الأونروا: لا أموال كافية لتسيير المدارس والمستشفيات بعد مايو المقبل
تعقد القوى العظمى اجتماعاً غداً الخميس للتباحث في مستقبل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” والتي تواجه أزمة غير مسبوقة بعد تجميد الولايات المتحدة عشرات ملايين الدولارات من حصتها من التمويل.
وصرح المفوض العام للأونرو بيار كرينبول بأن لدى الوكالة ما يكفي من الأموال فقط لإبقاء المدارس والمستشفيات التي تشغلها عاملة حتى مايو(أيار) المقبل، وحتى الآن التزمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدفع 60 مليون دولار فقط في العام الحالي، بعد أن كانت مساهمتها 360 مليون دولار في 2017.
وجمدت واشنطن دفعتين مقررتين بأكثر من 100 مليون دولار، واحدة للميزانية المركزية للوكالة، والثانية للمساعدات الغذائية، ويواصل ترامب الضغط على الفلسطينيين للعودة عن مقاطعتهم لإدارته رداً على قراره في ديسمبر(كانون الأول) الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل عاصمة بلاده إليها.
ولم تنجح حملة كبيرة للحصول على تمويل أطلقتها الوكالة بعد تجميد باقي المساهمة الأمريكية سوى في جمع أموال محدودة ولا يشعر الدبلوماسيون بالتفاؤل بتعهدات كبيرة في روما، ويريد مسؤولو الأمم المتحدة من الدول الأوروبية التدخل لسد الفراغ، لكنها تتطلع أيضاً خاصةً إلى دول الخليج.
وتسود مخاوف على مستقبل المنظمة التي توظف أكثر من 20 ألف شخص في مختلف أنحاء الشرق الأوسط غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين.
وتقدم الأونروا التي تأسست في 1949 المساعدات لقسم كبير من الـ 5 ملايين فلسطيني المسجلين لاجئين في الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا، وهم أبناء وأحفاد مئات آلاف الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم إثر إعلان قيام إسرائيل 1948.
ويدرس أكثر من 500 ألف طفل فلسطيني في مدارس الأونروا التي توفر أيضاً خدمات صحية وتمويلاً، وفي يناير(كانون الثاني) الماضي، كتب ترامب في تغريدة: “ندفع مئات ملايين الدولارات سنوياً إلى الفلسطينيين دون أي تقدير أو احترام في المقابل”، متهماً إياهم بالتخلي عن مفاوضات السلام.
وبعدها بأسبوعين أكدت إدارته أنها ستحجب عشرات ملايين المساعدات إلى الأونروا قائلةً إنها تريد من الدول الأخرى أن تساهم بشكل أكبر، وقال كرينبول إنها الأزمة المالية الأسوأ في تاريخ الوكالة وأطلق حملةً كبرى لتمويلها محولاً الصفحة الأولى لموقعها إلى نداء للمساهمات.
وجاب مسؤولون كبار أنحاء العالم للتشجيع على دفع نحو نصف مليار دولار تقريباً من التمويل، ولكن ومنذ إطلاق حملتها “الكرامة لا تقدر بثمن”، لم تحصل الوكالة سوى على تمويل جديد من الكويت بـ 900 ألف دولار مع أن دولاً أوروبية عرضت هبات مقررة للصليب.
وتابع كرينبول أن “الهبات الخاصة كانت فقط بمئات الآلاف”، مضيفاً أنها “لا تشكل اختراقاً”، ولم ترد الوكالة على اتصالات للحصول على أرقام أكثر تحديداً، وأفرج صندوق الأمم المتحدة المركزي للطوارئ عن 30 مليون دولار فقط للأونروا أمس الثلاثاء، لمساعدتها على إبقاء برنامجها الغذائي مستمراً.
وقال كرينبول إن “الدول كان تعتزم المساهمة بـ 20 إلى 25 مليون دولار، وفجأةً حصل نقص يفوق 300 مليون دلاور، ومن الطبيعي ألا تتقدم دولة بمفردها وتملأ هذا الفراغ”.
ولكن موظفي الأونروا قلقون من المبلغ الضخم الناقص، وتقول الباحثة في مركز التنمية ما وراء البحار نيكولا جونز، إن “مسؤولي الأونروا قلقون جداً دون شك للبطء في الحصول على المساعدات”، وأضافت: “حاولوا فعلاً إطلاق حملة توعية عامة على نطاق واسع حول كلفة حجب التمويل وأعتقد أنه من المخيب جداً أنها لم تحقق ثماراً”.
وسيسعى مؤتمر روما الذي تترأسه السويد ومصر والأردن إلى إحداث دفع جديد، ومن المقرر أن يشارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بينما سيمثل الولايات المتحدة نائب وزير الخارجية بالوكالة لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد.
وقال سفير السويد لدى الأمم المتحدة أولوف سكوغ: “اعتماد وكالة على واهب واحد يشكل نقطة ضعف”، مضيفاً أن “تقاسم المسؤولية بشكل متساو أمر أكثر منطقية لكننا نأمل، أن تظل الولايات المتحدة على التزامها”.
ويقول محلل الشؤون الفلسطينية الإسرائيلية لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية هيو لوفات إن “الدول الأوروبية لا تؤيد ملء الفراغ في تمويل الأونروا حتى لا تعطي ترامب مبرراً لرفع مساعداته الدولية”.
ومن المقرر أن يعلن ترامب اقتراحه لمحادثات سلام جديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، واعتبر لوفات أن كل الدول تنتظر لترى ما ستكون عليه رؤيته للأونروا، وأشار إلى أن تنسق الدول الأوروبية في مؤتمر روما جهودها لإحراج الأمريكيين وإقناعهم بإعادة النظر في موقفهم.