روسيا: بوتين يدشن ولايته الرابعة بحملة أمنية ضد المعارضة
يُنصب غداً الإثنين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لولايته الرابعة على رأس الكرملين التي يُخيم على انطلاقتها توتر العلاقات مع الغرب والحملة الأمنية على المعارضة بعد اعتقال خصمه الأبرز أليكسي نافالني ومئات المتظاهرين أمس السبت.
واعتقل المعارض نافالني إلى جانب نحو 1600 من أنصاره أمس أثناء مسيرات خرجت في أنحاء البلاد ضد بوتين بينما استخدمت الشرطة ومجموعات شبه عسكرية القوة لتفريق التظاهرات في موسكو وسان بطرسبورغ.
وتعهد بوتين الذي حكم روسيا على مدى 18 عاماً وضم في ولايته السابقة القرم الأوكرانية في 2014 وأطلق حملة عسكرية في سوريا في العام التالي دعماً للرئيس بشار الأسد، بتحسين الأوضاع المعيشية في بلاده خلال عهده المقبل، ولكنه التزم الصمت حول خلافته التي تشكل مصدر قلق لا يمكن تفاديه، إذ يمنعه الدستور من الترشح مجدداً في نهاية ولايته في 2024.
وعمل بوتين جاهداً على إنعاش الاقتصاد الذي تراجع بشكل كبير بعدما فرض الغرب عقوبات على موسكو على خلفية ضمها القرم وجراء انخفاض أسعار النفط عالمياً في 2016، ورغم ذلك، لم يكن هناك شك على الإطلاق في إمكانية فوزه في انتخابات مارس(أذار) الماضي بينما لم يثر احتمال تنصيبه في قاعة أندريفسكي في الكرملين ترقباً كبيراً.
وأشارت تقارير إلى أن المنظمين يخططون لمراسم تنصيب بلا صخب، ودون حفل باذخ في الكرملين في محاولة واضحة لتحاشي أي ردود سلبية.
وفي 2012، جال موكب بوتين سريعاً في شوارع موسكو في طريقه إلى حفل تنصيبه الثالث في الكرملين، وهو أمر اعتبره كثيرون غير مقبول، ولكن هذه المرة، يتوقع أن يلتقي بوتين فقط بالمتطوعين الذين شاركوا في حملة انتخابه.
وأما نافالني الذي منع من منافسة بوتين في انتخابات مارس الماضي، فدعا الروس إلى الخروج في مسيرات في أنحاء البلاد أمس تحت شعار “ليس قيصرنا”، وأكدت المحللة من “مركز التقنيات السياسية في موسكو” تاتيانا ستانوفايا أن الكرملين يسعى عبر حملته التي يشنها على المعارضة إلى القول بأنه لن يقبل أي رأي مخالف في عهد بوتين الجديد.
وقالت المحللة المقيمة في باريس إن “الكرملين يريد رسم خط أحمر لا يمكن تجاوزه”.
ويعرب مراقبون عن قلقهم من تسبب الاعتقالات في موجة جديدة من القضايا بحق المعارضين حيث أسفرت مسيرات مشابهة ضد عودة بوتين إلى الكرملين في 2012 عن حملة قمع واسعة استهدفت المحتجين.
وفي مايو(أيار) 2012، خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع احتجاجاً على تنصيب بوتين لولاية ثالثة حيث تحولت المسيرات إلى صدامات مع الشرطة، واتهامات جنائياً نحو 30 متظاهراً، وصدرت ضدهم أحكام بالسجن بين عامين ونصف و4 أعوام ونصف. بحق العديد منهم.
وفي إشارة على استمرار هذا التوجه في ولاية بوتين الرابعة، حاولت هيئة الرقابة الحكومية على الاتصالات الشهر الماضي حظر موقع “تليغرام” المشهور للرسائل النصية وأعلنت أن موقع فيس بوك سيواجه مصيراً مماثلاً.
ويستبعد محللون سياسيون أن يتغير موقف موسكو في عهد بوتين الرابع تجاه الغرب الذي زادت حدته على خلفية الوضع في أوكرانيا وسوريا والاتهامات بتسميم عميل مزدوج روسي في بريطانيا والتدخل في الانتخابات الأمريكية.
وقال رئيس مركز أبحاث مجموعة خبراء السياسة في موسكو كونستانتين كالاشيف: “أي تنازل يعد مؤشر ضعف بالنسبة لبوتين، لذا لا يمكن توقع أي تغيير في السياسة الخارجية”، وأضاف أن “السياسات الخارجية كذلك هي من الأسس الرئيسية التي تكسبه دعماً في بلاده، يحتاج بوتين إلى ضمان الوحدة الوطنية، ولتحقيق ذلك فهو بحاجة إلى عدو”.
ولكن المحلل السياسي المستقل ديمتري أوريشكن، قال إنه سيكون من الضروري تغيير نهج الرئيس في ولايته المقبلة، وقال: “لم تعرف روسيا مثل هذه العزلة منذ الحرب السوفياتية في أفغانستان” بين 1979 و1989.
وأضاف: “بعد ضم القرم، يحتاج بوتين إلى استبدال أحذية جنوده العسكرية بأخرى رياضية”، وتابع أن “مهمته الآن ليست ضم مزيد من الأراضي إلى روسيا بل إجبار العالم على أخذ مصالحها بعين الاعتبار والقبول بانتصاراتها السابقة”.
وتوحي التقارير بإمكانية عودة وزير المالية السابق أليكسي كودرين، الليبرالي المحترم في الخارج، إلى الحكومة الجديدة بأن الرئيس لربما يسعى إلى تبني نهج أقل صدامية، وبينما أكد أوريشكن أن بوتين سيبقى في السلطة لاستكمال ولايته، أشار كالاشيف إلى أن الرئيس قد يغادر الكرملين قبل انتهاء السنوات الست.
وأضاف: “سيبقى في السلطة لكن ليس بالضرورة في الرئاسة”، وأكد: “لحجز مكانه في التاريخ، يحتاج بوتين لاختيار اللحظة المناسبة للمغادرة، البقاء ست سنوات إضافية في منصبه لا يقود إلى شيء، سيغادر بطريقة تفاجئ الجميع”.