محليات

“الخياش”.. تجارة ازدهرت في الكويت قديماً

(كونا) – فرضت ظروف الحياة في الكويت قديما ممارسة العديد من المهن والأنشطة التجارية لا سيما البسيطة منها بغية تلبية احتياجات الناس آنذاك.

من أنواع التجارة “الغريبة” التي ولدت من حاجة الناس في الماضي تجارة (الخياش) – جمع خيشة – وهي الكيس الكبير المصنوع من (الجوت) – وهو شجر ينمو في المناطق الاستوائية الحارة ويستخرج من ساقه ألياف لحائية – يحاك على شكل خيوط ويستخدم في العديد من الصناعات.

وحول هذا الموضوع قال الباحث في التراث الكويتي محمد جمال في كتابه (الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت) إن (الخياش) كانت تستخدم قديما لتعبئة المواد الغذائية كالأرز والسكر والحبوب وغيرها من المواد مثل الفحم والتبغ وما شابه.

وأضاف جمال أنه كان يطلق على الخياش الفارغة المعدة للبيع مسمى (الباردان) ونظرا إلى توافر كميات ضخمة منها بعد تفريغ وبيع ما بها من مواد أقبل الكثير على الاتجار بها خاصة مع وجود طلب كبير عليها في البلدان والمناطق المجاورة وفي مقدمتها البصرة.

وذكر أن بعض الافراد كانوا يقومون بشراء (الخياش) من محال البقالة وبائعي المواد الاستهلاكية وتجميعها لبيعها إلى صغار التجار أو (الشريطية) كما يطلق عليهم والذين كانوا يصنفونها بدورهم إلى قسمين جديدة وقديمة.

وأشار إلى أنه كان يتم إصلاح القديمة والممزقة على يد (الرفاي) – وهو صاحب مهنة ترقيع وإصلاح الأشياء المعطوبة أو التالفة – ومن ثم بيعها محليا لتعبئتها ببعض المنتجات كالفحم و(الجولان) – وهو نبات يستخدم كعلف للحيوانات.

وأفاد بأن (الخياش) الجديدة كان يتم تجميعها في ربطات يصل عددها الى مئات الربطات ومن ثم بيعها إلى تجار التصدير لشحنها ب(الأبلام) – سفن التجارة – الى البصرة.

ولفت جمال إلى أن النساء أيضا لا سيما اللاتي كن يجلسن في سوق واجف أو سكة الصوف لبيع ما لديهن من بضائع يشترين الخياش الجديدة والمستعملة من الراغبين ببيعها ليقمن بإعادة بيعها على الوسطاء الذين كانوا يترددون على السوق لشراء ما يحصلون عليه من خيش لجمعه وتصنيفه وبيعه على التجار.

وقال إن (المعدان) وهم بدو العراق كانوا يفدون إلى الكويت لشراء حاجتهم ومنها (الخياش) القديمة بعد إصلاحها وترقيعها ليقوموا بتعبئتها ب(الجلة) أي فضلات الجمال التي يبيعونها في المدينة لاستخدامها وقودا للخبازين.

وأضاف أنهم كانوا يستخدمون الخياش لملئها بالبضائع التي يشترونها من المدينة خاصة الشاي الذي كانوا يشترونه معبأ في صناديق خشبية كبيرة يقومون بتفريغها داخل الخياش وتحميلها على ظهور الحمير لنقلها إلى العراق.

وأوضح أن (الخياش) الجديدة كان يتم التداول بها من تجار متخصصين يشترون كميات كبيرة منها لإعادة بيعها إلى تجار التصدير مشيرا إلى أن من أهم الوسطاء أو صغار التجار في هذه المجال قديما هو المرحوم عبدالله الجواهري الذي كان يشتري كميات كبيرة من الخياش لبيعها إلى كبار تجار التصدير وفي مقدمتهم المرحومان الحاج لاري وعلي خاجة اللذان كانا يرسلان كميات ضخمة منها بواسطة الابلام إلى البصرة.

وأكد جمال أن بعض الابلام القادمة من البصرة تشحن في طريق عودتها إلى هناك كميات كبيرة من (الخيش) قدتصل الشحنة الواحدة منها إلى ما يقارب من 30000 إلى 50000 خيشة وقد تصل بعض الكميات المرسلة إلى البصرة ما يوازي حمولة 4 إلى 5 أبلام في الصفقة الواحدة أي حوالي 200000 خيشة أو أكثر.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.