القمة العربية الـ29 تنعقد غدا على وقع التطورات المتلاحقة بفلسطين وسوريا
(كونا) – تنعقد القمة العربية ال29 في دورتها العادية غدا في مدينة الظهران بشرقي المملكة العربية السعودية على وقع المواجهات المستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والضربات الصاروخية الغربية على سوريا.
وينتظر قادة الدول العربية او من ينوب عنهم في قمة الغد وكذلك الشخصيات الدولية التي دعيت الى هذه القمة على حد سواء قضايا فرضت نفسها على الواقع العربي ولم تجد المعالجة الكافية لها بسبب الظروف الدولية والاقليمية التي أحاطت بها منذ امد طويل كالقضية الفلسطينية او منذ سنوات معدودة كالازمة السورية والمشهد في اليمن وليبيا واعادة اعمار العراق وغيرها من القضايا ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وعلى غرار القمم العربية السابقة تهمين القضية الفلسطينية على اعمال هذه القمة مع تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في الاجتماعات الوزارية التحضيرية يوم الخميس الماضي أن القضية الفلسطينية والاعتداءات الإسرائيلية على المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة ستتصدر مناقشات القادة العرب في اجتماعهم بالمنطقة الشرقية.
وبالعودة إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيكون إعلان الإدارة الأمريكية لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أحد القضايا الرئيسية التي تهيمن على الأجندة السياسية للقمة العربية.
ولم يفت الوزير الجبير والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ومسؤولون عرب ان نبهوا الى خطورة مثل هذه الخطوة التي يتوقع ان تجرى في منتصف مايو المقبل وسط تحذيرات من انها قد تشعل الوضع في الأراضي الفلسطينية.
ويبدو ان مسيرات يوم الأرض التي انطلقت في ال30 من مارس الماضي كانها تنتظر الخطوة الامريكية كي تشعل الاحتجاجات في الأراضي الفلسطينية حيث تاججت المواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي عند حدود قطاع غزة مخلفة عشرات القتلى والمصابين في الجانب الفلسطيني وهي حوادث ليست معزولة عن بقية الصورة لأنها جزء من النضال الفلسطيني المستمر من أجل هوية وأمة مستقلة.
بشكل عام فإن القضية الفلسطينية والتطورات الأخيرة في هذا المستوى لن تكون ملفا يسهل مناقشته في القمة العربية اذ تعد واحدة من أهم المواضيع المحورية لسنوات في المنطقة.
وبالتوازي مع التطورات الفلسطينية فان انباء الضربات الصاروخية والجوية المشتركة التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فجر اليوم على مواقع تابعة للنظام السوري ستستدعي بلاشك ان تأخذ حيزا من مناقشات القمة العربية ومباحثات القادة العرب سواء الثنائية او الجماعية.
وتاتي الضربات بعدما توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحلفاؤه البريطانيون والفرنسيون نظام الرئيس السوري بشار الأسد وشركاءه بأنهم سيواجهون عواقب شن هجمات كيماوية على المدنيين السوريين اذا ما اثبتت التقارير وقوع هذه الهجمات.
وبحسب اعلان الإدارة الامريكية امس فان الهجوم الذي تعرضت له مدينة دوما السورية في السابع من ابريل الحالي وادى الى موت العشرات من المدنيين اختناقا معظمهم أطفال ونساء كان بأسلحة كيماوية هي من مخزونات النظام السوري ومن تدبيره وفعله.
وتؤكد ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرة أخرى انها لن تتسامح مع نظام يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه ويهدد الامن والاستقرار في المنطقة والعالم وان الضربات التي نفذتها صواريخ أمريكية وبريطانية وفرنسية على مواقع عسكرية سورية تهدف الى منع وقوع هجمات كيماوية مماثلة مستقبلا. وتتزامن هذه الضربات مع دعوات صدرت عن الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابوالغيط ومبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا في اثناء مشاركتهما في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العربية في الرياض الخميس الماضي الى التحقيق في احتمالية وقوع الهجوم الكيماوي على دوما من عدمه ومسؤولية الطرف الذي نفذ الهجوم.
ومع ان القمم العربية السابقة تؤكد ضرورة التوصل لتسوية في سوريا بعيدا عن التدخلات الأجنبية وعلى اسس نتائج محادثات (جنيف 1) والقرار الدولي 2254 فان الأزمة السورية التي دخلت عامها الثامن لاتزال جرحا نازفا استعصى حله عربيا حتى الان بسبب اتساع رقعة الصراع وتدخل دول إقليمية ودولية في مسار احداثه.
وفي الوقت نفسه فان النزاع المستمر في اليمن واستمرار هجمات الميليشيات الحوثية على مدن المملكة العربية السعودية ستاخذ أيضا حيزا من اهتمام القادة العرب حسب ما جاء في جدول الاعمال الذي اعتمده وزراء الخارجية في اجتماعات الخميس الماضي وسط تصعيد خطير للهجمات الصاروخية التي يشنها الحوثيون على مناطق المملكة العربية السعودية ومدنها.
وبرغم الدعوات لايقاف اطلاق الصواريخ الباليستية التي جاءت على لسان الوزير الجبير والأمين العام ابوالغيط فان الهجمات الصاروخية للحوثيين على مدن سعودية لم تتوقف حتى في اثناء انعقاد الاجتماعات التحضيرية بالرياض يومي الأربعاء والخميس.
وتؤكد السعودية ان الأسلحة المستخدمة في مهاجمة مدنها وقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن هي من صنع إيراني خصوصا الصواريخ الباليستية.
ولهذا تعد قضية التصدي للتدخل الإيراني في الشؤون العربية من القضايا المهمة المدرجة على جدول أعمال القمة العربية التي يتوقع ان تخرج بموقف جماعي يطالب ايران بوقف تدخلها في الشؤون العربية لاجل استقرار المنطقة وامنها.
كما تحتل الازمة الليبية موقعها ضمن اعمال القمة ال29 التي قدم فيها رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة عرضا لوزراء الخارجية العرب في اجتماع اول من امس عن الأوضاع الأمنية والسياسية في هذا البلد العربي.
وينتظر ان تطرح بالقمة موضوعات اقتصادية من ابرزها دعم اعمار العراق وتاهيل بناه التحتية التي تدمرت بسبب حرب تحرير مدنه من قبضة تنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية (داعش) مع الاشارة الى نتائج مؤتمر اعادة اعمار العراق الذي استضافته دولة الكويت في فبراير المقبل والذي حظي باشادة في مناقشات الاجتماعات التحضيرية للوزراء العرب.
كما ينتظر منها قرارات اقتصادية مرحلية تتمثل بمتابعة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاتحاد الجمركي العربي وتحرير تجارة الخدمات وتعزيز التجارة البينية بالإضافة الى قضايا أخرى مهمة ذات طابع اجتماعي وكالقضاء على الفقر وضمان حياة كريمة للمواطن العربي والحد من البطالة بين الشباب وتحقيق الرفاهية الاقتصادية في الدول العربية.
وعلى الصعيد الاجتماعي تبرز على جدول الاعمال محنة الأطفال الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي التي كانت في صدارة مناقشات الاجتماعات الوزارية التحضيرية الى جانب قضايا مرتبطة بالرعاية الصحية وحماية البيئة.
وحتى هذه اللحظة التي يزدحم فيها جدول أعمال القمة العربية بالقضايا التي طال انتظار حلها جنبا الى جنب مع التطورات العسكرية الأخيرة في المنطقة سيكون لدى القادة العرب الكثير لمناقشته في ال15 من ابريل.