السودانيون يوقعون على “الإعلان الدستوري” من أجل الانتقال إلى الحكم المدني
وكالات.. وقع المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى (الحرية والتغيير) في السودان اليوم السبت وثائق المرحلة الانتقالية بالدولة بحضور إقليمي ودولي.
ووقع الوثائق كل من نائب رئيس المجلس العسكري السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي) والقيادي في قوى (الحرية والتغيير) أحمد ربيع خلال مراسم جرى بثها تلفزيونيا على الهواء مباشرة.
كما شهد على التوقيع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.
وكان المجلس العسكري الانتقالي وقوى (الحرية والتغيير) وقعا في الرابع من أغسطس الجاري بالأحرف الاولى وثيقة الاعلان الدستوري الذي يمهد الطريق لتشكيل حكومة انتقالية في السودان.
وقد أنهى الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 4 أغسطس ما يقرب من ثمانية أشهر من الاضطرابات التي بدأت بمظاهرات حاشدة ضد الرئيس عمر البشير الذي أطاح به الجيش في أبريل بعد 30 سنة من التربع على كرسي الحكم.
والاتفاق الذي توسط فيه كل من الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا قوبل بارتياح من كلا الجانبين، إذ رأى فيه المتظاهرون انتصارا لـ”ثورتهم” بينما رأى فيه الجنرالات تكريسا لفضلهم في تجنيب البلاد حربا أهلية.
وفي مدينة عطبرة، مهد الاحتجاجات التي اندلعت في ديسمبر 2018، رقص الناس وغنوا في محطة القطار الجمعة بينما كانوا يستعدّون لركوب القطار باتجاه الخرطوم للمشاركة في احتفال السبت. وهتف المحتفلون “مدنية، مدنية”، متعهّدين الانتقام للقتلى الذين سقطوا خلال الاحتجاجات. ومع التوقيع الرسمي على الاتفاق السبت، سيبدأ السودان عملية تشمل خطوات أولى فورية مهمة.
مؤسّسات جديدة
وغداة توقيع الاتفاق سيتم الأحد الإعلان عن تشكيلة مجلس الحكم الانتقالي الجديد الذي سيشكل المدنيون غالبية أعضائه.
وكان قادة الحركة الاحتجاجية قد أعلنوا الخميس أنهم اتفقوا على تعيين المسؤول السابق في الأمم المتحدة عبد الله حمدوك، وهو خبير اقتصادي مخضرم، رئيسا للوزراء. ومن المتوقع أن يركز حمدوك جهوده على إصلاح الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أزمة منذ انفصال الجنوب الغني بالنفط في 2011 عن الشمال، والذي شكل شرارة الاحتجاجات ضد حكم البشير.
لكن العديد من السودانيين يشككون في قدرة المؤسسات الانتقالية على كبح جماح قوى النخبة العسكرية خلال فترة السنوات الثلاث التي ستسبق الانتخابات.
وسيحكم البلد الذي يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة مجلس سيادة سيتألف من 11 عضوا غالبيتهم من المدنيين، بحسب الاتفاق الذي ينص على أن وزيري الداخلية والدفاع سيعينان من قبل المجلس العسكري.
وقالت روزاليند مارسدن من مركز تشاتام هاوس في لندن إن “الديناميات السياسية ستهم أكثر من قصاصات ورق”. وتابعت أن “التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة هو تفكيك الدولة الإسلامية العميقة … التي سيطرت على جميع مؤسسات الدولة والقطاعات الرئيسية في الاقتصاد، بما في ذلك مئات الشركات المملوكة للجهاز الأمني-العسكري”.
نهاية العزلة؟
ويحضر الحفل الرسمي السبت رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد وعدد من كبار القادة من المنطقة.
وأحد أكثر العواقب الدبلوماسية الفورية للحل الوسط الذي تم التوصل إليه هذا الشهر هو رفع تعليق العضوية الذي فرضه الاتحاد الأفريقي على السودان في حزيران/يونيو. وقال اللواء الركن محمد علي إبراهيم، العضو البارز في المجلس العسكري الانتقالي، الجمعة إن التوقيع الرسمي “سيفتح الباب مجدداً أمام العلاقات الخارجية للسودان”.
ومن المقرر أن يمثل البشير، الذي تولى السلطة إثر انقلاب في 1989 والمطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بجرائم حرب أبرزها ارتكاب إبادة جماعية في منطقة دارفور، أمام المحكمة يوم السبت بتهم فساد. غير أن محاكمته لا تنفك تؤجل مرة تلو الأخرى.
وحذرت منظمة العفو الدولية الجمعة من السماح للبشير بالهروب من المحاكمة في لاهاي.
وقالت في بيان “يجب على السلطات السودانية تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية للرد على تهم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. لقد تهرب عمر البشير من العدالة لمدة طويلة جدا، علماً بأن ضحايا الجرائم البشعة لا يزالون ينتظرون تحقيق العدالة، وتلقي التعويضات، بعد أكثر من عقد منذ إصدار المحكمة الجنائية الدولية أول مذكرة لاعتقاله”.
ويشكك البعض في معسكر الاحتجاج في قدرة الاتفاق على الحد من سلطات الجيش وضمان العدالة لنحو 250 متظاهرا قتلوا على أيدي قوات الأمن.
وتغيب عن حفل السبت أيضا مختلف الجماعات المعارضة المسلحة في المناطق المهمّشة مثل دارفور والنيل الأزرق وكردفان.
وكانت الجبهة الثورية السودانية التي توحد هذه الحركات تحت رايتها قد دعمت الحركة الاحتجاجية لكنها رفضت الإعلان الدستوري وطالبت بتمثيل في الحكومة وبمزيد من الضمانات في محادثات السلام.