“السياحة العالمية”: الكويت تمتلك عمقا ثقافيا مهما
أكد الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية اليوم الأحد ان دولة الكويت تمتلك عمقا ثقافيا مهما جدا فيما أعرب عن تفاؤله بزيادة اهتمامها بقطاع السياحة وتعزيزه.
جاء ذلك في مقابلة للمسؤول الاممي الاردني الدكتور طالب الرفاعي مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بمناسبة قرب انتهاء الولاية الثانية لرئاسة المنظمة بعد اكتمال الحد الأقصى في المنصب الذي سعى خلاله إلى النهوض بقطاع السياحة ورفع الوعي بدورها في تعزيز اقتصادات الشعوب وجلب الأمل والازدهار والتفاؤل لعدد كبير من الأفراد.
وقال إن دولة الكويت بدأت بالفعل اتخاذ تدابير من شأنها تسخير قدراتها وإمكاناتها لدعم قطاع السياحة.
وشدد الرفاعي على أن دولة الكويت قادرة على استغلال إمكاناتها السياحية لافتا إلى ان لديها إمكانات هائلة على المستوى الثقافي لاسيما ان الكويت كانت قاعدة للفكر والحوار على مدى التاريخ.
ولفت في هذا الإطار إلى حقبتي الستينيات والسبعينيات عندما كانت دولة الكويت قبلة للناشرين والأساتذة المتميزين والعطاء الفكري والابداعي فيما أكد ان ذلك لم يختف تماما وإن تغيرت بعض المعطيات.
وتطرق الرفاعي إلى أسباب نمو السياحة في منطقة الخليج العربي موضحا أنها تكمن في الإرادة السياسية الكبيرة ومنح دوله قطاع السياحة الأهمية التي يستحقها ومنها السعودية التي رفعت شعار السياحة وأدركت أهميتها بشكل مذهل. ولفت إلى ان هناك كثيرا من التسخير وإعادة توظيف الايرادات في صالح السياحة معتبرا ان الأمر أثبت جدواه خصوصا في الأوقات التي تنخفض فيها أسعار النفط أو تتعرض لبعض الهزات.
وعلى صعيد المنطقة العربية أكد الرفاعي ضرورة الوعي بالأهمية البالغة للسياحة في المنطقة وعدم النظر إليها كأنها منطقة “نفط لا ينضب” فحسب داعيا في هذا السياق جميع الدول العربية إلى أخذ الأمر بالجدية المطلوبة. ولفت إلى ان عددا من الدول العربية السباقة في السياحة مثل مصر وتونس ولبنان والأردن تحقق مكاسب كبيرة على مستوى تعزيز قواعد الاقتصاد الوطني رغم الظروف الصعبة وقلة الخيارات مؤكدا ان “الأمر كله يصب في نقطة أساسية واحدة هي اننا بقدر ما نعتني بالسياحة بجدية بقدر ما تعطينا هي في المقابل”.
وعن التحديات التي تواجهها المنطقة العربية اعتبر الرفاعي ان محدودية السياحة البينية من أكبر العقبات في وجه النمو مشيرا إلى انه لا يوجد أي مقصد في العالم يمكنه العمل على المقاصد البعيدة والقفز عن جواره ومحيطه. وضمن ذلك الإطار أوضح انه لابد من البدء بالسياحة الداخلية ثم مع الجيران قبل الانتقال إلى العالم الخارجي في تسلسل سليم. وأعرب عن اسفه لقفز بعض الدول العربية عن الدول المجاورة معتبرا ان ذلك له تأثير سلبي جدا على النمو وتخطيه هو التحدي الأكبر في المنطقة في المستقبل. وفي سياق الحديث عن دول شهدت اضطرابات او عانت بسبب “الإرهاب” قال الرفاعي انه من الصعب الحديث عن عودة قطاع السياحة إلى نشاطه السابق في بعض الدول العربية حاليا.
وأكد انه “لابد من الايمان انه حتى لو توفر الحد الأدنى من المقومات الأمنية واستقرار الوضع يجب ألا تترد السلطات في البدء بالسياحة لأنها على الرغم من انها صناعة تحتاج للاستقرار لتنمو فهي تساهم أيضا في تحقيق الاستقرار”. وتابع “رغم ان الإرهاب قضية مركزية لكن يجب أيضا الحديث عن الأمن والاستقرار بشكل عام” مؤكدا ان هناك عناصر كثيرة أخرى تؤدي إلى عدم الاستقرار وعدم وجود مناخ يشجع الناس على ان تعيش حياة طبيعية إلى حد ما وان تلك أمور يجب ان تتوفر بحدها الأدنى لتوفر مناخا مناسبا لنمو السياحة. وبخصوص زيارته في ختام السنة الجارية لسوريا قال “انها بلد مهم جدا سياحيا كان يبني زخما كبيرا قبل الاحداث عام 2010 ويستثمر في البنى التحتية والفنادق والشوارع والمطارات” مؤكدا ان “ذلك البلد العربي ليس في طور تنشيط السياحة حاليا وإنما التأهيل لمستقبل مهم جدا”.
وقال ان الدافع الرئيس للزيارة هو الاطلاع بشكل خاص ورئيسي على ما آلت إليه الأوضاع في المناطق الأثرية مثل تدمر لافتا إلى انه يجب على المجتمع الدولي التكاتف لحماية ذلك الإرث التاريخي لأنه “ليس تابعا لسوريا فسحب وإنما هو ارث عالمي”.
وفيما يتعلق بفترتي ولايته في رئاسة منظمة السياحة العالمية اعتبر الرفاعي ان رفع مستوى الوعي بأهمية السياحة ليس فقط في العالم العربي وإنما في العالم أجمع وتحقيق الاعتراف الدولي بدور هذا القطاع كان أهم انجاز له على رأس المنظمة ومصدر فخر واعتزاز. وقال انه قابل 93 رئيس دولة ورئيس وزراء منذ توليه منصبه للفترة الأولى سنة 2010 للحديث عن السياحة لافتا إلى انه في كل لقاء كان هناك تغيير بسيط يحدث في ذهنية وفهم الناس إزاء السياحة التي لم يكن ينظر إليها في السابق باي نوع من الجدية بل كانت تعد مجرد احتفال كبير يقضي خلاله الناس لحظات جميلة.
وأكد في هذا السياق ان السياحة أكبر من ذلك بكثير اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا موضحا أنها توفر فرص عمل وتعزز التجارة والتصدير والبنى التحتية وترفد بشكل كبير اقتصادات الدول.
وشدد على ان الأهم من ذلك كله هو دورها الفاعل في تأكيد الصورة الإيجابية للبلاد وتعميقها في أذهان الناس وتعريفهم ببعضهم الآخر والاسهام في تحقيق التفاهم والحوار وكسر الصور النمطية مؤكدا ان ذلك أصبح أمرا يعيه عدد أكبر من الأفراد في الوقت الحاضر. وأضاف الرفاعي “ان ذلك ينعكس إيجابا على الأرقام والنمو لكن النمو بحد ذاته ليس القضية الأهم بل هي القاعدة الأساسية التي تحفظ ذلك النمو وديمومته واستمراريته والتي تكمن في الوعي المجتمعي”.
يذكر ان المسؤول الأردني شغل منصب الأمين لمنظمة السياحة العالمية بالإنابة منذ شهر مارس إلى ديسمبر 2009 قبل توليه المنصب بشكل رسمي في 2010 في ولاية أولى استمرت أربع سنوات ثم اعيد انتخابه بالإجماع لولاية ثانية اعتبارا من 2014. وعمل الرفاعي نائبا للمدير العام لمنظمة العمل الدولية في الفترة بين 2003 و2006 لعدما شغل عدة مناصب وزارية في الحكومة الاردنية قبل عام 2003 حيث عمل وزيرا للسياحة والاثار ووزيرا للاعلام ووزيرا للتخطيط والتعاون الدولي.
وصادقت الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية في دورتها ال22 التي أجريت في الصين في شهر سبتمبر الماضي على تعيين الجورجي زوراب بولوليكاشفيلي أمينا عاما للمنظمة لفترة أربع سنوات بدءا من عام 2018 خلفا للرفاعي.