إلقاء النفايات البلاستيكية.. سلوك بيئي مدمر يتطلب وقفة جادة
«كونا» – تظل البيئة وشؤونها من القضايا التي تؤرق جميع دول العالم وتحظى بقدر كبير من اهتمامها بهدف المحافظة على البيئة وتنميتها والتصدي لكل أشكال التلوث البيئي بمختلف درجاته لاسيما البلاستيكي.
فالتلوث البلاستيكي من أشد المخاطر التي تهدد صحة الإنسان وصحة ونمو أجيالنا القادمة وسلامة بيئتنا بعدما وصل إلى مستوى يتطلب وقفة جادة وتكاتف الجميع لإيجاد حلول فعالة وآمنة للتخلص من النفايات البلاستيكية.
وعلى الرغم من الضرر الذي يسببه التلوث البلاستيكي على الصحة العامة فإن الخطط والبرامج للحد من خطره لم ترتق حتى الآن إلى مستوى خطورة تلك المشكلة التي تتفاقم يوما بعد آخر جراء التطور الصناعي والتكنولوجي إلى جانب غياب الوعي المجتمعي.
وهنا تدعو الحاجة إلى وضع استراتيجيات وطنية بمشاركة عدة جهات وتفعيل دور الرقيب وتغليظ العقوبة على المخالفين لإنهاء السلوك البيئي المدمر المتمثل في إلقاء النفايات وتحديدا أكياس البلاستيك في المناطق الرعوية والبرية والبحرية وتسببه في نفوق الماشية وتهديد الحياة البحرية وكذلك حياة الإنسان.
وبرزت مشكلة التلوث البلاستيكي إلى السطح بعد أن بدأ المستهلك بشراء الأواني ذات الاستخدام الواحد والألعاب وكذلك الأكياس البلاستيكية التي يتم التخلص منها في سلة المهملات لترمى كلها في مكب النفايات وينتهي المطاف بجزء كبير منها إلى المحيطات مسببة أضرارا وخيمة.
ففي البيئة البحرية تهدد النفايات البلاستيكية السلاحف والأسماك والطيور البحرية بعدما ثبت تناول العديد منها جزيئات البلاستيك الدقيقة مما أدى إلى نفوق الكثير منها وتلوث المياه.
ولم يقتصر تهديد التلوث البلاستيكي على البحر بل شمل كذلك البيئة البرية بعدما تعرضت النباتات لخطر المواد السامة جراء تحلل البلاستيك في التربة وترسب مواد كيماوية سامة فيها وصل خطرها إلى الحيوانات التي تتغذى على تلك النباتات وكذلك إلى المياه الجوفية والأنهار.
وأيضا الإنسان بدوره لم يسلم من مخاطر البلاستيك بل هو معرض للخطر فالسموم الناتجة عن البلاستيك تؤثر سلبا على مناعته وتجعله معرضا للاصابة بالكثير من الأمراض وصولا إلى السرطان.
في السياق اتفق متخصصان مهتمان بالبيئة في تصريحين متفرقين لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأحد على ضرورة أن تتحرك جميع الجهات لدرء خطر التلوث البلاستيكي واعتبرا أن ما يتم تنفيذه حاليا من برامج وأعمال لا يتناسب مع حجم المشكلة وخطرها.
وأكدا أن أزمة بهذا الحجم تتطلب تحركا جادا لتغيير السلوك الاستهلاكي للأفراد نحو استخدام مواد صديقة للبيئة وتقليل النفايات البلاستيكية واستبدالها بمواد آمنة.
وأشادا بالحملة التي دشنها مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية التابع لمعهد الكويت للأبحاث العلمية في التاسع من سبتمبر الماضي للتوعية والحد من استهلاك البلاستيك في المجتمع وذلك تحت شعار (يومي بدون بلاستيك).
وقال مدير برنامج التلوث البيئي والمناخي في معهد الأبحاث الكويتي الدكتور سلطان السالم ل(كونا) إن هذه الحملة تهدف إلى نشر التوعية والثقافة العامة في المجتمع عبر تنظيم عدد من المحاضرات التوعوية ونشر مقاطع مصورة تبرز مخاطر البلاستيك والبدائل المتوفرة وكيفية التخلص من النفايات البلاستيكية الصلبة بشكل أمثل.
وأضاف السالم أنه سيتم التطرق في هذه المحاضرات الى أهم الدراسات التي أعدها معهد الأبحاث للحد من التلوث البلاستيكي وإدارة النفايات البلاستيكية الصلبة ودراسة التحلل البيولوجي والبلاستيك القابل للتحلل الحيوي تحت الظروف البيئية الكويتية.
وأوضح أن المعهد يعمل حاليا على إيجاد تركيبة للتحليل البيولوجي للنفايات البلاستيكية الصلبة تكون ملائمة للأجواء البيئية في الكويت لاسيما أن المناخ في الكويت صحراوي حار يحتاج الى مواد مناسبة له.
وذكر أن من أهم أهداف هذه الحملة التعريف بمضار بعض المواد البلاستيكية التي تؤثر سلبا على البيئة إذا ما تم استخدامها بشكل خاطئ مثل البيئة البرية أو تفتت النفايات البلاستيكية الصلبة كشظايا بلاستيكية دقيقة في البيئة البحرية أو المعالجة الخاطئة للبلاستيك الذي يؤدي إلى تلوث الهواء والضرر عموما بالصحة العامة.
وبين أن المعهد يركز عمله حاليا على الدراسات والأبحاث المتعلقة بإعادة تدوير المواد البلاستيكية وإنتاج الوقود والغازات الخفيفة باستخدام تقنيات جديدة أهمها تقنية تحلل الكيمياء الحراري الذي ينتج عنه الوقود مثل الديزل والغازات الخفيفة ليتم الاستفادة من المواد البلاستيكية وتقليل أخطارها بشكل أمثل.
من جهته شدد الناشط البيئي الدكتور خالد العنزي على ضرورة تخفيض نسبة إنتاج البلاستيك لتخفيف الضغط على البيئة لاسيما من المخلفات البلاستيكية التي تعتبر من أخطر المشاكل البيئية التي تهدد الحياة البرية وحتى حياة البشر.
وقال العنزي ل(كونا) إن هناك جهودا دولية لمكافحة مخلفات البلاستيك التي ينتهي بها المطاف في المحيطات حول العالم وبنسب وبائية مرعبة.
ودعا الجهات المعنية في الدولة إلى زيادة الوعي العام في المجتمع بمخاطر التلوث الناتج عن مخلفات البلاستيك على الحياة البحرية والبرية وصحة الانسان.
وبين أن عددا من دول العالم شرعت في اتخاذ إجراءات قانونية وتنفيذية للحد من مخلفات البلاستيك لاسيما المنتجات ذات الاستعمال الواحد التي تشمل الشفاطات والزجاجات وأدوات الموائد والأكواب والأكياس. وللاشارة ينتج العالم أكثر من 300 مليون طن سنويا من المخلفات البلاستيكية ويذهب 13 مليون طن منها في المحيطات والبحار فتلحق أضرارا بالغة بالبيئة البحرية وكائناتها وتضر باقتصادات الدول وصحة الإنسان.
وتنتج الكويت كمية من النفايات البلاستيكية تقدر بنحو 18 في المئة من إجمالي النفايات الصلبة أي نحو 200 ألف طن سنويا مما يتطلب حلولا فعالة ومبتكرة وآمنة وعلى رأسها تدوير النفايات ضمن أسلوب مخطط له بعناية لاستيعاب ملايين الأطنان دون ضرر على صحة الإنسان والبيئة.