اقتصاد

محافظ المركزي : 3 تحديات تواجه القطاع المصرفي عالمياً

(كونا) قال محافظ بنك الكويت المركزي، إن الصناعة المصرفية تواجه 3 تحديات بالوقت الراهن تتضمن أوضاع الاقتصاد العالمي وثورة التقنيات المالية والتغيرات المتسارعة في توقعات العملاء واحتياجاتهم.

وأضاف محمد يوسف الهاشل خلال كلمته بالمؤتمر “المصرفي العالمي: صياغة المستقبل”، أن واقع الاقتصاد العالمي تكشف لنا حجم التحديات، إذ خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لعام 2019 مرتين، ليبلغ 3.2 بالمائة، فيما يتوقع للاقتصادات المتقدمة نمواً يبلغ بالكاد 1.9 بالمائة.

ومن أبرز معوقات النمو، ضبابية آفاق الاقتصاد العالمي بسبب النزاعات التجارية والسياسات الحمائية، وإن استمرت هذه التوترات فقد يعيد صندوق النقد الدولي خفض توقعات النمو تارة أخرى، بحسب الهاشل.

وتابع محافظ المركزي: “تشير تقديرات بنك إنجلترا إلى أن زيادة 10 بالمائة على التعرفة الجمركية بين الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها التجاريين ستخفض الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 2.5 بالمائة وسوف تخفض الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 1 بالمائة بعد استبعاد الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية”.

وأضاف أن غموض السياسات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين قد بلغ مستوى غير مسبوق وأن آثار ذلك من انخفاض الاستثمار وتراجع الاستهلاك باتت بادية للعيان.

وأشار إلى أبرز مؤشرات الأسواق العالمية تشير إلى انخفاض معدله 7 بالمائة في منتصف أغسطس (آب) مقارنة بالشهر السابق.

وحول دور السياسات النقدية، يرى الهاشل أنها من العناصر المؤثرة في مستقبل أوضاع الاقتصاد العالمي، لاسيما وأن النمو الاقتصادي طيلة العقد الماضي كان مدفوعاً بجملة من السياسات النقدية غير التقليدية، قادت جهود انتشال الأسواق من الأزمة المالية العالمية بتوفير السيولة وبيئة اقتراض منخفض الكلفة.

وزاد: “أن ثمن ذلك لم يكن زهيداً على الإطلاق، فقد سمحت معدلات الفوائد المنخفضة للدين العالمي بأن يحلق فوق مستوى 246 تريليون دولار، أي ما يقارب 320 بالمائة من الناتج الإجمالي العالمي”.

وأشار إلى ديون القطاع العائلي تزداد تدريجياً بمعدل 3 بالمائة سنوياً، وكانت الديون الحكومية وديون المؤسسات المالية والشركات تقفز إلى ارتفاعات جديدة.

وتضاعف الدين الحكومي منذ عام 2008 من 32 تريليون إلى 67 تريليون دولار، حيث أفرطت حكومات الدول – المتقدمة على وجه التحديد – في الاقتراض خلال السنوات القليلة الماضية،  وفق “الهاشل”.

وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي، تتجاوز الديون الحكومية في اليابان واليونان وإيطاليا والبرتغال وبلجيكا وفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة الناتج المحلي الإجمالي لكل منها.

ونوه بأن امتداد أسعار الفائدة المنخفضة أتاح للشركات حول العالم أن تقترض بكلفة رخيصة لفترة طويلة، حتى زادت ديون الشركات حول العالم خلال العشرة سنوات الماضية على الضعف (بما فيها القروض والسندات) لترتفع من 37 تريليون إلى 73 تريليون دولار، متخطية بذلك الديون الحكومية.

أما التحدي الثاني أمام القطاع المصرفي العالمي، قال الهاشل، إنه يكمن في مواجهة أثر التقدم التقني الهائل على الصناعة المصرفية.

وأشار إلى أن التقنيات المالية الحديثة تتطور بسرعة هائلة، ويتلقفها الجميع بذات السرعة، بيد أنها في تطورها تغير وجه الاقتصاد وتعيد صياغة عديد من الصناعات التقليدية.

وكشف أنها تغير نظم الدفع الإلكتروني، وتطبيقات الهواتف الذكية، وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي وتقنيات سلسلة البيانات طرق عمل البنوك وتفاعلها مع عملائها.

ولفت إلى أن شركات التقنيات المالية قد بدأت بالفعل تحل محل عديد من مؤسسات الوساطة المالية.

وبحسب شركة ماكينزي فإن خمسة من مجالات العمل المصرفي الرئيسية هي الأكثر عرضة لهذا التحول وهي: تمويل الأفراد الاستهلاكي، والرهن العقاري، وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والمدفوعات، وإدارة الثروات.

وذكر الهاشل خلال كلمته، أن ذلك يهدد 40 بالمائة من عوائد البنوك بحلول عام 2025 ، لأن شركات التقنيات المالية الحديثة تقدم خدمات أعلى كفاءة وأوفر كلفة، فعلى سبيل المثال تقل فوائد القروض التي تمنحها بعض تلك الشركات بمقدار 400 نقطة أساس عن نظيراتها التقليدية.

وتابع: “تقدم لنا أنظمة السداد مثالًا آخر على كفاءة التقنيات المالية، إذ تختصر وقت كثير من العمليات من 5 أيام إلى أقل من 5 ثوان، وتخفض الكلفة إلى دون العشر”.

وبين محافظ المركزي الكويتي أن البنوك تحاول الحفاظ على موقعها المتقدم في المنافسة بالتعاون مع شركات التقنيات المالية الحديثة حيناً والاستحواذ عليها حيناً آخر.

ووفق تقرير حديث من PWC ، عقد أكثر من 54 بالمائة من البنوك المستطلعة شراكات مع شركات التقنيات المالية وتتوقع 82 بالمائة منها أن تزيد شراكاتها في السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة.

وحسب كلمة المحافظ، “ما يقلق البنوك ليس شركات التقنيات المالية الحديثة بل منافسة عمالقة التقنية مثل: فيسبوك وأبل وأمازون وفودافون وعلي بابا، حيث شرعت هذه الشركات في منافسة البنوك على تقديم الخدمات المالية”.

وتستفيد الكيانات العملاقة من قاعدة عملاء كبيرة وتكاليف متدنية للاستحواذ عبر الإنترنت، وفهم أفضل لعملائها بفضل تحليل كم هائل من بياناتهم. وهي فوق ذلك لا تتكبد التكاليف التي تثقل البنوك، ولا تخضع للرقابة.

وحول التحدي الثالث أمام المصارف، ذكر الهاشل أنه يكمن في التحول الكبير في توقعات العملاء واحتياجاتهم، فعملاء المصارف اليوم على ثقافة رقمية عالية، ويتوقعون الحصول على الخدمات المالية إن أرادوا.

وقال إنه يقد ر أن يكون هؤلاء عما قريب أكبر شريحة من عملاء البنوك، فعلى سبيل المثال تبلغ في الكويت نسبة من هم أصغر سناً 58 بالمائة من إجمالي السكان، ولا شك أن لهم سلوكهم الخاص وسماتهم المغايرة لسمات الأجيال السابقة.

وأفاد بأن 57 بالمائة من أبناء جيل الألفية يبدي استعدادهم للتحول من البنوك إلى منصات مالية رقمية، بيد أنها ليست سمة مقصورة على هذا الجيل.

وفي عام 2018 كان 72 بالمائة من التواصل ما بين البنوك والعملاء عبر القنوات الرقمية، ووجد أن 82 بالمائة من العملاء يلجؤون أولاً إلى الإنترنت عند رغبتهم في الحصول على خدمة أو منتج جديد.

ولذلك على البنوك أن تولي وجهها شطر العالم الرقمي، وعليها أن تعتبر من الدروس التي تلقتها صناعات أخرى مرت بهذه التحولات، مثل صناعة الهواتف المتنقلة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.