متداولون يلجأون إلى التداول الإلكتروني بعيدا عن أروقة بورصة الكويت
(كونا) – لم يدر في خلد المتداول أبو حمود يوما أن يأتي إلى قاعة بورصة الكويت ولا يشاهد فيه رفيقه المتداول أبو نواف حيث كانا يلتقيان يوميا إذ فضل الأخير استخدام إحدى الوسائل التكنولوجية لإدخال أوامر الشراء مع وسيطه ومتابعته عبر هاتفه الذكي وأصبح وجوده لمتابعة حركة السوق لا تحكمه الضرورة.
وحال هذين المتداولين لم يختلف كثيرا عن حال كثير من المتداولين في بورصة الكويت في الوقت الراهن خلافا لمشهد التداولات قبل عشرة أعوام حين كانت القاعة الرئيسة والقاعات الفرعية هناك تكتظ بمئات المتعاملين من مختلف المراحل العمرية شبابا وشيوخا.
وحينها وصل الأمر بإدارة البورصة إلى البحث عن حلول سريعة لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة فمهدت الطرقات والفراغات الممكنة لديها بكمبيوترات تلبية للمتعاملين الذي ضاقت بهم القاعة الكبرى.
وانسجاما مع التطورات التكنولوجيا الحاصلة في معظم أسواق المال العالمية أجرت بورصة الكويت التحديثات بانتظام على نظام التداولات للتيسير على المتعاملين داخل القاعات وخارجها مما ترك تأثيرا لافتا على وجود العشرات من المتداولين لتخلو القاعات من هؤلاء بسبب استخدام تكنولوجيا التعاملات (أون لاين).
وعن الفروقات الحاصلة بين المشهدين في قاعة التداول قبل أعوام مضت وما يحدث حاليا قال المتداول بدر الشيخ لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن التداول (أون لاين) “سهل كثيرا على المتداولين أمثالي”.
وأضاف الشيخ “لدي محفظة صغيرة أتعامل بها من خلال استخدام التكنولوجيا وليس بالضرورة أن أذهب يوميا إلى البورصة لمتابعة الحركة كما كان الحال منذ أعوام مضت فقد وفرت شبكة الإنترنت الكثير من الوقت والجهد خلافا لما كان يتم سابقا.
وأوضح أن العشرات من الموجودين الآن في السوق هم من المتقاعدين “وأعتقد أنه مع مرور فترة سيكون الأمر أقل بكثير حتى تختفي هذه النمطية في الحضور للقاعة ومن الممكن أن يتم منع الدخول إليها أسوة بما يتبعه العديد من الأسواق المالية العالمية ويكون الأمر مقتصرا على الخدمة (أون لاين)”.
من جانبه قال المتداول محمد الطراح إن بورصة الكويت قبل عام 2008 كانت تشهد ازدحاما كبيرا من المتعاملين لكن توافر وسائل التكنولوجيا خفف كثيرا من الأعباء التي كانت تقع على كاهل العديد من المتعاملين لاسيما الصغار منهم وبات بمقدور أي من هؤلاء متابعة (حلاله) عبر جهاز كمبيوتر في منزله أو مكان عمله أو حتى وهو يتنزه.
وأضاف الطراح أن الطفرة التكنولوجية التي تشهدها الكويت حاليا مع ولوج الشركات المشغلة للانترنت بتقنية ال (G 5) سيزيدان من سهولة ويسر التداولات لكن هذا الأمر يحتم على المتعاملين مع أنظمة التداول في بورصة الكويت سرعة مواءمة النظام مع هذا التطور الرهيب لمزيد من السهولة على المتعاملين في ادخال الأوامر.
ورغم التطور التكنولوجي الذي بات سمة أساسية في تعاملات معظم المتعاملين مع البورصة فإن هناك العشرات من هؤلاء ما زالوا متمسكين بالحضور اليومي في القاعة الرئيسية وجل هؤلاء لديه وله كبير بالاستمتاع بطقوس اعتاد عليها منذ سنوات مضت ولا رغبة لديه لتغييرها أو لعدم قدرة البعض على التعامل مع وسائل التكنولوجيا الجديدة.
إلى ذلك وإمعانا بأهمية إفساح المجال للعنصر النسائي خصصت إدارة البورصة قاعة لهن لإضفاء نوع من الخصوصية وبادرت بتجهيزها على أعلى مستوى من التكنولوجيا لكن مع ذلك شملت هجرة أروقة البورصة القاعة النسائية التي تم افتتاحها وتجهيزها بأحدث وسائل التقنية والمعلومات لمساعدة المتداولات على اتخاذ القرار السليم في تداولاتهن.
في المقابل وبعد نجاح خصخصة بورصة الكويت الذي تم في فبراير 2019 تتويجا لكل المجهودات التي بذلتها خلال الفترة الماضية من المتوقع أن تعزز هذه الخطوة موقع الدولة كمركز مالي إقليمي بالتوازي مع رؤية (كويت جديدة 2035) مما سوف يساهم الى حد كبير في تعزيز وضعية التعاملات عن بعد باستخدام تلك التكنولوجيا المتطورة.
ووضعت شركة البورصة خطة استراتيجية واضحة لضمان عملية تحول سلسة من خلال وضع أنظمة وعمليات جديدة في المكان إذ تهدف إلى خلق سوق إقليمي تنافسي يعتمد على أفضل المعايير العالمية مع التركيز على العمليات التشغيلية اليومية وإدخال منتجات وأدوات جديدة للسوق.
كما تهدف البورصة إلى فتح المجال أمام الجهات المصدرة للأوراق المالية بشكل فعال للتواصل مع رؤوس الأموال والمستثمرين بما يتيح الفرصة لتفعيل فرص حقيقية متنوعة للعائد على الاستثمار مما يساعد على خلق سوق مالي متطور ورائد على المستوى الإقليمي متسلحا بالتقنيات التكنولوجية.
وبما أن بورصة الكويت تأخذ أمن المعلومات على محمل الجد وكجزء من جهودها الرامية إلى ضمان الأمن للعملاء سمحت لمستعرضات (ويب) تعتمد التشفير القوي للاتصال بالخوادم الخاصة بها.
وكانت بورصة الكويت قد حصلت على (نظام الأمن السيبراني) لإدارة الأصول لتطوير بنية تحتية آمنة ومرنة لتكنولوجيا المعلومات لديها بما يسمح ببناء نظام أكثر قوة وقادر على اكتشاف المخاطر وتحمل الهجمات الإلكترونية.
وحصلت البورصة على نظام التشغيل الأساسي الجديد في أبريل 2016 واستمرت في تطوير وتحسين البنية التحتية بما يتوافق والتغيرات التي تجريها البورصة لأنها إحدى البورصات التي تحظى باهتمام البورصات العالمية.
وكانت رحلة التحول التكنولوجي لبورصة الكويت قد بدأت بتغيير البنية التحتية لسوق الأسهم بشكل كامل والعمل على تحسين أمن المعلومات وصولا إلى بنية تحتية آمنة موثوقة ويمكن البناء عليها.
وتركز بورصة الكويت وفقا لاستراتيجية تعتمد على تطوير وضع السوق الكلي بما يتفق مع المعايير الدولية فضلا عن توفير الأدوات الاستثمارية وإعادة الهيكلة لرفع قدرته التنافسية وزيادة السيولة وتعزيز الشفافية والإدارة وتدعيم ثقة المستثمرين وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.