السعودية تسعى لرفع النفط إلى 70 دولارا على الأقل غير عابئة بالخام الصخري
“رويترز” – قالت مصادر في قطاع النفط إن متطلبات الميزانية تضطر السعودية للسعي وراء دفع أسعار النفط إلى 70 دولارا للبرميل على الأقل، على الرغم من أن ذلك قد يفيد منتجي الخام الصخري في الولايات المتحدة وربما يؤدي لمزيد من التآكل في حصة الرياض بأسواق الخام العالمية.
وقالت السعودية، أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إنها ستخفض الصادرات لعملائها الرئيسيين في مارس وأبريل خفضا حادا رغم طلب شركات التكرير مزيدا من الخام. وتشكل هذه الخطوة تحديا لطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أوبك المساعدة على خفض الأسعار، في الوقت الذي يشدد فيه العقوبات على إيران وفنزويلا المنتجين للنفط.
وذكرت مصادر قريبة من سياسة النفط السعودية أن خفض الصادرات يهدف إلى دعم الأسعار. ويقول المسؤولون السعوديون إن سياسات الإنتاج في المملكة لا غرض لها سوى تحقيق التوازن في السوق العالمية وتقليص المخزونات المرتفعة.
وقال مصدر مطلع على سياسة النفط السعودية ”يريد السعوديون النفط عند 70 دولارا على الأقل ولا يقلقهم النفط الصخري كثيرا“.
وصرح مصدر آخر بأن السعودية تريد أن تضع حدا أدنى لأسعار النفط عند 70 دولارا أو دون ذلك بقليل، مضيفا ”لا يستطيع أحد في أوبك الحديث عن زيادة الإنتاج الآن“.
ولا يوجد سعر رسمي تستهدفه السعودية، التي تخطط لزيادة الإنفاق الحكومي لدعم النمو الاقتصادي. وتقول المملكة إن مستويات الأسعار تحددها السوق وأنها لا تستهدف سوى توازن العرض والطلب عالميا.
وحتى مع وصول السعر إلى قرب 70 دولارا للبرميل، لن تحقق السعودية التعادل بين الإيرادات والمصروفات في ميزانيتها، بحسب الأرقام التي ذكرها جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي في فبراير شباط. وقال أزعور إن تحقيق التعادل في الموازنة يتطلب سعرا للنفط بين 80 و85 دولارا للبرميل.وقالت مصادر مطلعة على سياسة النفط السعودية إن المملكة، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، تريد أن تضمن تفادي تكرار انهيار أسعار الخام الذي حدث بين عامي 2014 و2016، حين هوى السعر لأقل من 30 دولارا للبرميل.
تنوي السعودية خفض إنتاج النفط في مارس وأبريل إلى أقل من عشرة ملايين برميل يوميا، دون مستوى الإنتاج المستهدف رسميا عند 10.3 مليون برميل يوميا في إطار اتفاق أوبك.
وقال مسؤول سعودي لرويترز الشهر الجاري إنه رغم الطلب القوي من العملاء فإن شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية خفضت مخصصات أبريل نيسان بواقع 635 ألف برميل يوميا عن طلبات شركات التكرير والعملاء للخام.
وصرح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن ذلك أمر عادي لأن المملكة رفعت الإنتاج والصادرات في العام الماضي عن المستوى المستهدف لتتجنب عجزا كان وشيكا في المعروض.
كما تؤيد المملكة تمديد تخفيضات الإنتاج التي تقودها أوبك بعد يونيو إلى نهاية 2019.
ويمكن لروسيا، وهي ليست عضوا في أوبك ولكنها تخفض الإنتاج بالتنسيق مع المنظمة، تحقيق التعادل في ميزانيتها عند سعر 55 دولارا للبرميل، ولم توضح بعد ما إذا كانت مستعدة لتمديد التخفيضات في الاجتماع المقبل لأوبك في يونيو حزيران.
وقال جاري روس الرئيس التنفيذي لبلاك جولد انفستورز والمراقب المخضرم لأوبك ”مع تطلب الميزانية سعرا فوق 85 دولارا للبرميل، تشتد حاجة السعوديين لسعر يتجاوز 70 دولارا للبرميل“.
وأضاف ”يحتاجون أيضا إلى إقناع روسيا بأن استراتيجية خفض الإنتاج ذات جدوى رغم خسارة حصة في السوق لصالح الولايات المتحدة“.
وتنتج الولايات المتحدة 12 مليون برميل يوميا، بينما يبلغ إنتاج روسيا 11 مليونا. وعلى عكس روسيا، تضخ الولايات المتحدة حسب رغبتها من خلال قطاع الطاقة التجاري الذي يقوده النفط الصخري. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة بواقع أربعة ملايين برميل يوميا أخرى في السنوات الخمس المقبلة.
ومن المرجح أن تفوق هذه الزيادات وتيرة نمو الطلب العالمي، وتعطي واشنطن حصة أكبر في السوق العالمية لتتفوق صادراتها على السعودية.
الرياض حليف قديم مقرب من الولايات المتحدة، وينسق البلدان سياسة النفط بشكل أوثق منذ تولي ترامب الرئاسة مقارنة بعهد سلفه باراك أوباما.
ودعم ترامب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رغم حالة الغضب العالمية التي أثارها مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي كان ينتقد حكومة المملكة، وأوضح جليا أنه يتوقع من منظمة أوبك أن تساهم في خفض أسعار النفط العالمية.
وفي العام الماضي، رفعت السعودية الإنتاج كثيرا تحت ضغط من واشنطن، ولكنها علمت في وقت لاحق أن الولايات المتحدة منحت عملاء النفط الإيراني إعفاءات سخية على غير المتوقع لينخفض السعر بعدها إلى 50 دولارا للبرميل.
ويوم الاثنين الماضي، ألغت أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا اجتماعا مزمعا في أبريل وسيتخذون القرار بشأن تمديد تخفيضات الإنتاج في يونيو حتى تقيم السوق تأثير عقوبات أمريكية جديدة تُفرض على إيران في مايو.
وقال مصدر ثان في أوبك ”علينا أن ننتظر ونرى ما يفعله الأمريكيون أولا“.