انتخاب الالمانية أورسولا فون دير لاين رئيسة للمفوضية الاوروبية
(كونا) — انتخب البرلمان الأوروبي اليوم الثلاثاء بأغلبية ضئيلة وزيرة الدفاع الألمانية المنتهية ولايتهااورسولا فون دير لاين رئيسة للمفوضية الأوروبية خلفا للوكسمبورغي جان كلود يونكر.
وحصلت فون دير لاين التي ستستقيل غدا من منصبها كوزيرة للدفاع الألمانية على 383 صوتا من مجموع الأصوات البالغ عددها 747 صوتا.
وتعهدت فون دير لاين في خطاب بمقر البرلمان الأوروبي في (ستراسبورغ) ببذل قصارى جهدها على صعيد مواصلة إصلاحات الاتحاد الأوروبي وبتمثيل جميع التكتلات الحزبية الممثلة في المؤسسات الأوروبية المختلفة.
كما قالت انها ستعمل على حل الخلاف المتواصل بشأن سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي مؤكدة على ضرورة خفض الهجرة غير الشرعية وفي الوقت ذاته التصدي لعصابات الاتجار بالبشر وإنقاذ اللاجئين المعرضين للغرق في مياه البحرة المتوسط.
وقدمت في الخطاب الترويجي الذي سبق التصويت ما سمته ب “ميثاق الهجرة” من اجل تقنين الهجرة الشرعية الى أوروبا والتصدي للهجرة غير الشرعية التي تعرض ارواح المهاجرين للخطر.
ودعت فون دير لاين الى المساواة الكاملة بين الجنسين في توزيع مناصب المفوضية مؤكدة انها ستعمل على توزيع متساو لمناصب المفوضية الأوروبية بين الرجال والنساء.
على صعيد القضية التي تشغل الاتحاد الأوروبي منذ أعوام وهي قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) قالت “انها لا تستبعد ارجاء جديدا للخروج البريطاني مشترطة توفر أسباب وجيهة من اجل الاقدام على هذه الخطوة”.
ويأتي تسلم فون دير لاين هذا المنصب رسميا بعد قرابة اسبوعين من اتفاق رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي في قمة استثنائية على تسمية السياسية التي تنتمي لحزب المستشارة الألمانية المسيحي الديمقراطي للمنصب الذي يعد الارفع في الاتحاد الاوروبي.
وقوبلت هذه التسمية بتحفظات من قبل احزاب ألمانية ابرزها الاشتراكي الديمقراطي الذي يتحالف مع حزب فون دير لاين في ائتلاف حكومي موسع وكذلك من تكتل الاشتراكيين في الاتحاد الاوروبي ومن الرأي العام الألماني الذي اعرب شكوكه في صلاحية الوزيرة الألمانية لتسلم المصب.
وعلى الصعيد الحزبي وجه تكتل الاشتراكيين في الاتحاد الاوروبي انتقادات لتسمية الوزيرة الألمانية لهذا المنصب قائلا ان “ذلك يأتي في اطار محاولات دول اوروبيةابرزها هنغاريا لإفشال تعيين الاشتراكي الديمقراطي الهولندي فرانس تيمرمانس في المنصب”.
وقال الاشتراكي الديمقراطي الألماني ونائب رئيس البرلمان الألماني توماس اوبرمان في تصريح ان فون دير لاين “استفادت من تأييد دول تحكمها احزاب يمينية شعبوية مثل هنغاريا والتشيك وسلوفاكيا في اشارة منه الى ان اليمين الشعبوي في اوروبا يدعمها على حساب مرشح التكتل الاشتراكي في البرلمان الاوروبي”.
اما الاشتراكي الديمقراطي وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن فقد قال “الدول التي عارضت التضامن في اوروبا بخصوص قضية اللجوء والتي يحكمها يمينيون شعبويون يقوضون دولة القانون هم من خرجوا فائزين في السباق على منصب المفوضية الاوروبية”.
من جهته توقع نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي رالف شتيغنر في تصريح للاذاعة الألمانية (دويتشلاند فونك) ان يصوت نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان الاوروبي ضد فون دير لاين.
وقال “النواب الاشتراكيون والاشتراكيون الديمقراطيون ليس لديهم اي سبب يدعوهم الى التصويت لصالح فون دير لاين” في دعوة واضحة منه لعدم منح هؤلاء النواب اصواتهم للوزيرة الألمانية.
وتأتي هذه الانتقادات على خلفية انتقادات وجهت لوزيرة الدفاع الألمانية تتهمها بعدم القدرة على ادارة شؤون الجيش الألماني وبإخفاء الحقائق عن البرلمان الألماني حول جاهزية الجيش الألماني للقيام بمهامه.
وكان المجلس الاتحاد الاعلى للمحاسبات قد قال في تقرير عن وضع الجيش الألماني قدمه للبرلمان ان جاهزية الجنود الألمان والمعدات العسكرية اللازمة اسواء مما وصفته تقارير وزارة الدفاع الألمانية الامر الذي اثار ضجة في الاوساط الحزبية والسياسية الألمانية.
كما انتقد المجلس النقص الذي تعاني منه الموارد البشرية في الجيش وعدم جاهزية الجيش الألماني لمواجهة هجمات الكترونية وعمليات قرصنة من اجهزة مخابراتية اجنبية الامر الذي يتطلب وفقا للمجلس تعزيز القدرات الدفاعية الألمانية على هذا الصعيد.
ورغم هذه الانتقادات التي كانت في الاعوام الاخيرة تطفو بين الحين والاخر على السطح الا ان فون دير لاين تعد منذ عام 2005 من اهم الشخصيات السياسية التي تحيط برئيسة الحكومة الألمانية انجيلا ميركل وتحظى بثقتها.
وترافق فون دير لاين انجيلا ميركل منذ فوزها في الانتخابات البرلمانية في عام 2005 وتسلمها رئاسة الحكومة خلفا للمستشار الاشتراكي الديمقراطي غيرهارد شرودر.
وعلى الرغم من ان ظهور فون دير لاين في المعترك السياسي بدأ في عام 2005 الا ان مشوارها السياسي كان قد بدء قبل قرابة عشرين عاما وذلك بعد تخرجها من كلية الطب في جامعة (هانوفر) وسط ألمانيا.
وكانت اورسولا فون دير لاين المولودة في عام 1958 ببروكسل ووالدها رئيس وزراء ولاية (ساكسونيا) السفلى إرنست البريشت ومتزوجة منذ عام 1986 من الطبيب ورجل الأعمال هايكو فون دير لاين.
وبعد إنهاء المدرسة في عام 1977 درست لعام واحد علوم الآثار قبل انتقالها في عام 1978 لدراسة علوم الاقتصاد في مدرسة علوم الاقتصاد والسياسة في لندن.
وفي عام 1980 بدأت بدراسة الطب في جامعة (هانوفر) في وسط ألمانيا وتخرجت في عام 1987 وعملت كمساعدة طبيب قبل كتابة رسالة الدكتوراه في عام 1991.
وانضمت في عام 1990 للحزب المسيحي الديمقراطي وفي عام 2004 انتخبت في المجلس الرئاسي للحزب وذلك بعد عام واحد من تسلمها منصب وزيرة الشؤون العائلية والاجتماعية والمرأة في ولاية (ساكسونيا السفلى).
وفي عام 2005 خاضت فون دير لاين الانتخابات البرلمانية إلى جانب رئيسة الحزب انجيلا ميركل وتمكنت في عام 2005 من تسلم منصب وزيرة العائلة في الحكومة التي شكلتها ميركل مع الاشتراكيين الديمقراطيين ليبدأ بذلك مشوار فون دير لاين في الحكومة الاتحادية.
وفي نتيجة الانتخابات البرلمانية في عام 2009 عادت فون دير لاين لتتسلم منصب وزيرة الشؤون العائلية ولكنها ارتقت في العام ذاته لمنصب وزارة العمل لتبقى في هذا المنصب لغاية عام 2013 وهو العام الذي تسلمت فيه منصب وزيرة الدفاع.
وفي انتخابات عام 2017 تمكنت فون دير لاين من المحافظة على هذا المنصب الذي يعتبر في ألمانيا منصبا طاردا بسبب المشاكل التي يعاني منها الجيش الألماني (بوندسفير).
وفي الثاني من يونيو الماضي فاجأ رئيس المجلس الأوروبي البولندي دونالد توسك بترشيح فون دير لاين لرئاسة المفوضية الأوروبي وذلك بعد فشل رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي في قمتين متتاليتين من الاتفاق على الرئيس الجديد للمفوضية.
وفي اليوم ذاته اتفق رؤساء دول وحكومات الدول ال 27 على تسمية فون دير لاين للمنصب الرفيع الامر الذي وافق عليه البرلمان الأوروبي اليوم في مقره بمدينة (ستراسبورغ) لتحصل وزيرة الدفاع الألمانية على تفويض لقيادة المفوضية الاوروبية في السنوات الخمس المقبلة.