أهم الأخباررياضة عالمية

مواقع تدريب مونديال قطر.. طفرة رياضية وإرث مستدام

“قنا”.. رغم أنها غريبة على عالمنا العربي، إلا أن مواقع التدريب الرياضية من الأمور المتعارف عليها في مختلف دول العالم، وإنشاؤها في قطر بهدف خدمة منتخبات كأس العالم لكرة القدم 2022 يعد بمثابة طفرة رياضة غير مسبوقة وإرث مستدام ستستفيد منه الأجيال الناشئة في كافة القطاعات.

ويعتبر المهندس أحمد العبيدلي مدير مشروع مواقع التدريب في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أن إنشاء وتطوير مواقع تدريب جديدة في قطر وتجهيزها قبل استضافة المونديال بحوالي ثلاث سنوات من الأدلة الواضحة والقوية على التزام دولة قطر بترك إرث حقيقي للمنطقة ولدولة قطر، خاصة أنه تم بالفعل استخدام هذا الإرث الحقيقي المتمثل في مواقع التدريب منذ ديسمبر عام 2018 في ظل تشغيل موقع تدريب السيلية الذي تم الانتهاء منه في نوفمبر من نفس العام.

وأكد العبيدلي، في مقابلة مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن مواقع التدريب واحدة من متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لأي دولة تستضيف نهائيات كأس العالم بجانب الاستادات الرئيسية، حيث إنها جزء من البنية التحتية المطلوب توفيرها، لكنها في قطر ستتكون من قسمين، الأول يهتم بإنشاء مواقع تدريبية جديدة، والثاني معني بتطوير وتجهيز المنشآت الحالية المستوفية الشروط، ومنها أندية الدرجة الأولى والثانية في قطر التي سيتم تخصيصها كمواقع تدريب لبعض المنتخبات المشاركة في كأس العالم.

ويضيف أن خطط اللجنة العليا للمشاريع والإرث قائمة على إنشاء 30 ملعبا تدريبيا في 15 موقعا متوزعة في أربعة أماكن، هي السيلية (موقع واحد)، جامعة قطر (6 مواقع)، منطقة نادي الدوحة للجولف (5 مواقع)، ومنطقة عنيزة (3 مواقع)، وقد بدأ العمل في جميع المواقع منذ مايو 2017، على أن يتم الانتهاء منها في مايو هذا العام، حيث ستكون جاهزة لخدمة المجتمع القطري في ظل وجود الكثير من الأفراد والشركات والمؤسسات الرياضية وغير الرياضية التي ترغب في استخدام هذه المنشآت وتفعيلها من خلال إقامة أنشطة رياضية فيها، خاصة أن هذه الملاعب لم تنشأ من أجل استخدامها في شهر واحد فقط.

ويتعين على مواقع التدريب أن تلبي متطلبات معينة لكي توفر ظروفا مناسبة للمنتخبات المشاركة في مونديال قطر، حيث سيكون لكل منتخب مشارك موقع خاص به يحتوي على ملعبين تدريبيين من الحشيش الطبيعي يستخدمه بصورة مستقلة وخاصة منذ وصوله إلى الدوحة وحتى نهاية مشاركته في المونديال.

ويشدد العبيدلي على أن الحكومة القطرية استثمرت في إنشاء 30 ملعبا تدريبيا لخدمة الرياضية القطرية بشكل مباشر واحتياجات الأندية القطرية بكافة فئاتها، خاصة أن هناك أندية تشتكي من قلة الملاعب التي تستوعب فرقها السنية، وذلك بجانب وضع اللجنة العليا في اعتبارها استثمار ملاعب أندية الدرجة الأولى والثانية وتسخيرها كمواقع تدريب لخدمة منتخبات المونديال، بهدف الاستفادة من المرافق الرياضية المتاحة في قطر، وضمان عدم بناء ملاعب تفيض عن حاجة البطولة والاحتياج المحلي بعد البطولة، وهو ما يجسد أحد جوانب الإرث الذي تتطلع بطولة قطر لتحقيقها من استضافة المونديال.

ويرى المهندس أحمد العبيدلي مدير مشروع مواقع التدريب في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أن جميع مواقع التدريب ستحقق إرثا كبيرا للمجتمع، حيث إن موقع السيلية سيتم تخصيصه لخدمة الأندية الرياضية في الدولة، فيما ستتحول مواقع الجامعة إلى إرث يخدم طلاب وطالبات جامعة قطر، بينما سيتم الاستفادة من موقعي عنيزة والجولف بتخصيصهما للمنتخبات والأندية العالمية التي تعسكر في الدوحة، وكذلك للخدمة المجتمعية حيث إن هناك الكثير من الأكاديميات الخاصة التي تطلب ملاعب لإقامة أنشطتها، كما أن موقع عنيزة سيتم إقامة حديقة عامة بجانبه تخدم الكتلة السكانية في هذه المنطقة.

ويوضح العبيدلي أن الأسس التي تم عليها اختيار المناطق التي ستقام فيها مواقع التدريب، تتمثل في كيفية خدمة هذه المناطق والإرث الذي ستتركه للمجتمع، بالإضافة إلى بناء مواقع تدريبية قريبة من الأماكن أو الفنادق التي تسكن فيها المنتخبات، حيث تقوم خطط اللجنة العليا على تجهيز مواقع تبعد عن أماكن سكن المنتخبات بفترة لا تزيد عن 20 دقيقة، فضلا عن الاستفادة من هذه المواقع مستقبلا في استضافة معسكرات الأندية أو الفرق التي تسعى للانعزال عن العالم والجماهير وقضاء فترة إعداد بصورة هادئة.

ويتابع أن عشب ملاعب التدريب يختلف تماما عن العشب المستخدم في الاستادات، ففي ملاعب التدريب يتم زراعة بذور العشب بشكل يدوي، ثم إضافة مواد كيميائية معينة لإنبات العشب اللازم لأرضيات الملاعب خلال فترة تتراوح بين ثلاثة أو أربعة أشهر، حيث تسهم هذه التقنية في توفير الكثير من الوقت والجهد الذي قد تستغرقه عملية نقل العشب من مشاتل خارجية وفرشه في أرض الملاعب، فضلا عن أنها عملية مكلفة.

ويتعين أن تضم مواقع التدريب ملعبين على الأقل تكون أرضيتهما من العشب الطبيعي وعالية الجودة وتستوفي المعايير الدولية، بجانب مركز صحفي يتسع على الأقل لـ100 شخص، وأن يكون مجهزا بالغرف والمدرجات التي تستوعب على الأقل 500 شخص ربما يتم استخدامها من قبل الصحفيين أو الجماهير في حال السماح للجمهور بمشاهدة حصة تدريبية، كما تحتوى على غرف للاعبين وأعضاء الجهاز الفني والمدربين.

ويعتبر مدير مشروع مواقع التدريب في اللجنة العليا للمشاريع والإرث أن أهم ما يميز مواقع تدريب منتخبات المونديال في قطر عن غيرها في مختلف دول العالم، هو استفادتها بشكل فعال من الطبيعة متقاربة المسافات لدولة قطر ودمج بعض مواقع التدريب في مجمعات تضم كافة المرافق الرياضية والخدمية التي تحتاجها المنتخبات المشاركة في البطولة، فضلا عن أن اللجنة العليا تتعاون مع كل مؤسسات الدولة وخاصة اتحاد كرة القدم، لتحقيق أقصى استفادة من هذه الملاعب سواء قبل انطلاق المونديال أو بعد نهايته.

ويشدد العبيدلي على أن أي مشروع لا يخلو من تحديات وصعوبات، وهو ما واجهته عملية إنشاء مواقع التدريب في البداية، لكن تكاتف الجميع ذلل كل المصاعب وحقق كل هذا القدر من الإنجاز في ظل السير على الجداول الموضوعة بدقة من اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وهو ما ظهر جليا في إنجاز موقع السيلية التدريبي قبل موعده المحدد بثمانية شهور تقريبا، وسيتم إنجاز بقية المواقع في الموعد المحدد.

الانتهاء من مواقع التدريب الخاصة بمونديال قطر قبل انطلاقه بحوالي ثلاث سنوات تقريبا يشكل سلاحا ذا حدين، فتجهيز هذه المنشآت بهذه السرعة يمثل أمرا إيجابيا، لكن قد يواجه تشغليها حتى موعد المونديال بعض الصعوبة، وهو ما فنده المهندس أحمد العبيدلي مدير مشروع مواقع التدريب في اللجنة العليا للمشاريع والإرث تماما بقوله “إن اللجنة أنشأت إدارة معنية ومخصصة لعمليات تجهيز وتشغيل وصيانة الملاعب والمنشآت التي سيتم تجهيزها من أجل خدمة كأس العالم، وستكون مهمة هذه الإدارة الحفاظ على جودة ونظافة منشآت المواقع التدريبية حتى عام 2022”.

ويضيف العبيدلي أن موقع السيلية التدريبي تم الانتهاء منه تماما في نوفمبر من العام الماضي، وتم استلامه رسميا من المقاول الرئيسي، وتقوم الإدارة المعنية حاليا بإدارة الموقع وتشغيله من أجل تجربته قبل المونديال، وقد استضاف الموقع في ديسمبر من العام الماضي تدريبات المنتخبين الفلسطيني والقيرغيزي في إطار استعداداتهما لخوض منافسات بطولة الأمم الآسيوية لكرة القدم التي أقيمت في أوائل العام الحالي، وحصل المنتخب القطري على لقبها عن جدارة.

ويوضح أن الإدارة استقبلت طلبات من اتحاد كرة القدم بشأن استقبال تدريبات منتخبات نسائية ضمن استعداداتها لتصفيات كأس آسيا، حيث تعمل الإدارة مع الاتحاد بشكل مستمر من أجل تنسيق جدول الفعاليات والتدريبات من أجل تشغيل مواقع التدريب المختلفة، وذلك بهدف استخدام العشب وتجربته جيدا، وكذلك تشغيل المنشأة ككل وتجربة جميع الخدمات التي تتوفر فيها، من أجل الاستفادة بشكل عام من تجربة جودة الملاعب وكيفية تحسينها وتطوريها قبل المونديال.

ويؤكد العبيدلي أن الأندية التي سيتم استغلالها كمواقع تدريب في المونديال لم تحدد بشكل رسمي بعد، ولكن يتم إجراء تقييم لعدد من الملاعب للتأكد من جاهزيتها واستيفاء جميع الشروط المطلوبة لاستضافة المنتخبات المشاركة في المونديال، وقد أكدت نتائج عمليات التفتيش على مطابقة ملاعب الكثير من الأندية بشكل كبير لمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، لكن من المقرر أن يتم إجراء صيانة بسيطة لهذه الملاعب قبل انطلاق البطولة لتجهيزها لتكون خيارات أمام اللجنة للاختيار فيما بينها كمواقع تدريب للمنتخبات.

ويرى مدير مشروع مواقع التدريب في اللجنة العليا للمشاريع والإرث أن مواقع التدريب التي ستستخدمها المنتخبات المشاركة في مونديال قطر ستلبي أعلى المعايير، وأنه بتجهيز هذه المواقع فاللجنة العليا تقوم بالتزاماتها تجاه الفيفا كما نقدم للمنتخبات المنشآت التدريبية التي يحتاجون إليها للاستعداد لمباريات البطولة، كذلك فاللجنة تبني إرثا طويل الأمد للرياضة في قطر، فبعد كأس العالم ستواصل الأندية القطرية والمدارس الرياضية وهواة كرة القدم الاستفادة من هذه الملاعب عالية الجودة.

ويؤكد أن أهمية أرضية مواقع التدريب لا تقل أبدا عن أرضية ملاعب البطولة، ونحن في اللجنة سعداء بما نحققه وما وصلنا إليه حتى الآن ونثق في أن اللاعبين سيجدون بانتظارهم أفضل الظروف الممكنة للاستعداد للمباريات، وهذا يعني أن المجتمع المحلي سيتمكن من الاستفادة من ملاعب ذات أرضيات عالية الجودة، وهي أرضية ملعب البطولة بجانب ملاعب التدريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.