المغرب: مدير مكافحة الإرهاب يكشف خطة لمواجهة الدواعش العائدين للبلاد
يشدد مدير مكتب مكافحة الإرهاب في المغرب عبد الحق الخيام على أن عودة المغاربة الذين قاتلوا تحت راية تنظيم داعش إلى البلاد “يشكل خطراً حقيقياً”، ما دفع السلطات إلى وضع خطة وإقرار قوانين وتدابير خاصة لمواجهة هؤلاء.
ويوضح الخيام في حوار مع وكالة “فرانس برس” أن “أكثر من 200 بين هؤلاء المقاتلين عادوا إلى المغرب وتمّ توقيفهم وتقديمهم للعدالة”.
ويشير إلى “سقوط آخرين في عمليات انتحارية أو في عمليات نفذتها قوات التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، بينما فرّ البعض منهم إلى بلدان مجاورة”.
ويذكر أن عدد المقاتلين المغاربة في العراق وسوريا قد فاق 1600 شخص سنة 2015.
وبقي المغرب في منأى عن هجمات تنظيم داعش، علما بأنه شهد سابقاً اعتداءات في الدار البيضاء (33 قتيلاً في 2003) ومراكش (17 قتيلاً في 2011)، وصدرت خلال السنوات الماضية عشرات الأحكام بالسجن في قضايا إرهاب، وتم تشديد قوانين مكافحته.
وتبنى المغرب في 2015 قانوناً جديداً لمواجهة ظاهرة الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر ينص على عقوبات بالسجن تتراوح بين 10 إلى 15 سنة.
وينبه الخيام إلى أن هذا القانون “يتيح لمصالح الشرطة توقيف العائدين وإخضاعهم للاستجوابات قبل إحالتهم على العدالة”.
وتعلن السلطات المغربية مراراً عن تفكيك “خلايا إرهابية”، وسجل تراجع في عدد الخلايا المفككة من 21 خلية سنة 2015 إلى 19 في السنة التالية ثم تسع سنة 2017.
ويعبر الخيام عن ارتياحه داخل مكتبه الفسيح بمقر “المكتب المركزي للأبحاث القضائية” بسلا القريبة من الرباط، لكون “السلطات المغربية وضعت منظومة أمنية جد متطورة وعززت إجراءات المراقبة على مستوى الحدود”.
وتابع الخيام “تسمح لنا التشريعات الجديدة بالقيام بعمليات استباقية. فمصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني تجمع كمّا هائلا من المعلومات الاستخباراتية، ولا ننتظر سوى تحرك الخلايا الإرهابية لننقض عليها”.
وسجل تورط مهاجرين مغاربة في تفجيرات عدة هزت بلدانا أوروبية في الفترة الأخيرة، في باريس (130 قتيلا في 2015) وكاركاسون بفرنسا (4 قتلى في 2016) وبروكسل (32 قتيلا في 2016) وبرشلونة وكامبريس باسبانيا (16 قتيلا في 2017) كما في مدريد (162 في 2004).
ويرى مدير مكتب مكافحة الإرهاب في المغرب أن هذه الظاهرة “تعكس مشكلاً في التأطير الديني” داخل البلدان التي يعيش فيها هؤلاء، منبهاً إلى أن “الإرهاب لا جنسية له”.
ويذكر أن المقاربة الأمنية في المغرب توازيها سياسة لإصلاح الحقل الديني، “وأن المقاربة القائمة على التأطير الديني هامة”.
ويشير الى دور يقوم به المغرب في مجال التعاون الأمني الدولي لمحاربة الإرهاب، قائلاً “بفضل مصالحنا تم تفادي عمليات إرهابية في فرنسا وبلجيكا وألمانيا وانكلترا والدنمارك وإيطاليا واسبانيا”، من دون أن يكشف مزيدا من التفاصيل.
ويستدرك الخيام “يمكن أن تقع أخطاء”، كما حدث في مارس الماضي عندما نفذ مواطن فرنسي يحمل الجنسية المغربية اعتداء في كاركاسون في جنوب فرنسا، مع أن اسمه كان مسجلا لدى مصالح الأمن. ويقول “إذا كان ثمة مواطنون مزدوجو الجنسية يشتبه في صلتهم بجماعات إرهابية، فيجب إعلام سلطات بلدانهم الأصلية”.
ويبدي أسفه “لكون السلطات المغربية لم تتوصل الى أية معلومات حوله مع أنه كان يأتي من حين لآخر قصد زيارة عائلته في بلده الأصلي”.
ويحذر الخيام من تحوّل منطقة الساحل الإفريقي إلى “أرض خصبة” للجماعات الإرهابية بعد هزيمة تنظيم داعش، ما يشكل “تهديدا” و”قنبلة موقوته”.
ويعبر عن “قلقه من التقاطعات بين الشبكات الإجرامية والتيارات الإرهابية”، بناء على “معلومات تؤكد استغلال أنشطة إجرامية في المنطقة لتمويل الجماعات الإرهابية”.
وتمتد هذه المنطقة شبه الصحراوية على مساحة شاسعة في غرب إفريقيا تعادل مساحة القارة الأوروبية، وباتت مسرحا لتحركات عشرات الجماعات الإرهابية ذات التحالفات المتقلبة، مستفيدة من الفراغ الأمني في تنفيذ هجماتها.
وتقود كل من النيجر وبوركينافاسو وتشاد وموريتانيا المجتمعة في “مجموعة الدول الخمس”، إلى جانب فرنسا، عملية عسكرية ضد المجموعات المتطرفة في المنطقة.