وزير الخارجية يلقي كلمة الكويت بجلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة حول “مكافحة الإرهاب”
“كونا” — ترأس الشيخ صباح خالد الحمد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وفد دولة الكويت المشارك في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت صباح اليوم الثلاثاء تحت عنوان (مكافحة الإرهاب وأعمال العنف الأخرى القائمة على الدين أو العرق) لمناقشة مشروع القرار الخاص بالتنديد بالجريمة الإرهابية التي وقعت يوم الجمعة 15 مارس الماضي على المصلين بمسجدي النور ولينوود في نيوزيلندا.
وقد ألقى الشيخ صباح خالد الحمد الصباح كلمة خلال هذه الجلسة جاء نصها على النحو التالي: ” بسم الله الرحمن الرحيم السيدة الرئيس نشكركم في البداية على عقد هذه الجلسة للنظر في اعتماد مشروع قرار يندد بالهجوم الإرهابي الشنيع على مسجدي النور ولينوود في نيوزيلندا الذي راح ضحيته 51 شخصا من المصلين ولإرسال رسالة تضامن ومواساة مع أسر الشهداء والجرحى وكافة أفراد الشعب النيوزلندي الصديق جراء هذا العمل البغيض كما لا يفوتني أن أعرب عن بالغ التقدير لجهود حكومة نيوزيلندا الصديقة وإجراءاتها التي عكست تسامح غير مسبوق وتعامل حضاري مع الكارثة المفجعة والتي أسهمت وبشكل واضح من التخفيف من معاناة أهالي الضحايا.
وكذلك أتقدم بالشكر للجمهورية التركية الصديقة على مبادرتها في تقديم مشروع القرار المعروض أمامنا وإن بلادي تتشرف في رعاية مشروع القرار وتعرب عن دعمها الكامل له.
السيدة الرئيس إن ظاهرة الاسلاموفوبيا أو ما يعرف بالخوف من الإسلام وخطاب الكراهية والتمييز والعنف يعد من أخطر الآفات التي تستهدف المجتمعات الآمنة وقد حذرت العديد من الدول في العالم وفي أكثر من مناسبة من تنامي هذه الآفة وضرورة مواجهتها تحقيقا للسلام والأمن والوئام بين شعوب العالم ومن المؤسف أن هذه الظاهرة تشهد ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة ويدلل ذلك الهجمات الإرهابية المتكررة في عدد من عواصم الدول المتقدمة والنامية على حد سواء وتزداد المعاناة عندما يطغى المشاعر القومية وتغلف بالدعوة إلى تبني سياسات وقوانين تعمق من ظواهر خطيرة أخرى كالزنوفوبيا أو ما يعرف بكراهية الأجانب مما يزيد من التهميش والتمييز ضد الأقليات.
فميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة تدعو إلى تعزيز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين كما أن كافة القرارات التي اتخذتها الجمعية العامة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان ذات الصلة تؤكد على هذه المبادئ الأساسية وتدعو إلى احترامها وتعزيزها.
السيدة الرئيس ومن منطلق حرص دولة الكويت على نبذ الإرهاب والتطرف وأثر هذا العمل الإرهابي المؤلم، فقد بادرت من خلال عضويتها في مجلس الأمن وبالتعاون مع جمهورية إندونيسيا الصديقة على إصدار بيان صحفي من مجلس الأمن بتاريخ 15 مارس 2019 يندد بهذا العمل الإجرامي ويدعو إلى مواجهة تلك الممارسات الإرهابية المتطرفة، كما يدعو لضرورة مساءلة مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية البغيضة ومنظميها ومموليها ورعاتها وتقديمهم إلى العدالة، وحث جميع الدول وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بالتعاون مع حكومة نيوزيلندا.
كما إننا نستذكر في هذه المناسبة احتفال الجمعية العامة يوم الإثنين الماضي 25 مارس 2019 باليوم العالمي للقضاء على التمييز العنصري وأن هذه الاحتفالية تعد بمثابة وسيلة من وسائل التعاضد والتلاحم الدولي لمواجهة آفتي الإرهاب والعنصرية الخطيرة التي أدت إلى تفكك المجتمعات والشعوب وتسببت في زعزعة الأمن والسلم الدوليين في مناطق ودول عديدة في العالم.
السيدة الرئيس إن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية الأساسية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق الإنسان للأشخاص المنتمين إلى أقليات دينية أو إثنية وكذلك حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية أو معتقداتهم بحرية كما أن على الدول أن تضع استراتيجيات وآليات وتدابير على كافة المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية من خلال التثقيف وزيادة الوعي وتعزيز مبدأ التعايش السلمي بين كافة الشعوب.
وعلى الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية ومؤسسات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والهيئات الدينية والإعلام ومنظمات المجتمع المدني مسؤوليات أخلاقية في ترسيخ وتعزيز ثقافة التسامح والسلام واحترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات ومكافحة التحريض على الكراهية والعنف والإسقاط السلبي لأتباع هذه الديانات.
وفي هذا السياق نرحب باعتماد مشروع القرار من قبل الجمعية العامة تحقيقا وتعزيزا للتضامن وتضافر الجهود لمكافحة آفة التطرف والإرهاب بكافة أشكاله وصوره وتعزيز مبدأ الحوار والاعتدال ونبذ التعصب الديني والتشدد كما إنه لا يمكن ولا ينبغي ربط الإرهاب بأي دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية كما تعمد إلى ذلك بعض الجماعات المتطرفة فالدين الإسلامي دين سلام ومن قيمه السامية هي التسامح والتعايش والدعوة إلى الوسطية والاعتدال ونبذ التعصب والتطرف والعنف.
وفي الختام أتقدم بخالص عزائي لأسر ضحايا العمل الإرهابي في نيوزيلندا وأسال الله العلي القدير أن يتغمد الشهداء برحمته ويسكنهم فسيح جناته ويلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، وأن يمن على الجرحى بالشفاء العاجل.
شكرا السيدة الرئيس”.
وضم وفد دولة الكويت كلا من مساعد وزير الخارجية لشؤون مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السفير الشيخ الدكتور أحمد ناصر محمد الصباح ومندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي ومساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية الوزير المفوض ناصر الهين وعددا من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية.