نازحون عراقيون متهمون بصلات مع الجهاديين في مواجهة رفض مجتمعاتهم
«ا.ف.ب»: تلاحقهم تهمة الارتباط بتنظيم الدولة الإسلامية.. النازحون من أفراد عائلات التنظيم المتطرف مرفوضون في مجتمعاتهم في العراق، أو محتجزون في المخيمات، وباتوا يشكلون عبئا ثقيلا يذكر بصفحة من الحرب تسعى السلطات الى طيها.
في مدينة سامراء بشمال بغداد، يقول الشيخ عدنان البازي وهو أحد شيوخ العشائر، «لا مجال لعائلات تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية بالعودة إلى مناطقها الأصلية».
يضيف هذا الشيخ الذي يرتدي زيا عربيا تقليديا أن «العشائر وعائلات الجرحى والشهداء، والذين فروا من منازلهم لا يقبلون بعودة أسر تنظيم الدولة الإسلامية الذين تلطخت أيدي أبنائهم بدماء العراقيين».
يعتبر هذا الزعيم العشائري الذي فقد شقيقه وعمه وإبن عمه وتم تفجير منزله مرتين، أن تهديد الجهاديين لم ينته.
ويرى الشيخ البازي أنه مع استمرار خلايا نائمة في شن هجمات من المناطق الصحراوية المحيطة بسامراء، فان «إعادة توطين أسر الجهاديين باتت أمرا في غاية الخطورة».
وقال متسائلا «لا يزال هناك إرهابيون يهاجمون الدوريات العسكرية، فيكف يمكن إعادة عائلاتهم».
واختارت بعض العشائر في المناطق السنية خلال الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الاسلامية في عام 2014 الوقوف معهم، فيما عمدت عشائر أخرى إلى الوقوف مع الحكومة.
وقررت السلطات العراقية التي لا تزال تستضيف 1,6 مليون نازح غلق ملف النزوح.
نقلت خلال الاسبوعين الماضيين نحو ألفين من نينوى عاصمة الجهاديين السابقة إلى محافظاتهم الأصلية في كركوك وصلاح الدين والانبار الواقعة في وسط وغرب البلاد.
- قنابل وتظاهرات-
تعرض مخيم بساتين الشيوخ الواقع في قضاء الشرقاط في صلاح الدين في الساعات الأولى من يوم 1 أيلول/سبتمبر، الى هجوم بثلاث قنابل يدوية من خارج محيطه لم تسفر عن أضرار.
كما شن مسلحون فجر الاحد هجوما في المخيم ذاته، وأطلقوا النار ما أسفر عن إصابة اثنين من عناصر الشرطة.
كما جرت تظاهرات رافضة لعودتهم من قبل السكان في تكريت، كبرى مدن صلاح الدين قبل تفريقهم من قبل الشرطة.
وقد طالب زعماء العشائر من محافظ صلاح الدين إغلاق معسكر الشهامة الذي يضم عائلات متهمة بالانتماء الى تنظيم الدولة الإسلامية.
ووفقاً للخبير الامني هشام الهاشمي فان العدد الكلي لعائلات داعش في مخيمات النزوح يبلغ نحو 92،728 عائلة بمعدل 371 ألف نسمة، منهم نحو 118 ألف نسمة «يمكن تصنيفهم بأنهم لا يمكن دمجهم ولا يمكن عودتهم الى مساكنهم بسبب رفض الأسر المحلية والعشائر».
وأوضح الهاشمي «لا توجد حلول ممكنة من حيث إدماج هذه العائلات بعد تدقيق سلامة موقفها الأمني والفكري»، مضيفا أن «الثأر العشائري لا أحد يستطيع ردعه وليس بمقدور الحكومة تكليف شرطي أمام باب كل عائلة ليحميها».
في قضية أخرى الشهر الماضي، حاولت السلطات نقل العائلات من مخيم نينوى إلى مسقط رأسهم في حديثة في محافظة الأنبار الغربية.
ووفقا للباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش بلقيس ويلي فانه «بمجرد وصولهم، كان من الواضح أن الأسر كانت عرضة لخطر القتل، لذا اقتادتهم الشرطة إلى مدرسة تبعد ثلاثة كيلومترات» مضيفة «وحتى هناك، ألقيت عليهم قنبلة».
-»لا نرغب بكم»-
وحثت هيومن رايتس ووتش السلطات على السماح للعراقيين النازحين باتخاذ قراراتهم بشأن العودة إلى ديارهم وعدم القيام ب»معاقبة جماعية» للعائلات المتهمة بارتباطها بتنظيم الدولة الإسلامية.
وقال ويلي «لقد وضع النظام هذه الأسر في عملية تطهير تمنعهم من العودة إلى منازلهم وتسجنهم في المعسكرات، وتجبرهم على تحمل ظروف قاسية تنذر بمستقبل قاتم لأطفالهم».
وفي الوقت الذي لا ترغب بعض العائلات بالعودة الى مناطقها الأصلية، هناك عائلات تحلم بالعودة مثل أم حيدر (41 عاما) التي غادرت مسقط رأسها في مدينة الإسحاقي بجنوب سامراء عام 2015 ، هربًا من داعش التي اختطفت زوجها.
وتقول هذه السيدة لوكالة فرانس برس «لقد بحثت قوات الأمن ما اذا كانت اسماؤنا موجودة على أجهزة الحاسوب ضمن المطلوبين بالإرهاب، لكنها لم تعثر على ذلك».
وتضيف هذه السيدة بينما تعمل في مطبخ صغير لتحضير الطعام لأطفالها الأربعة «لكن عندما نقول نريد العودة إلى الديار يقال لنا، انتم دواعش ولا نرغب بكم».
وبينما يتجول حولها صغارها غير القادرين على الخروج أو الذهاب الى المدرسة، تقول «لا يمكنني تسجيلهم في المدرسة أو القيام بأي عمل إداري، في كل مرة يقال لي +انتم نازحون+».