كيف يتفوق المهاجرون الباكستانيون في سوق العمل بألمانيا؟
أظهرت دراسة أعدتها الوكالة الألمانية الإتحادية للتوظيف أن الوافدين الباكستانيين هم الأكثر نجاحاً في الحصول على وظائف في دول الاتحاد الأوروبي خلال العامين الماضيين، رغم عدم اتقانهم اللغة الالمانية DW تابعت أسباب النجاح.
يتحدث أكبر علي ذو السبعة والثلاثين عاما القليل من الألمانية، و يعتبر من اللاجئين أصحاب المقومات الأدنى للقبول في ألمانيا، إلا أنه تعلم سريعا كيف يحول الأطباق الهندية والباكستانية لتلاءم الذوق الألماني والأوروبي. خلال الشهور العشرة الأخيرة عمل علي بحضور جزئي في مطعم هندي باكستاني بدينة بون، لكن العثور على هذه الوظيفة لم يكن مهمة سهلة.
“جهلي باللغة كان العائق الأساسي لحصولي على وظيفة، وكان من الصعب أن يفهمني أحد لينمكن من مساعدتي، كانت أوقات صعبة” يقول علي.
أوروبا بنكهة هندية
علي واحد من ثلاثين ألف لاجيء باكستاني وصلوا ألمانيا عام 2015، لكنه رغم ذلك كان بين 40% منهم استطاعوا الحصول على فرصة عمل في الاقتصاد الأكبر في أوروبا، بالنسبة له لا يعني العمل حصولا على مال فقط، لكن الانشغال بمهامه ساعده كذلك على تجاوز مصابه في وفاة أخيه الشهر الماضي في باكستان.
نحو عامين بحث خلالهما عن وظيفة إلى أن التقى بعليم لطيف الذي يملك مطعما ناجحا في بون – المدينة القديمة، وافتتح مطعماً آخراً في زيغبورغ العام الماضي. يقول صاحب المطعمين “إن حاجز اللغة وقلة المهارات تجعل الحصول على وظيفة أمرا صعبا للاجئين الباكستانيين، وقد شغلت علي لأني واثق انه قابل للتدريب، ومضى الى القول متحدثا ل DW “بعض طلبة الجامعة من الباكستانيين يعملون معنا بحضور جزئي، وهذا بحد ذاته كان سببا لتشغيل مهاجر باكستاني آخر، وهو أمر يلزمه كثير من الجهد المكتبي البيروقراطي”.
المهاجر الباكستاني دانيال رضوان
لمن الأولوية ؟
تقضي القوانين الاتحادية بأن الأولوية لمواطني ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي في سوق العمل، ويحق الاستعانة بمواطني الدول الأخرى إن لم توجد بدائل لهم. توقف هذا الإجراء قبل عامين من أجل زيادة فرص العمل أمام من قُبلت طلبات لجوئهم. لهذا السبب ولأسباب أخرى، يحصل اللاجئون الباكستانيون على تصاريح للعمل في المطاعم الهندية أو الباكستانية.
دانيال علي رضوان لاجئ آخر يعيش حاليا في مركز لجوء بمدينة نيوماركت في ولاية بافاريا. جاء من منطقة بارشينار الحدودية بين باكستان وأفغانستان، وعمل لنحو عام كامل في مطعم هندي قبل أن يجد وظيفة في شركة.
تشير احصاءات يوروستات إلى أن ثمانية وعشرين ألفا وثلاثمائة وخمسة وتسعين لاجيء باكستاني تقدموا بطلباتهم خلال الفترة بين عامي 2015 و2017. قبلت السلطات الألمانية أكثر من خمسة عشر ألف طلب منها خلال عام 2016 فقط.
التحقق والاحترام قبل جني المال
تتجاوز أعداد الرجال نسبة التسعين في المائة من طالبي اللجوء الباكستانيين، ومعظمهم من الشباب بين سن 18 إلى 34 ، كما يشير الأنفوغرافيك الظاهر اسفل هذا المقطع، وبشرط عدم الكشف عن هويته كشف مترجم باكستاني يعمل في مكتب اللجوء في الحكومة الاتحادية أنّ غالبية اللاجئين القادمين من بلاده أتوا من مقاطعة البنجاب الواقعة بين الهند وباكستان لأسباب اقتصادية.
لا يحق للباكستانيين حضور دروس اللغة والاندماج التي تقدمها السلطات لطالبي اللجوء قبل البت فيها، على عكس ما يحدث مع طالبي اللجوء القادمين من سوريا والعراق، لكنهم رغم هذا مازالوا حافظوا على معدل توظيف أعلى بين القادمين من كل البلدان.
ولدى السؤال عن سبب نجاح الباكستانيين أكثر من نظرائهم الأفغان والسوريين في سوق العمل، يجيب عثمان ” إن طالبي اللجوء الآخرين يركزون أكثر على تحسين مستوى لغتهم، ويتطلعون لمستقبلهم هنا، أما نحن الباكستانيون فلا نعرف متى سيطلب منا المغادرة، لذا نوافق على أول فرصة عمل تتاح لنا”.
ومن بين اللاجئين العشرة الذين التقتهم DW في بون، استطاع خمسة الحصول على وظيفة منذ وصولهم في عام 2015، معظمهم متحدرون من مناطق ريفية ومدن صغيرة بين إسلام أباد ولاهور حيث لا أمل في تحسين دخلهم وظروفهم المعيشية، وبهذا الخصوص يضيف لطيف صاحب المطعم،” أن الرغبة في تحقيق مكانة في المجتمع سبب أساسي لتحقيق الباكستانيين السجل الأعلى في سوق التوظيف الألماني، تماثل أهمية الأموال التي يرسلونهم إلى أهلهم بعيدا ما يحققه لهم العمل من تحقق هنا.
علي أكبر ذو العشرين عاما كان الأكثر طلاقة بينهم في اللغة الألمانية، يقول إنه لا يعمل من أجل المال فقط، لكنه يبحث في المقام الأول عن التحقق والتقدير في المجتمع، ومثله يقول علي إنه يعمل كي لا ينتظر مساعدة حكومية.. “أريد أن أكسب حياتي بيدي”.. ينهي بها حديثه.