يوم الأغذية العالمي.. ناقوس تنبيه للتخلص من “الجوع والتخمة”
(كونا)- أصبح الاحتفال بيوم الاغذية العالمي كل عام في ذكرى تأسيس منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) بمنزلة ناقوس تنبيه يسلط الاضواء على مسيرة المجتمع الدولي لتخليص البشرية من الجوع والتخمة والتعبئة لتحقيق التزامه بأهداف التنمية المستدامة.
ويأتي الاحتفال بهذا الذكرى في ال16 من اكتوبر من كل عام في قلب الاجتماع السنوي العام للجنة الامن الغذائي التي انشئت تحت قيادة (فاو) قبل 46 عاما ترجمة لإدراك المجتمع الدولي الاهمية الحاسمة والحيوية لما اصبح يعرف بالامن الغذائي ببعده الانساني للافراد والاسر وببعده الاعم بالنسبة لمترابطة التنمية والاستقرار والسلم الاجتماعي والعالمي.
وعلى مدى العقود المنصرمة وتحت وطأة الازمات والكوارث التي هزت ضمير الانسانية وزعزعت استقرار مجتمعات ودول بأسرها عقد المجتمع الدولي ممثلا في منظماته الدولية المتعددة الاطراف ومنظمات المجتمع الدولي العزم على مواجهة قضية الامن الغذائي كقضية جوهرية بالنسبة لمستقبل البشرية يدور محورها حول تقليص الجوع وصولا للتخلص منه.
وفي خضم الجهود والنقاش والجدل السياسي والبحث العلمي تبلورت الارادة الدولية في مؤتمر روما لعام 2006 في تبنى اجندة تقليص اعداد الذين يعانون الجوع الى النصف بحلول 2015 والتي حققت نجاحا مشجعا سبقت اليه مجموعة من الدول بينها الكويت ما عزز الوعي بأن بوسع العالم التخلص من الجوع كنتيجة للتنمية المستدامة وعامل رئيس في تحقيقها.
وتجلت في هذا السياق العديد من الحقائق الحاسمة والمترابطة بشدة اولها ان العالم ينتج ما يكفي ويزيد من الغذاء لتوفير طعام صحي لكل سكانه في الحاضر وان موارده تتعرض لمخاطر كبيرة لكنها كافية لتلبية طلب النمو السكاني وان مشكلة سوء التغذية من ناحية والسمنة وجه آخر لمسألة القضاء على الجوع بشكل نهائي ودائم.
كما اتفقت الجهات المتخصصة المعنية التي تقودها في اطار الامم المتحدة منظمة (فاو) مع برنامج الاغذية العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) وكذلك منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والحكومات والمنظمات الاهلية على ان سوء ادارة الموارد والهدر الغذائي الهائل والتغير المناخي والصراعات المسلحة الطويلة والدائمة اسباب رئيسة لهذه الظاهرة.
وجاء هدف التخلص من الجوع وسوء التغذية ضمن القضاء على الفقر بجميع صوره وابعاده في ثاني اهداف (اجندة 2030) من بين 17 هدفا للتنمية المستدامة والذي تبناه مؤتمر الغذاء العالمي في روما عام 2016 باعتباره أكبر تحد يواجه العالم وشرطا لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة.
ونبه رؤساء منظمات الامم المتحدة المعنية في انطلاق اجتماعات لجنة الامن الغذائي في مقر (فاو) أمس الاثنين الى تقهقر الجهود الدولية في التقدم نحو اهداف (اجندة 2030) للعام الثاني على التوالي مع زيادة اعداد من يعانون الجوع بمقدار 20 مليونا الى 820 مليون شخص حول العالم.
وفي هذا الصدد قال مدير عام (فاو) تشو دينغو ان تقرير المنظمة السنوي كشف عن ان انعدام الامن الغذائي أخطر تهديد يواجه البشرية وان حوالي ملياري انسان يعانون من عدم الحصول على القدر الكافي والصحي من الغذاء.
من جانبه أكد المدير التنفيذي لبرنامج الاغذية العالمي ديفيد ويسلي ان القضاء على الجوع أصبح القاسم المشترك للدول والمجتمع الدولي مشددا على ضرورة معالجة اسباب التراجع المتمثلة في الاعاصير والتقلبات المناخية والصراعات المتصلة معتبرا انهاء الصراعات وتقليص حجم الغذاء المهدر البالغ 3ر1 مليار طن سنويا وتعزيز دور المرأة كفيل باعادة التقدم في استئصال الجوع والفقر.
ووفق بيانات (فاو) زاد عدد من يعانون الجوع الى 820 مليون شخص فيما يعاني من التقزم 149 مليون طفل دون الخامسة وأن 49 مليون شخص مصابون بالهزال.
وفي المقابل يعاني من السمنة المفرطة اكثر من 672 مليون شخص بالغ واكثر من 120 مليون صبي وصبية فيما يعاني من زيادة الوزن 40 مليون طفل دون الخامسة.
وتهدف (فاو) مع منظمات الامم المتحدة المعنية في اطار لجنة الامن الغذائي إلى العمل على “تسريع وتيرة التقدم باتجاه ثاني اهداف التنمية المستدامة” المتمثل بالقضاء على الجوع وسوء التغذية والنظم الصحية باعتباره هدفا لا يمكن من دونه تحقيق باقي الاهداف التي التزمت بها دول العالم وتصبو اليها.
ويسلط الاحتفال بيوم الاغذية العالمي هذا العام مع اطلاق فعاليات في 150 بلدا تحت شعار (افعالنا هي مستقبلنا) الضوء على ضرورة توفير “نظم غذائية صحية من اجل القضاء على الجوع في العالم والعمل على اتاحتها في متناول الجميع بأسعار معقولة”.
وفي الوقت الذي تنبه فيه منظمة الاغذية والزراعة (فاو) وشركاؤها بمناسبة يوم الاغذية العالمي هذا العام الى التحديات والعوائق التي تواجه الجهود الدولية في القضاء على الجوع تجدد دعوتها من اجل اتخاذ اجراءات اسرع واكثر طموحا عبر مختلف القطاعات لتحقيق ثاني اهداف التنمية المستدامة.