معارضون أمريكيون: ترامب يتصرف كرجل أعمال
انتقد سياسيون من المعارضة في الولايات المتحدة الرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بشأن اعتذاره عن القمة المرتقبة معه، قبل أن يصرح أمس أمس السبت أن اجتماعه مع كيم يمكن أن يعقد وفقاً لما كان مخططاً له.
واعتبر البعض أن اللغة السياسية غابت عن رسالة ترامب لتصبح بمثابة رسالة بعث بها الرئيس الأمريكي إلى شريك تجاري له، وليس زعيم دولة.
وفي الواقع، اكتسب ترامب قطب العقارات في نيويورك، الوافد الجديد إلى عالم السياسة عند انتخابه في 2016، شهرة وطنية عن كتابه الذي صدر عام 1987 بعنوان “ترامب: فن إبرام الصفقات”.
وكان من المقرر أن يعقد ترامب، الذي يثني على نفسه باستمرار بصفته صانع صفقات، قمة غير مسبوقة في 12 يونيو(حزيران) المقبل مع كيم على أمل إقناع حاكم الدولة المعزولة بالتخلي عن أسلحته النووية، لكنه شكك مؤخراً في الاجتماع وأعلن يوم الخميس الماضي عن إلغاء قمة سنغافورة في رسالة وجهها إلى كيم.
وصدّر ترامب رسالته بعبارة “عزيزي السيد الرئيس” وانتقل في رسالته ما بين الرسميات المهذبة تارة والتهديدات المستترة تارة أخرى، وبعد دقائق، قام وزير الخارجية مايك بومبيو بتلاوة الرسالة على لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في جلسة تم تحديد موعدها بشكل مسبق.
وكان عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيو جيرسي روبرت مينديز، وهو ديموقراطي معارض بارز في اللجنة، قد انتقد تعامل الإدارة الأمريكية مع ما كان يمكن أن يكون اجتماعاً غير مسبوق، وخص بالانتقاد التعليقات العامة التي أدلى بها مستشار ترامب للأمن القومي جون بولتون الذي تم تعيينه مؤخراً، ليتحدث علانية عن “نموذج ليبيا”، حيث تخلى معمر القذافي عن برنامجه النووي في عام 2003 إلا أنه أطيح به من قبل المتمردين المدعومين من قبل الناتو في عام 2011.
وقال مينينديز “إن فن الدبلوماسية أصعب بكثير من فن إبرام الصفقات”، وبينما أشاد بالجهود الدبلوماسية القوية التي يبذلها البيت الأبيض تجاه نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، لكنه أعرب عن قلقه الشديد إزاء الافتقار إلى الاستعداد المتعمق حتى قبل الموافقة على القمة التي انتهت إلى مصير سيء، والآن نرى عواقب ذلك.
ولكن ترامب عاد وترك الباب مفتوحاً لإمكانية عقد القمة مع زعيم كوريا الشمالية برغم إعلانه عن إلغائها، فقد أصر أمس على أن اجتماعه مع كيم يمكن أن يعقد وفقاً لما كان مخططاً له في 12 يونيو(حزيران) المقبل.
وأعاد نشر مقتطفات من تقرير لصحيفة نيويورك تايمز نقلت فيه عن مسؤول بارز بالبيت الأبيض لم تكشف عن هويته وقالت إنه من المستحيل أن يتم تنظيم الاجتماع بين الطرفين في الموعد الأصلي، وكتب ترامب: “خطأ مرة أخرى، استخدموا أشخاصاً حقيقيين وليس مصادر زائفة”، في انتقاد على ما يبدو للصحيفة وغيرها من وسائل الإعلام.
وقال ترامب أول أمس الجمعة إن “الولايات المتحدة وكوريا الشمالية لا تزالان تتباحثان بشأن عقد قمة، وربما تعقد القمة في 12 يونيو(حزيران) المقبل في سنغافورة كما هو مخطط لها في الأصل”، وأضاف للصحفيين لدى مغادرته البيت الابيض لإلقاء كلمة افتتاحية بالأكاديمية البحرية الأمريكية في انابوليس بولاية ماريلاند: “نحن نتشاور معهم الآن، وسنرى ما سيحدث”.
وأشار إلى أن كوريا الشمالية ترغب بشدة في المضي قدماً في عقد الاجتماع وأن الولايات المتحدة ترغب في القيام بذلك.
وفي وقت سابق من أول أمس، قالت بيونغ يانغ إنها لا تزال على استعداد للتشاور مع الولايات المتحدة، وقال نائب وزير الخارجية كيم كي جوان في بيان نقلته وكالة الأنباء الكورية الشمالية المركزية إننا “نعبر عن استعدادنا للجلوس وجهاً لوجه مع الولايات المتحدة وحل القضايا في أي وقت وبأي شكل”.
وأشار إلى أن هناك حاجة ملحة إلى إجراء محادثات لتسوية العلاقات العدائية الخطيرة.
وعلى تويتر، غرد ترامب في رد واضح أنه يرحب برغبة كوريا الشمالية في إجراء محادثات، وقال إنها “أنباء طيبة للغاية أن نتلقى بياناً حميمياً ومثمراً من كوريا الشمالية، سنرى قريباً إلى أين ستقود، ونأمل في ازدهار وسلام دائمين وثابتين”.
وذكر وزير شؤون التوحيد بكوريا الجنوبية تشو ميونغ جيون في وقت سابق إن “سيؤول لا تزال مستعدة لتنفيذ اتفاق حول نزع الأسلحة النووية تم التوصل إليه بين قادة الكوريتين الشهر الماضي”، ووفقاً لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية “يونهاب”، صرح تشو للصحفيين أن “حكومتنا ستقوم بدورها بتنفيذ إعلان بانمونجوم”.
وكان كيم والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن قد أصدرا هذا الإعلان بعد اجتماعهما في 27 أبريل(نيسان) الماضي على الحدود بين البلدين، وتابع أن “الشمال يبدو أنه لا يزال صادقاً في تنفيذ الاتفاق، وبذل الجهود في مجال نزع السلاح النووي وبناء السلام”.
وكان ترامب قد ألغى القمة يوم الخميس الماضي في خطاب أرسله لكيم قائلاً إنه “من غير الملائم، في هذا الوقت عقد هذا الاجتماع المخطط له منذ فترة طويلة”.
وأصدر البيت الأبيض الرسالة بعد أن أعلنت كوريا الشمالية يوم الخميس الماضي أنها دمرت موقعها الوحيد المعروف للتجارب النووية وهو ما يعتبر دليلاً رمزياً على التزامها بالتخلي عن برنامجها للأسلحة النووية.