الايطاليون يصوتون في الانتخابات الأوروبية وسط ترقب لمصير الحكومة
(كونا) — فتحت مراكز الاقتراع في ايطاليا أبوابها اليوم الاحد أمام قرابة 51 مليون ناخب لاختيار نوابهم في البرلمان الأوروبي وسط ترقب لتداعيات نتائجها على التوازنات الداخلية ومصير حكومة الائتلاف الثنائي.
وتستمر عملية الاقتراع حتى الساعة الحادية عشرة مساء بالتوقيت المحلي لاختيار 73 نائبا يمثلون ايطاليا في البرلمان الأوروبي الجديد.
وتعد الانتخابات أول عودة للتصويت منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في مارس 2018 اذ ينتظر أن تحدد التوازنات السياسية الداخلية كما تشمل 6ر3 مليون ناخب يصوتون لانتخاب حكومة اقليم (بيمونتي) و 16 مليونا ينتخبون ادارات اربعة آلاف مجلس بلدي من ابرزها مجلس مدينة فلورنسا.
وتجرى الانتخابات الأوروبية بنظام القوائم النسبية المطلقة في خمسة دوائر انتخابية فيما يفرض النظام الانتخابي عتبة أدنى بنسبة اربعة في المئة من الأصوات على المستوى الوطني حيث يتعين على أي قائمة تجاوزها للمشاركة في تقاسم مقاعد البرلمان الأوروبي.
ويتركز التنافس بين قوائم الأحزاب الأربعة الأكبر وفق نتائج الانتخابات العامة الأخيرة في مقدمتها (الخمس نجوم) و(رابطة الشمال) الشريكان في الحكومة وتحالف يسار الوسط بقيادة (الحزب الديمقراطي) و(هيا ايطاليا) اليميني المعارضان بينما تتزاحم باقي القوائم يتقدمها حزب (أخوان ايطاليا) من أقصى اليمين وتجمع (من أجل أوروبا).
وتكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة نظرا للتوازنات السياسية الداخلية اذ تقيس نتائجها المنتظر البدء في اعلانها الليلة الأوزان السياسية للقوي الرئيسية ومن ثم على علاقات القوى داخل الائتلاف الثنائي الحاكم وبالتالي على مصير حكومة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي.
وتترقب كافة القوى السياسية والمتابعون للشأن الايطالي بشكل خاص النتائج ونسبة الأصوات المنتظر أن يحصدها حزب (الرابطة) بزعامة نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ماتيو سالفيني في ضوء الزخم المذهل في شعبيته منذ المشاركة في الحكومة واجماع استطلاعات الرأي على بروزه كأكبر حزب ايطالي وربما أوروبي.
وينحصر الترقب من ناحية لنتائج حزب (الرابطة) وزعيمها سالفيني بعد حملة دعائية مفرطة معتبرا هذه الانتخابات استفتاء على زعامته ومن ناحية أخرى لقدرة شريكه اللدود (الخمس نجوم) بزعامة لويجي دي مايو على التماسك في شعبيته كأكبر حزب سياسي واحتواء التراجع الكبير دون الانهيار.
وتأتي هذه المنافسة المحتدمة في سياق بروز التباين والخلافات بين الحزبين الشريكين اللذين بنيا نجاحهما الأخير بشكل أساسي على مناهضة المؤسسات الأوروبية وعملة اليورو وصولا الى التلاسن العلني وتبادل الاتهامات ازاء الصعوبات الاقتصادية وشبح الأزمة المالية المحتملة.
وفي خضم ارتفاع نبرة الانتقادات المتبادلة السياسية واللفظية بين نائبي رئيس الوزراء زعيم (الخمس نجوم) دي مايو وزعيم (الرابطة) سالفيني في الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية يصر الطرفان على تأكيد استقرار الحكومة واستمرارها الى نهايتها الطبيعية لأربع سنوات باقية.
من جانبه استبعد دي مايو أى تأثير للنتائج الانتخابية الأوروبية على استقرار حكومة جوزيبي كونتي بتقدم شريكه حزب (الرابطة) لعدم تغيير الواقع التمثيلي داخل البرلمان الايطالي الذي يحتفظ فيه حزبه (الخمس نجوم) بغالبية حاسمة.
ويرى المراقبون أن هذه التطمينات المتبادلة حول استقرار الحكومة لا تعبر عن حقيقة العلاقة المتأزمة داخل الائتلاف الثنائي لاسيما بعد أن تعهد سالفيني حال تحقق التقدم المنشود باطلاق مشروع “النفق الحدودي” مع فرنسا وهو أحد الثوابت العقائدية لدى أنصار (الخمس نجوم).
من ناحية أخرى تنادي أحزاب المعارضة البرلمانية بطرفيها باسقاط الحكومة اذ يرى أمين عام الحزب الديمقراطي ثانى أكبر أحزاب البرلمان وأمينه العام الجديد نيكولا زينغاريتي أن “نهوض حزبه من كبوته الكبرى في الانتخابات التشريعية سوف يعجل بنهاية خطر الحكومة الثنائية على اطاليا”.
ويدعو حزبا اليمين حليفا رابطة الشمال التقليديين وفي الحكومات المحلية (هيا ايطاليا) المرشح على قائمة حزبه بعد رفع الحظر القضائي عنه و(أخوان ايطاليا) سالفيني كل من جانبه الى الانسحاب من ائتلافه مع (الخمس نجوم) تمهيدا لتشكيل حكومة يمينية بديلة “انقاذا لايطاليا”.
بيد أن قيام سالفيني بالانسحاب من حكومة كونتي واسقاطها محفوف بمخاطر متشابكة أهمها تحمل مسؤولية العودة الى انتخابات عامة مبكرة غير مأمونة النتائج في وقت تواجه ايطاليا بوادر العودة الى خمول اقتصادي وأزمة مالية بانتظار فجوة في الموازنة ما بين 20 الى 30 مليار يورو (22 الى 33 مليار دولار) واهتزاز ثقة الأسواق.
وتقدر أخر استطلاعات حتى حجبها قبل أسبوعين أن يحصد حزب (الرابطة) نحو 5ر29 في المئة أمام حزب (الخمس نجوم) والذي سيحصل على نسبة 6ر23 في المئة و(الحزب الديمقراطي) على 2ر22 في المئة كما يتوقع ان يحصل حزب (هيا ايطاليا) على 10 في المئة و(أخوان ايطاليا) خمسة في المئة بينما تتوقع ألا تتخطى باقي القوائم عتبة الحد الأدنى.
وكانت الانتخابات التشريعية الأخيرة في مارس 2018 قد أسفرت عن تفوق (الخمس نجوم) بنسبة 6ر32 في المئة يليه (الحزب الديمقراطي) بنسبة 7ر18 في المئة ثم (رابطة الشمال الشعبوي) بنسبة 4ر17 في المئة ومن خلفه حزب (هيا ايطاليا) بنسبة 14 في المئة ثم (أخوان ايطاليا) بنسبة 3ر4 في المئة و(أحرار ومتساوون) اليساري بنسبة 4ر3 في المئة.
وينصب جل اهتمام المراقبين الايطاليين والأوروبيين بما سوف يحصده سالفيني وما اذا كان سيتجاوز سقف 30 في المئة الامر الذي يعتبر مؤشرا ذا مغزى سياسي على مدى اتساع أو انحسار المد “الشعبوي” المتطرف في أوروبا وتداعياته على الاستقرار الحكومي في ايطاليا.