الكويتيون يستذكرون غدا الذكرى الـ11 لرحيل الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله
«كونا»: «الكويت أولا.. الكويت أولا.. الكويت أولا» بهذه الكلمات المؤثرة يستذكر أهل الكويت دائما الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح الذي تصادف غدا الذكرى ال11 لوفاته بعد مسيرة حافلة بالتضحيات والعطاء.
ففي 13 مايو من العام 2008 فقدت الكويت الأمير الوالد الذي يعد رمزا من رموزها الوطنية ورجلا قل نظيره وتكراره وفارسا كرس حياته في خدمة هذا البلد في مناصب عدة تميزت بالتفاني والإخلاص في سبيل رفعته وأمنه واستقراره.
بعبارة «الكويت أولا» افتتح الشيخ سعد العبدالله -طيب الله ثراه- في 15 أكتوبر 2001 دور الانعقاد العادي الرابع للفصل التشريعي التاسع لمجلس الأمة مؤكدا أمام جميع أهل الكويت رجالا ونساء أن هذه الأرض الغالية هي الأساس التي منها بدأنا وإليها نعود والتي ستبقى في قلب كل كويتي النبض والدم والشريان.
والشيخ سعد العبدالله – رحمه الله – هو الحاكم ال14 للكويت إذ نودي به أميرا للبلاد في 15 يناير 2006 وهو الأمير الرابع في عمر الدولة الدستورية التي بدأت بتوقيع المغفور له والده الشيخ عبدالله السالم الصباح على وثيقة الدستور في 11 نوفمبر 1962 معلنا بذلك بدء بواكير الدولة الحديثة وكان – رحمه الله – شاهدا ومشاركا في وضع أسس هذه المرحلة الجديدة للبلاد منذ أن تم اختياره عضوا في لجنة صياغة الدستور.
وفي يناير 1978 زكى الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح – طيب الله ثراه – أخاه ورفيق دربه الأمير الوالد وليا للعهد وفي فبراير من العام نفسه عين رئيسا للوزراء بالإضافة إلى ولاية العهد ليقوم بتشكيل الحكومة العاشرة في تاريخ البلاد بعد الاستقلال.
استمر الأمير الوالد في تولي رئاسة العديد من الحكومات المتعاقبة حتى عام 2003 عندما تم فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء ليعهد بهذا المنصب إلى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح – حفظه الله ورعاه – فيصبح رئيسا لمجلس الوزراء ويشكل الحكومة ال21 في تاريخ الكويت الحديث.
قبل تسلمه أمانة ولاية العهد شغل الأمير الوالد العديد من المناصب لا سيما في القطاع الأمني إذ تولى منصب نائب لدائرة الشرطة منذ 1954 حتى 1959 حين صدر مرسوم أميري بتعيينه نائبا لدائرة الشرطة والأمن العام بعد دمجهما.
وبعد استقلال البلاد عين – رحمه الله – وزيرا للداخلية عام 1962 ثم اختير وزيرا للدفاع عام 1964 ليصبح بذلك مهندس السياسة الأمنية في الكويت الحديثة.
وحرص الشيخ سعد العبدالله منذ بداياته الأولى في طريق السياسة على الاهتمام بالمؤسسة العسكرية في البلاد فعمد أولا قبل الاستقلال إلى إنشاء مدرسة الشرطة عام 1956 ثم استمر في تطوير هذا القطاع المهم فتم في عهدة تطوير أجهزة الشرطة واستحداث قطاعات جديدة فيها مثل إدارة الأدلة الجنائية والطب الشرعي التي أسسها عام 1961.
ثم انشأ – رحمه الله – مجلس الدفاع الأعلى عام 1963 لكي يعمل على رسم السياسة العليا لشؤون الدفاع في الدولة مثل إعلان الأحكام العرفية أو إعلان حالة الحرب الدفاعية وتنسيق شروط معاهدات الصلح والاتفاقيات العسكرية بين الكويت ودول العالم.
وصدرت في عهد الشيخ سعدالعبدالله – رحمه الله – الكثير من القرارات التي تصب في صالح تطوير منظومة جهاز الأمن الداخلي (وزارة الداخلية) ومن أبرزها إنشاء مركز المعلومات الآلي بالوزارة وصرف بدل الإمرة وتشكيل لجنة شؤون الموظفين وصرف بدلات وعلاوات إضافية لرجال الشرطة والاحتفال بأسبوع المرور الأول عام 1962.
كان الأمير الراحل رجل دولة من الطراز الأول في إدارة الأزمات فلم يكن مستغربا أن يطلق عليه (بطل التحرير) خلال فترة الغزو العراقي الغاشم عام 1990 فقد أصر منذ اللحظات الأولى للغزو على مغادرة أخيه أمير البلاد آنذاك الشيخ جابر الأحمد إلى السعودية للحفاظ على حياته التي بها تبقى رمز الشرعية الكويتية أمام العالم.
كما كان مدافعا عنيدا عن الحق الكويتي في جميع المحافل الدولية طوال أشهر الاحتلال فقام بجولات دولية عديدة لشرح قضية الشعب الكويتي وحشد الرأي العام الدولي والعربي والإسلامي للوقوف إلى جانب الحق الكويتي.
وأشرف الراحل على أحوال الكويتيين الصامدين على أرض الوطن وخارجه وتفقد أوضاعهم المعيشية والصحية إضافة إلى دعمه عناصر المقاومة الكويتية في الداخل واتصالاته اليومية مع قادة المقاومة ومدهم بالمؤن والأموال لتشجيعهم على مواصلة الصمود في وجه العدوان.
منذ اللحظات الأولى للتحرير دخل الراحل إلى الكويت وتسلم مهامه كحاكم عسكري حتى يعيد الأمن والنظام إلى الدولة فضلا عن مهامه في رئاسة حكومة البناء والإعمار التي صدر مرسوم أميري بتشكيلها في أبريل 1991 فشكل – طيب الله ثراه – خلية عمل كان لها الأثر الكبير في فرض الأمن وإعادة السيطرة على جميع مرافق البلاد.
وبرزت جهود الأمير الوالد – طيب الله ثراه – الواضحة في العمل بكل همة وإخلاص على إعادة العمل في مرافق الدولة بكل كفاءة وسرعة وإعادة النظام والأمن وفرض هيبة الدولة وسلطتها ووضع خطة لإعادة الوافدين الشرفاء إلى أعمالهم للمشاركة في إعادة البناء إضافة إلى سرعة التعامل مع أكبر كارثة بيئية تحل بالبلاد وهي إطفاء آبار النفط المشتعلة.
وأشرف الأمير الوالد – رحمه الله – على عودة الديمقراطية إلى الكويت من خلال تنظيم أول انتخابات نيابية بعد التحرير في عام 1992 والتي على أثرها بدأ في 20 أكتوبر 1992 أول مجلس تشريعي بعد التحرير.
وأولى – طيب الله ثراه – قضية الأسرى والمفقودين اهتماما خاصا كونها قضية الكويت الأولى وكثف الجهود على جميع الأصعدة من أجل إطلاق سراحهم علاوة على رعايته لأهالي الأسرى و الشهداء.
في 15 يناير 2006 نودي بالأمير الوالد أميرا للبلاد بعد وفاة أخيه الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح – طيب الله ثراهما – لكن نظرا إلى تراجع حالته الصحية فقد انتقل الحكم وفق الأطر الدستورية في 29 يناير من العام نفسه إلى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وفي صبيحة 13 مايو 2008 توفي سموه في منزله بقصر الشعب حيث تم إعلان حالة الحداد الرسمي في الكويت حزنا على هذا الرجل العظيم الذي أفنى حياته في العمل من أجل الكويت والكويتيين فاحبوه وأحبهم ولا يزال خالدا في قلوبهم ووجدانهم.