الحركة الانفصالية الكتالونية تصل إلى طريق مسدود وتبحث عن قيادات جديدة
وصلت الحركة الانفصالية في اقليم (كتالونيا) شمال شرق اسبانيا إلى طريق مسدود بعد فشلها في تعيين رئيس جديد للاقليم والحكم بالسجن الاحترازي على عدد من قادتها والملاحقة القضائية لآخرين هاربين.
ويعيش الانفصاليون اليوم لحظات حرجة بلا مستقبل واضح المعالم وبلا مشروع سياسي أو قيادات بعدما قضت المحكمة العليا الاسبانية بالسجن الاحترازي دون كفالة مالية بحق المرشح لرئاسة الإقليم جوردي توروي والرئيسة السابقة للبرلمان كارما فوركادي وثلاثة نواب انفصاليين آخرين.
وما ساهم في تأجيج الوضع هو قيام المحكمة العليا الاسبانية بتفعيل مذكرات التوقيف الأوروبية بحق النواب الانفصاليين الهاربين للخارج وعلى رأسهم الرئيس المقال كارليس بويجديمونت من جهة اخرى.
وفشل توروي في الحصول على الدعم الكافي لتنصيبه رئيسا للاقليم في جلسة التنصيب الأولى الخميس الماضي التي كان يحتاج فيها لأغلبية ساحقة إلا انه حصل على تأييد 64 نائبا ورفض 65 وامتناع أربعة عن التصويت ثم ألغى رئيس برلمان كتالونيا روجر تورنت جلسة التنصيب الثانية المقررة أمس السبت بعد سجن توروي.
وكان حزب (ترشيح الوحدة الشعبية) الراديكالي الانفصالي المناهض للرأسمالية والذي يحظى بأربعة نواب هو المسؤول عن اخفاق توروي حيث امتنع عن التصويت لاعتباره ان برنامج المرشح وخطابه لم يكونا شديدي اللهجة ولم يتقدما في طريق الاستقلال.
وأكد الحزب في الوقت نفسه انه لن يقدم دعمه لأي مرشح يختار طريق الحوار أو العودة إلى الدستورية الاسبانية.
وربما لم تسفر جلسة تنصيب توروي عن النتائج المرتقبة لكنها أطلقت العد التنازلي لايجاد مرشح بديل قادر على تشكيل حكومة في فترة أقصاها شهران ولكن الاخفاق في ذلك سيدفع برئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي للدعوة إلى اجراء انتخابات في 15 يوليو المقبل وهي خطوة ترفضها كل الاحزاب السياسية.
وتقهقر الخطاب الانفصالي في حين بدأت تتعالى الأصوات المطالبة بالحوار والبحث عن مرشح خال من الأعباء القضائية وقادر على بناء خطاب موحد والحصول على دعم كاف لتشكيل حكومة تنهي حالة الاحتقان التي يعيشها الإقليم منذ شهر أكتوبر الماضي.
ومن المرتقب ان تكون الخطوة المقبلة تحديد ما إذا كان سيتم اختيار مرشح انفصالي راديكالي يمكن التكتل الانفصالي من الحصول على دعم حزب (ترشيح الوحدة الشعبية) لتحقيق الأغلبية أو البحث عن مرشح أكثر حيادية بمساعدة الأحزاب الدستورية.
ولم يتسبب سجن قادة الحركة الانفصالية في احباط الأحزاب الانفصالية وحسب بل كان له أيضا تأثيرا سلبيا لاسيما على الحزب الاشتراكي الذي رأى ان سجن القيادات الانفصالية عقوبة غير متناسبة مع ائتلاف (كوم بوديم) اليساري وحزب (ثيودادانوس) الليبرالي الذين دعوا جميعا إلى فتح صفحة جديدة والبحث عن حلول بديلة والتفكير بمصلحة كتالونيا وبمجتمعها.
وعلى الجانب الآخر بدت بوادر الانقسام في صفوف الانفصاليين أنفسهم بين مؤيد للحفاظ على هاجس الانفصال التام عن إسبانيا مهما كلف الأمر ويؤيدهم في ذلك حزب (ترشيح الوحدة الشعبية) وبين أنصار البحث عن حلول أكثر واقعية.
وفتح ذلك الباب لنقاش عميق بين الأحزاب الانفصالية والبدء بالبحث عن تحالفات جديدة رغم ان ذلك قد يكون مهمة معقدة لاسيما انها مغمورة في خطاب انفصالي لا يقل عمره عن 30 عاما ويصعب تغييره بين عشية وضحاها مع ان الأولوية تكمن اليوم في البحث عن قيادات جديدة.
ويبقى بويجديمونت هو العقل المدبر الذي يلجأ إليه الانفصاليون قبل اتخاذ أي قرار في الوقت الذي بدأت تتجلى فيه اسماء جديدة على رأسها إليسا أرتادي التي كانت بمثابة اليد اليمنى لبويجديمونت والصحفي ادوارد بويول والمؤرخ كويم تورا الذين يتمتعون بأدوار محورية.
وتكشف الأيام القليلة المقبلة التلبد عن الفضاء السياسي الكتالوني ليتم تحديد المواقف والأولويات ولاسيما بعد تفعيل مذكرة التوقيف الأوروبية بحق بويجديمونت ووزرائه السابقين الهاربين إلى بلجيكا.
واستلمت بلجيكا وفنلندا حيث كان بويجديمونت في زيارة الأسبوع الماضي مذكرة التوقيف غير ان سلطات البلدين اوضحتا انهما لم يتمكنا من تحديد مكانه حتى اللحظة في الوقت الذي تترقب فيه الحكومة الاسبانية بحذر رد فعل الشارع الكتالوني في الفترة المقبلة.