناطق اللبنانية للوقاية من خطر الحرائق داعيا الجهات الرسمية المعنية والبلديات المحلية الى ايلاء هذا الموضوع الاهتمام اللازم.
وذكر ان 99 بالمئة من الحرائق في لبنان مفتعلة من قبل اشخاص سواء عن قصد لازالة الاشجار بهدف استثمار الاراضي في البناء وشق الطرقات واقامة المشاريع وغيرها او عن غير قصد بسبب الاهمال والانشطة البشرية.
ولفت متري الى ان الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن حرائق الغابات تقدر بملايين الدولارات سنويا رغم غياب الدراسات الدقيقة حول الموضوع.
وتطرق متري الى آلية اطفاء الحرائق مشددا على ضرورة وصول اجهزة الاطفاء خلال اقل من 20 دقيقة من اندلاع الحريق ما يمكنها من السيطرة عليه ومنع امتداده.
ودعا الى تجهيز مديرية الدفاع المدني المعنية باطفاء الحرائق في لبنان بالعديد من الاجهزة اللازمة التي تلائم حرائق الغابات وطبيعة لبنان الجبلية وتشديد العقوبات على مفتعلي الحرائق وتطوير القوانين المعنية بهذا الامر.
ولفت الى انظمة التنبيه من الحرائق ومنها نظام طورته جامعة البلمند يتيح توقع اندلاع حرائق في مختلف المناطق اللبنانية قبل تسعة ايام داعيا السلطات كافة الى الاستفادة من هذه الانظمة.
واكد متري ضرورة تطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الحرائق التي اقرتها الحكومة اللبنانية في عام 2009 والتي حددت مسؤوليات كل الجهات المعنية بموضوع الحرائق ومكافحتها للتخفيف من حدتها واثارها على البيئة والمجتمعات المحلية.
وشهدت منطقة (الشوف) في جبل لبنان خلال الاعوام الاخيرة عدة حرائق ضخمة اتت على مساحات شاسعة من الاحراج وقضت على الاف الاشجار في الاودية وعند سفوح الجبال والتلال التي تميز المنطقة.
وفي هذا الصدد عزت المسؤولة في اتحاد بلديات (الشوف – السويجاني) نجاة سري الدين في تصريح مماثل ل(كونا) سبب امتداد الحرائق في (الشوف) مقارنة بغيرها من المناطق الى طبيعة الارض الوعرة التي تصعب مهمة وصول فرق الاطفاء لمحاصرتها ومنع امتدادها.
وقالت ان انتشار الاعشاب اليابسة في الاحراج والغابات والاراضي في اطراف بلدات وقرى المنطقة اضافة الى النشاطات الانسانية المختلفة مثل احراق النفايات المنزلية قرب الغابات او استخدام الحرق للتخلص من الاعشاب في البساتين وعدم اطفاء النيران بعد النزهات ورمي الزجاج في الطبيعة تعتبر من اهم اسباب اندلاع الحرائق.
واشارت الى انتشار الحرائق مع نهاية فصل الصيف وبداية الخريف وهو الموسم الذي يجمع فيه حطب التدفئة في لبنان ما يثير تساؤلات جدية عن الاسباب الحقيقية لهذه الحرائق وما اذا كانت مفتعلة بهدف قطع الاشجار وبيع حطبها للتدفئة.
واكدت سري الدين ان بلديات المنطقة تسعى جاهدة لاعادة تشجير كافة المواقع التي التهمتها النيران سابقا للحفاظ على الثروة الحرجية وطبيعتها الخضراء كما تعمل على صيانة الاحراج والغابات في نطاقها للتخفيف من خطر الحرائق وامتدادها رغم الامكانيات المحدودة لهذه البلديات.
ودعت الى تطوير قدرات فرق الاطفاء التابعة للمديرية العامة للدفاع المدني وتجهيزها بالاليات والمعدات اللازمة لاخماد الحرائق في المناطق الحرجية مؤكدة ايضا اهمية شق طرقات خاصة تسهل وصول فرق الاطفاء الى الغابات في المناطق الوعرة قبل انتشار الحرائق.
وأظهر تقرير اعدته جمعية (الثروة الحرجية والتنمية) اللبنانية حول المساحات المتضررة من حرائق الغابات في لبنان بين عامي 1998 و2012 ان اقضية (عاليه) و(عكار) و(صور) كانت الاكثر تضررا تلتها اقضية (الشوف) و(البقاع الغربي) و(بنت جبيل).
وكشف التقرير ان اكثر من 90 بالمئة من هذه الحرائق بدأ من الاراضي الزراعية وجوانب الطرقات كما بين ان 83 بالمئة من غابات لبنان مهددة بخطر عال من الحرائق.
وتغطي الغابات حوالي 13 بالمئة من الاراضي اللبنانية وتتوزع بشكل رئيسي في محافظة جبل لبنان ومحافظات شمال البلاد والجانب الشرقي من سلسلة جبال لبنان الغربية فيما تغطي المساحات الخضراء غير الحرجية حوالي 5ر11 بالمئة من مساحة البلاد.