الإسرائيليون يصوتون لتحديد مصير نتانياهو
يُدلي الإسرائيليّون الثلاثاء بأصواتهم في انتخابات تنطوي على رهانات كبيرة، يُقرّرون فيها الإبقاء على رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الموجود في السلطة منذ سنوات رغم مزاعم الفساد التي تُحيط به، أو استبداله بقائد عسكري سابق حديث العهد في السياسة.
ويُتوقّع أن تكون النتيجة متقاربة بين الطرفين، والأرجح أن تؤدّي بعد صدورها رسميّاً إلى مفاوضات محمومة لتشكيل حكومة ائتلافيّة، في وقت تُشير استطلاعات الرأي إلى أنّ نتانياهو في موقع أفضل للقيام بهذه المهمة.
لكنّ قائد الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس يشكّل خصماً لا يُستهان به في وجه رئيس الوزراء المخضرم، نظراً إلى سجلّه العسكري وتعهّده بإصلاح الأضرار التي أحدثها نتانياهو جرّاء سياساته التقسيميّة.
وستكون الانتخابات بمثابة استفتاء على نتانياهو البالغ من العمر 69 عاماً والذي اكتسب سمعة ضامن الأمن والنموّ الاقتصادي في البلاد، غير أنّ شعبويّته ومزاعم الفساد التي تحيط به جعلت الكثيرين على استعداد للتغيير.
وهو انخرط في خطاب سياسي شعبوي طوال حملته اللاذعة التي يقول مراقبون إنّها بلغت حدّ شيطنة العرب الإسرائيليين وغيرهم.
وكما هو متوقع، أصدر نتانياهو تعهّداً مثيراً للجدل قبل ثلاثة أيام فقط من الانتخابات حول اعتزامه ضمّ مستوطنات في الضفة الغربية في حال فوزه.
ويُمكن لتوسيع السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربيّة أن يكون بمثابة رصاصة الرحمة على ما تبقّى من آمال متلاشية بحل الدولتين مع الفلسطينيين.
ولطالما سعى اليمين المتطرّف في إسرائيل إلى خطوة كهذه.
وسعى نتانياهو أيضاً إلى تقديم نفسه على أنّه رجل الدولة الأساسي في إسرائيل، والتقى خلال فترة الحملات الانتخابية حليفه المقرّب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إضافة إلى الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبرازيلي جاير بولسونارو.
وأبرَزَ نتانياهو اعتراف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، واعترافه بالسيادة الإسرائيليّة على مرتفعات الجولان، وقال إنّ الرئيس الأمريكي كان على دراية بمخططاته لضمّ الأراضي.
وقال نتانياهو في مقابلة الاحد مع موقع “آروتز شيفا” الإخباري المحلي: “بصراحة، مَن غيري يستطيع فعل ذلك؟ من يمكنه فعل ذلك؟”.
وأضاف: “من يستطيع الوقوف في مواجهة العالم؟ من يستطيع مواجهة الكونغرس الأميركي؟ من يستطيع تحريك الرأي العام في هذا الاتجاه؟”.
وفي الوقت نفسه، استخدم نتانياهو تكتيكات مشابهة لتلك التي يستخدمها ترامب، واصفاً تحقيقات الفساد بحقه بأنها “ملاحقة”، ومندداً بالصحافيين الذين يقومون بتغطيتها.
أما غانتس، المظلّي السّابق البالغ 59 عاماً والذي شكّل تحالفاً وسطيّاً لتحدّي نتانياهو، فاستند إلى مزاعم الفساد ضدّ رئيس الوزراء لإثبات أنّ أوان رحيله قد آن.
ووصف تعهّد نتانياهو بضمّ المستوطنات بأنه محاولة “غير مسؤولة” للحصول على أصوات الجناح اليميني.
وبالنسبة إلى موقفه من هذه القضيّة، يقول غانتس إنّه يفضّل “اتّفاق سلام مدعوم دولياً” يلحظ احتفاظ إسرائيل بكتل استيطانيّة كبيرة في الضفة الغربيّة وبالسيطرة الأمنية على المنطقة، لافتاً إلى معارضته أيّ خطوات أحاديّة.
وقال غانتس لإذاعة الجيس الإسرائيلي الإثنين: “هناك حاجة إلى التغيير، وهناك فرصة لهذا التغيير”.
وأضاف: “إسرائيل تحتاج الى اختيار اتّجاه الوحدة والترابط والأمل… أو التطرّف”.
وسعى غانتس إلى تخطّي خبرة نتانياهو وإنجازاته، عبر التحالف مع رئيسي أركان سابقين للجيش إضافة إلى وزير المال السابق يائير لابيد لتشكيل تحالف “الأزرق والابيض”.
منحت استطلاعات الرأي حزب نتانياهو “الليكود” وتحالف “الأزرق والأبيض” نفس عدد المقاعد في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا.
وبحسب هذه الاستطلاعات التي تُعطي كلّ طرف ثلاثين مقعداً، لن يكون بإمكان أيّ منهما تحقيق الغالبية المطلوبة لتشكيل حكومة، وسيحتاجان إلى تشكيل ائتلاف حكومي.
لكن كانت هناك تحذيرات متكرّرة من عدم موثوقيّة الاستطلاعات التي لا يُمكن الاعتماد عليها تبعاً لتجارب تاريخيّة، كما أنّ ناخبين كثيرين لا يزالون متردّدين.
وإذا فاز نتانياهو، سيكون أول رئيس وزراء يتجاوز الفترة التي أمضاها الأب المؤسس للدولة ديفيد بن غوريون في المنصب.
وشغل نتانياهو هذا المنصب لأكثر من 13 عامًا مرسّخاً نفسه بقوة في قمة العمل السياسي في إسرائيل، إلى درجة أنّ البعض أطلقوا عليه لقب “الملك بيبي”.
وفي حال فوزه، سيواجه أيضاً احتمال أن يكون أول رئيس وزراء في منصبه يتم توجيه الاتهام إليه.
وأعلن المدعي العام الاسرائيلي أنه ينوي توجيه لائحة اتهام الى نتانياهو بتلقي رشى والاحتيال وسوء الأمانة بانتظار استكماله استجوابات معلّقة.
لكنّ اتهامه لا يُلزمه بالاستقالة، إلا في حال الإدانة وبعد استنفاده كل الاستئنافات.- أ ف ب