قانون “محاربة العنف ضد النساء” في المغرب يدخل حيز التطبيق
(كونا) – دخل قانون (محاربة العنف ضد النساء) في المغرب حيز التطبيق بشكل رسمي اليوم الأربعاء معتمدا جملة من تدابير الحماية والعقوبات الرادعة لتطويق ظاهرة العنف ضد المرأة المغربية.
وحرص المشرع عند صياغة هذا القانون الذي تم صدوره في الجريدة الرسمية في ال12 من مارس الماضي على وضع تعريف محدد ودقيق للعنف ضد المرأة بهدف تمييز وحصر الأفعال والسلوكيات العنيفة وتجريمها مع فرض عقوبات وإطلاق آليات تكافلية موجهة للنساء من ضحايا العنف.
كما يتضمن القانون الذي اقره مجلس النواب (البرلمان) في منتصف فبراير الماضي آليات للتنسيق بين الهيئات المعنية بمناهضة العنف ضد النساء وحمايتهن.
ويجرم القانون الجديد بعض الأفعال باعتبارها عنفا يلحق ضررا بالمرأة كالإكراه على الزواج وتبديد الأموال بسوء نية بقصد الإضرار أو التحايل على مقتضيات كيان الأسرة المتعلقة بالنفقة والسكن الى جانب تجريم بعض الأفعال التي صورها القانون على انها ممارسات للتحرش الجنسي.
وشدد القانون العقوبات إذا ارتكب التحرش في ظروف معينة ومن طرف أشخاص محددين كزميل في العمل أو شخص مكلف بحفظ النظام أو أحد الأصول أو المحارم.
واعتبر القانون كل من أمعن في مضايقة الغير في الاماكن العامة أو غيرها بأقوال أو إشارات أو أفعال لها دلالات جنسية سواء كانت عن طريق رسائل مكتوبة أو إلكترونية أو هاتفية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية “جريمة يعاقب عليها القانون من شهر إلى ستة أشهر وغرامة مالية من 200 درهم إلى 10000 درهم” (من 22 دولار الى 1050 دولار).
وتتضاعف هذه العقوبة إذا كان مرتكب الفعل من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الأماكن العامة أو الزملاء في العمل.
كما تضمن القانون عقوبة بالحبس تتراوح ما بين ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وغرامة مالية قد تصل إلى 50000 درهم كأقصى تقدير (حوالي 5300 دولار) إذا كان مرتكب الفعل من الأصول أو المحارم أو كانت للمتحرش سلطة على الضحية.
كما شهدت جريمة الاختطاف والاحتجاز بدورها عقوبات جديدة عبر رفع العقوبة بالسجن من 10 سنوات إلى 20 سنة في حالة ارتكاب الفعل من قبل أحد الأشخاص المقربين من الضحية وفي حال ممارسة أي شكل من أشكال العنف على الضحية ترتفع العقوبة إلى 30 سنة كحد أقصى حسب الفقرة الثانية من الفصل رقم (436) من القانون الجنائي المغربي.
وتضمن القانون ايضا تدابير حمائية جديدة كمنع الشخص المتابع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان وجودها أو التواصل معها فضلا عن إرجاع المحضون مع حاضنته إلى السكن المعين له وإشعار المعتدي أنه يمنع عليه التصرف في الأموال المشتركة للزوجين وإحالة الضحية على مركز صحي للعلاج.
يأتي هذا القانون في إطار الجهود التي تبذلها المملكة المغربية في مواجهة ظاهرة العنف ضد النساء وثمرة تعاون وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية مع وزارة العدل اذ يعتبر كل فعل مادي أو معنوي أساسه التمييز بسبب الجنس يترتب عنه ضرر على المستوى الجسدي أو النفسي أو الاقتصادي للمرأة جريمة يعاقب عليها القانون.
ومن بين مضامين هذا التشريع تشديد العقوبات على بعض الأفعال الموجهة ضد “نساء في وضعية خاصة” كالعنف ضد امرأة حامل أو ضد الزوجة أو الطليقة بحضور الأبناء أو الوالدين علاوة على اقرار عنصر “الفورية في اتخاذ التدابير الحمائية” مع تقرير عقوبات عند خرقها.
كما جرم القانون حالة السب بالجنس اذ نص على عقوبة هذا الفعل “بغرامة مالية تتراوح ما بين 12 الى 60 ألف درهم” (1250 الى 6350 دولار) كما تصل الغرامة المالية المتعلقة بالقذف حدا أقصى إلى 120 ألف درهم (نحو 5ر12 الف دولار).
وتبرز الارقام حال المرأة المغربية وحجم العنف والتمييز الممارس ضدها ففي عام 2016 فقدت 81 إمرأة مغربية حياتها نتيجة التعرض للعنف وفق تقرير المرصد المغربي للعنف ضد النساء.
وبرغم انخفاض حالات العنف الجسدي بنسبة 17 في المئة عن ذات العام مقارنة بعام 2015 إلا أن هناك ارتفاعا بالمقابل في أشكال العنف الأخرى بنسبة 4 في المئة.
واستنادا إلى بيانات الأمن الوطني العام يتصدر الزوج مرتكبي العنف ضد النساء بنسبة بلغت 32 في المئة العام الماضي.
واظهرت بيانات المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية تعنى بالدراسات والابحاث) ان 67 في المئة من ربات المنازل لا يعرفن لا القراءة ولا الكتابة بنسبة تقدر بضعف النسب الخاصة بالرجال والتي تصل الى 34 في المئة.
في سياق اخر تعاني مئات المغربيات الحرمان من الميراث لمن يطلق عليهن لقب النساء “السلاليات” نسبة الى المجموعات السلالية (قبائل وعشائر) ممن ينتمين إلى أعراف تحرمهن من الإرث فقط بسبب النوع.
ومن بين المظاهر الصارخة للعنف والتمييز التحرش في وسائل النقل واستمرار مسلسل حالات الاختطاف والاغتصاب فضلا عن حجم المشاركة السياسية والتمثيل الحقيقي للنساء وفق الدستور المغربي (دستور 2011).