الحزب الاشتراكي يعود إلى الواجهة بعد الفوز بالانتخابات العامة الاسبانية
“كونا”… استعاد حزب العمال الاشتراكي الاسباني بقيادة بيدرو سانشيز نفوذه بعدما فاز بالانتخابات العامة الاسبانية للمرة الأولى منذ 11 عاما. واحتفل الاشتراكيون بفوزهم الواضح في الانتخابات العامة الاسبانية وتحقيقهم نتيجة قد تغنيهم عن اللجوء إلى طلب تأييد الأحزاب الكتالونية الانفصالية وتشكيل حكومة مع الأحزاب اليسارية الأخرى وذلك في أفضل السيناريوهات. وبعد فرز 99ر99 بالمئة من الأصوات فاز الاشتراكيون بأغلبية برلمانية عريضة بلغت 123 مقعدا (7ر28 بالمئة) في مجلس النواب الاسباني المؤلف من 350 نائبا بفضل حصولهم على نحو 5ر7 مليون صوت في الانتخابات محققين بذلك انتفاضة كبيرة بعدما كانوا يمتلكون 85 مقعدا في انتخابات 2016. ومن جانبه مني الحزب الشعبي اليميني المحافظ بأسوأ نتيجة في تاريخ على الاطلاق حيث حصد 3ر4 مليون صوت ليحصد 66 مقعدا في مجلس النواب نزولا من 137 نائبا في انتخابات يونيو 2016 عندما حصل على 9ر7 مليون صوت ما يمثل انتكاسة كبيرة لخسارته 71 مقعدا. واحرز حزب (ثيودادانوس) الليبرالي نجاحا منقطع النظير حيث حصل على 57 مقعدا (مقارنة ب32 في مجلس النواب السابق) بعدما حصل على أصوات 1ر4 ناخب إسباني ليزاحم بشدة الحزب الشعبي.
كذلك سجل ائتلاف (أونيداس بوديموس) اليساري تراجعا ب10 نواب نزولا من 45 نائبا في الانتخابات الماضية إلى 35 نائبا في هذه الانتخابات غير أنه يحظى رغم ذلك بفرصة لعب دور مهم في تشكيل الحكومة الاشتراكية المستقبلية. أما الحزب الخامس في الترتيب فهو اليميني المتطرف (بوكس) الذي حصل على نحو 8ر2 مليون صوت و24 مقعدا في المجلس وعلى الرغم من انه كان يتوقع الحصول على نفوذ أكبر غير انه حقق نتيجة مهمة ودخل مجلس النواب الاسباني بقوة لتنضم إسبانيا إلى قائمة الدول الأوروبية التي تحظى بتمثيل يميني متطرف في برلمانها وذلك للمرة الأولى في تاريخها الديمقراطي.
وفي مجلس الشيوخ المؤلف من 208 نواب حاز الاشتراكيون على أغلبية 121 نائبا مقارنة ب43 نائبا في الولاية السابقة فيما تراجع الحزب الشعبي اليميني بواقع 74 مقعدا من 130 مقعدا في الولاية السابقة إلى 56 مقعدا في انتخابات الأمس ليمنى بذلك بأكبر هزيمة تاريخية في المجلس الأعلى. ويمتلك الحزب الاشتراكي اليوم مفاتيح صياغة الحكومة الاسبانية الجديدة ولديه خياران يتمثل الأول في التحالف مع حزب (ثيودادنوس) الليبرالي لتشكيل أغلبية ال180 وتجاوز الأغلبية الساحقة المطلوبة عند 176 صوتا لكن الحزب الليبرالي كان قد تعهد مرارا وتكرارا بعدم التحالف مع سانشيز في حين ان الناخبين الاشتراكيين كانوا طالبوا سانشيز عقب انتصاره الليلة الماضية بعدم التفاوض مع (ثيوادانوس) بل مع اليساري (أونيداس بوديموس). ويلعب (أونيداس بويموس) على وجه التحديد دورا كبيرا في الخيار الثاني التي سيدرسه سانشيز لتشكيل حكومة غير انهما معا (158 مقعدا) لا يشكلان الأغلبية الساحقة عند 176 وعليه فقد يلجأ لثلاثة أحزاب يسارية أخرى والحزب القومي الباسكي لتشكيل أغلبية 175 صوتا ويكونوا بحاجة لصوت واحد فقط للاستغناء عن الانفصاليين الكتالونيين الذين سيفرضون شروطهم مقابل تأييد حكومة يسارية.
وعلى الرغم من التوقعات بإمكانية تسهيل الكتالونيين الانفصاليين مهمة تشكيل حكومة يسارية في جلسة التصويت الأولى فإن سانشيز قد يضطر إلى اللجوء لجلسة تصويت ثانية سيحتاج فيها إلى الأغلبية البسيطة لتنصيبه رئيسا للوزراء. يذكر ان سانشيز أعاد للحزب الاشتراكي مجده المفقود بعد خسارته التاريخية في يونيو 2016 عندما مني بأسوأ نتيجة في تاريخه (85 نائبا) وقاده لتحقيق الفوز في الانتخابات للمرة الأولى منذ 11 عاما عندما انتصر في انتخابات عام 2008 محققا 169 نائبا في مجلس النواب في الولاية الثانية للرئيس الأسبق خوسيه لويس ثاباتيرو. واستعاد الاشتراكيون هيمنتهم الواضحة على اليسار الاسباني في مشهد لم يكن ليتوقعه أي شخص قبل عام واحد فقط عندما كان زعيم الشعبي اليميني السابق ماريانو راخوي رئيسا للوزراء وسانشيز زعيما مغمورا للمعارضة غارقا في استطلاعات الرأي وبدون أي ثقل.
لكن الأمور بدأت تتغير في يونيو من العام الماضي عندما نجح سانشيز في سحب الثقة من راخوي في سابقة من نوعها في التاريخ الديمقراطي الإسباني متوليا زمام القيادة مع أغلبية هشة جدا في البرلمان في الوقت الذي نشأ فيه حزب (بوكس) اليميني المتطرف مستهلا حربا غير مسبوقة في اليمين من الطيف السياسي اشترك فيها حزب (ثيودادنوس) الليبرالي. ويعود جزء من خسارة الحزب الشعبي للأصوات إلى اتباعه استراتيجية للحفاظ على الناخبين الذين استمالهم (بوكس) بتطرفه فأهمل يمين وسط واستغل (ثيوادانوس) ذلك لاستقطاب تلك الشريحة باستراتيجية ناجحة.
وفي سابقة من نوعها تجزأ اليمين الإسباني إلى ثلاث فئات بعد حرب طاحنة على أصوات الناخبين في الفترة الأخيرة في حين عثر اليسار الإسباني على الانسجام والتناغم لتشكيل سيناريو مختلف في تاريخ إسبانيا. على الرغم من ذلك فإنه من المتوقع ان تتحفظ المجموعات البرلمانية المختلفة في مفاوضاتها لحين اجراء الانتخابات المحلية في إسبانيا في 26 مايو المقبل التي بات من المتوقع ان تشهد أيضا انتصارا واسعا للحزب الاشتراكي.